رغم التدفقات المالية الدولارية المرتفعة التي تشهدها مصر منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، إلا أن جزءا منها يصنفه خبراء اقتصاد، على أنه أموال ساخنة، دخلت عن طريق المستثمرين الأجانب وقد تخرج سريعا. وقفز احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي فوق 36 مليار دولار بنهاية يوليو الماضي، وهو أعلى مستوى يسجله منذ ثورة يناير. ويوضح "مصراوي" في هذا التقرير ما هو المقصود بالأموال الساخنة؟ وما هي صورها؟ وكيف تؤثر على الاقتصاد؟ ما هي الأموال الساخنة؟ هي تدفقات مالية من خارج الدولة بغرض الاستثمار والاستفادة من وضع اقتصادي معين مثل تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة. ما هي صورتها؟ تدخل الأموال الساخنة في صورة استثمارات في أذون الخزانة أو السندات، وهي ادوات تقوم الحكومة بالاقتراض من خلالها، أو في أسهم الشركات المدرجة بالبورصة، للاستفادة من تدني سعر العملة المحلية مقابل الدولار أو ارتفاع الفائدة. وحاليا يستفيد المستثمرون الأجانب من السعر المرتفع للدولار في مصر، لأنه يمكنهم من الاستثمار في تحقيق مكاسب كبيرة من شراء أدوات الدين التي تقترض الحكومة من خلالها لسد العجز بين المصروفات والإيرادات. فإذا كان سعر "السند" الذي تطرحه الحكومة بجنيه واحد على سبيل المثال فإن الدولار الواحد يشتري نحو 18 سندا، أما إذا انخفض الدولار إلى 17 جنيها فإن عدد السندات التي يشتريها الدولار الواحد ستنخفض. وبلغت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المحلية خلال العام المالي الماضي 9.8 مليار دولار، منذ تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، وحتى نهاية مايو الماضي، بحسب ما قاله أحمد كوجك نائب وزير المالية، لوكالة رويترز. وقال كوجك، إن "استثمارات الأجانب في أذون الخزانة والسندات المحلية بلغت 1.250 مليار دولار خلال يونيو فقط، ونحو 9 مليارات دولار منذ التعويم"، وفقا لوكالة رويترز. كما أن الحكومة أسعار الفائدة المرتفعة التي تقدمها الحكومة على الأذون والأجانب تعتبر أيضا عاملا مغريا، للأجانب للاستثمار في أداوت الدين الحكومي. ما هي خطورة الأموال الساخنة على المؤشرات الاقتصادية؟ أطلق على هذه الأموال مصطلح "الأموال الساخنة" لأنها سريعة الخروج من السوق في حالة حدوث أي اضطراب في البلاد، مما يؤدي إلى عدم استقرار السوق. وتقول إيمان نجم، محللة الاقتصاد الكلي ببنك استثمار برايم، إن الأموال الساخنة استثمارات سريعة الخروج. ولا يمكنك تقييم الأوضاع الاقتصادية في أي بلد بناء على تدفقات الأموال الساخنة لأنها لا تعبر عن نمو اقتصادي حقيقي. وتوضح نجم مثلا لا يمكننا تقدير سعر الجنيه في الوقت الحالي أمام الدولار في ظل الأموال الساخنة، لأنه لن يعكس الحقيقة". هل تكون الأموال الساخنة مفيدة في بعض الأوقات؟ الأموال الساخنة ليست شرا مطلقا، لأنها تعتبر في بعض الأوقات وسيلة لجذب العملة الصعبة للبلاد، وتحقيق سيولة نقدية في الأجل القصير. وفي حالة مصر فإن هذه الأموال ساهمت في حل مشكلة نقص العملة الصعبة، وكبح السوق السوداء، واستقرار سعر الصرف، بعد تعويم الجنيه. كما أنها ساهمت في رواج الأسهم في البورصة، مع إقبال الأجانب على الشراء للاستفادة من رخص أسعارها بالعملة المحلية.