رغم نفي مجلس الوزراء إصابة الأسماك المصرية بفيروس "بلطي البحيرات"، ومن قبله نفي منظمة الفاو ووزارة الزراعة انتشار مرض بلطي البحيرات في مصر، مازالت تحذيرات عدة تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، من أكل الأسماك خصوصًا البلطي بحجة أنها تحمل أنواعا بعينها من الفيروسات تصيب الإنسان بالتسمم، وبظهور أعراض مثل القيئ والإسهال.
وتزامن بدء تلك التحذيرات مع قرار حظر استيراد السعودية للأسمال من مصر، اعتمادًا على تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" الصادر يوم 26 مايو الماضي، والذي سجل إصابة الأسماك في مصر بفيروس يُدعى TILAPIA LAKE VIRUS وهو فيروس يصيب أسماك البلطي دون غيرها.
وبجولة لعدسة "بوابة الأهرام" في أسواق السمك، لم تتأثر حركة البيع والشراء للأسماك بما يثار على "الفيسبوك".
وقال أحد تجار السمك، إنه يعمل في بيع السمك منذ 30 عامًا ولم تصادفه أو شكوى واحدة من تسمم السمك، لافتًا إلى أن كل ما يقال ليس صحيحًا.
وتعتبر أسماك البلطي هي سيدة أنواع الأسماك الأخرى على مائدة المصريين، والأرخص سعرًا أيضًا ويتوافر في الأسواق، لذا فإن أية معلومة تتعلق بإصابته بفيروس ستؤدي لا محالة إلى قلق وتراجع في مبيعاته.
ويشير طارق فهمي عضو شعبة الأسماك بالغرفة التجارية، إلى أن قرار السعودية منع استيراد الأسماك من مصر هي السبب الأساسي وراء تلك المخاوف، لافتًا إلى أن السبب وراء قرار حظرهم هو أن التبريد انقطع عن أحد "الكونترات"، ما أدى إلى فساد الأسماك ومن هنا جاء الرفض لاستلامها، مؤكدًا أن هذا أمر وارد ويحدث مع حركة الاستيراد والتصدير عمومًا في جميع أنحاء العالم.
ويضيف فهمي ، تعقيبًا على التحذيرات المنتشرة أيضًا حول سمك "الفيليه" المستورد، وإصابته بفيروسات تضر بصحة الإنسان، أن أي سمك يتم استيراده من الخارج يتم فحصه بشكل جيد ولا يتم السماح له بالدخول إلى الأسواق المصرية إلا إذا كان خاضعًا للمعايير الصحية، مشيرًا إلى أن أي سمك يتم استيراده من الخارج وارد أن يكون غير جيد الأهم الإشراف الصحي الجيد عليه قبل دخوله للأسواق.
وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أبريل الماضي، خلال كلمته بمؤتمر الشباب في مدينة الإسماعيلية، أن مصر قد أوقفت تصدير الأسماك للخارج بعد القفزة المحلية في أسعارها، وأضاف أن مصر كانت تصدر 40% طن سمك وخلال أول ثلاثة أشهر من عام 2017، وارتفعت نسبة التصدير إلى 120 ألف طن.
قرار السيسي بوقف تصدير السمك أدى إلى اعتدال أسعار الأسماك محليًا لتكون في متناول المواطن، الذي يعتمد بشكل كبير على الأسماك في غذائه، ولكن ومع انتشار الإشاعات والتحذيرات عبر "الفيسبوك" بوجود فيروس سام في أسماك البلطي، أدى إلى إحجام المواطنين عن الشراء بسبب خوفهم.
ولفت عضو شعبة الأسماك إلى أن مصر تستورد من كثير دول العالم، وأنه نتيجة لرفع رسوم الاستيراد، قد قل معدل الاستيراد من 40-20 %، في الوقت الذي ينخفض فيه الناتج المحلي من الأسماك نتيجة لتلوث البحيرات بالصرف الصحي والزراعي وعدم الاهتمام بتنمية الثروة السمكية في مصر، مؤكدًا على أن الشعبة تواصلت مع هيئة الثروة السمكية في هذا الملف ولكن دون أية استجابة منهم، ومؤكدًا أن مصر لديها كثير من البحيرات التي إذا تم الاهتمام بها لما احتاجت إلى استيراد الأسماك من الخارج ولفاض الإنتاج لتصديره.
ويصل إجمالي بحيرات مصر عموما من البلطي وأنواع أخرى من الأسماك نحو 170 ألفا و334 طنا سنويًا، حيث يصل إنتاج بحيرة البردويل إلى 4 آلاف و500 طن، وإجمالي إنتاج بحيرة إدكو 6 آلاف و700 طن، بينما يبلغ إنتاج بحيرة مريوط 12 ألفا و600 ألف، وإجمالي بحيرة قارون 1100 طن، وبحيرات التمساح والمرة إجمالي إنتاجهم 5 آلاف و400 طن.
ويقول الدكتور عاطف أحمد علي، رئيس قسم التفتيش على الأسماك واللحوم بمديرية الطب البيطري بقنا، إن هذا اللغط والتخوف من أسماك البلطي، أثيرت عقب تصريحات منظمة "الفاو" ومنع استيراد السعودية للأسماك المصرية، لافتًا إلى أن الفيروس الذي يصيب أسماك البلطي موجود من مئات السنين، وليس في مصر فقط بل في كافة أنحاء العالم.
ويضيف ، أن دول شرق وجنوب آسيا يأكلون الأسماك نيئة لذا هم الأكثر إصابة بهذا الفيروس ورغم ذلك فإن الأعراض لا تتعد سعال وآلام في الحنجرة يعتادون عليها، مؤكدًا أن هذا الفيروس يسبب نفوق الأسماك وأن المصريين معروفون باتباعهم قواعد الطهي للأسماك سواء القلي أو الشواء، وأن هذا الفيروس يموت عند درجة حرارة لا تتعد الـ 60 درجة مئوية.
ويشير وهو الخبير أيضًا في ملف تلوث مياه النيل إلى أن هناك علامات كثيرة يمكن أن نميز بها السمك الفاسد، وذلك بوجود قشور على الزعانف، أو تغير لون الخياشيم، وكذا تغير في الخواص كاللون والطعم والرائحة مؤكدًا على أن الإيحاء بالإصابة بأعراض التسمم عقب تناول الأسماك البلطي، هو السر وراء هلع المواطنين، راجيًا عدم تداول المعلومات وتناقلها دون إثبات أكيد وعلمي.