يحكي لنا الكبار عن دور وزارة الصحة قبل انكسار الدولة الإرادي الذي جري في الـ 40 سنة الماضية حيث يروون لنا كيف كان مكتب الصحة يستقبل البقالين في الأحياء المختلفة ويتم توقيع الكشف الطبي عليهم بشكل حقيقي وشامل وعلى جميع الأمراض التي يمكن أن تتسبب في أي عدوي.
 
كان البقال من هؤلاء يحصل على تصريح بالعمل في المهنة ويلزم القانون - أو كان يلزم القانون- أن يتم وضع هذه الشهادة في مكان بارز في مدخل المحل.. بشكل يراه الناس ليطمئنوا أن من يبيع لهم الجبن الأبيض والرومي والحلاوة الطحينية شخص سليم تماما ومؤهل طبيا للتعامل معهم.. ونتذكر بالفعل صور هذه الشهادات كانت معلقة على أبواب محال البقالة!
 
اليوم.. لم نزل نعاني من فوضي الـ 40 عاما تلك.. تسير الفوضي إلى اليوم بالعجلة الذاتية.. تبذل الرقابة الإدارية مجهودا جبارا في ذلك ضمن التكليفات الجديدة التي كلفت بها حتى أنها تواجه محاولات الفساد في ترتيب الحصول على علاج فيروس سي!! لكن فيما يبدو الفساد والإهمال أكبر ويحتاج إلى دعم الرقابة بكل الطرق الممكنة حتى أننا نحتاج فيما يبدو إلى مكاتب لها في الأحياء وليس في المحافظات فقط!
 
غزل توفيت رحمها الله.. وتركت زوجها وأسرتها.. لكنها كشفت وتركت لنا إهمالا لم يسبق له مثيل.. وزارة الصحة تستيقظ على مستشفيات بلا تراخيص.. ومستشفيات مرخصة بلا أي تجهيزات تتصل بتخصصها الأساسي.. ولا نعرف أين كانت الوزارة وأين كانت المحافظة وأجهزتها ومبني يفتتح كمستشفي بيافطة كبيرة وسيارات تتبعه وأطباء داخلون خارجون ومرضي بالمئات يترددون كل يوم دون ترخيص بالعمل ودون أي تجهيزات طبية تتطلبها أي مستشفى كي ينطبق عليها وصف "مستشفى"!
 
محاسبة المسئولين بوزارة الصحة ومديرية صحة الجيزة تحديدا.. وليس المتهمين فقط في حادث وفاة غزل.. عسي ـ وعدد من موظفيها يحاكمون ـ أن تطلق الوزارة حملة لإغلاق كل هذه البنايات التي تزعم أنها مؤسسات طبية وقبل أن نستقبل حادث جديد يكشف عورات جديدة بأداء مهنة الطب في مصر!