"مش عايزه أحس بحاجة".. كلمات قالتها الراقصة غزل، لطبيبة نساء وتوليد في مركز طبي متخصص، قبل إجراء عملية جراحية، ولم تكن تتخيل أنها ستكون سبب نهاية حياتها، داخل المستشفى وسط اتهام الفريق الطبي المعالج لها بالإهمال والتسبب في وفاتها. على بعد أمتار من المركز الطبي الذي تم غلقه من قبل النيابة العامة وتعيين حراسة عليه بعد وفاة الراقصة غزل، عمارة مكونة من 5 طوابق، تجلس السيدة "أم عبدو"، 44 عاما، بصحبة زوجها وأولادها، تروى لمصراوي تفاصيل الواقعة، وهي تشير إلى الطابق الثالث، "غزل كانت ساكنه هنا وهي أحسن الناس وعمرها ما عاملتني وحش". الساعة تشير إلى التاسعة مساء الأربعاء عادت "غزل" من عملها، على غير المعتاد بعدما شعرت بآلام شديدة في البطن، "بطني بتتقطع يا أم عبدو"، تتذكر السيدة الأربعينية ما حدث قبل أن تكمل، صعدت إلى شقتها وبعد مرور ساعة تقريبًا، اصطحبت الفنانة زوجها لمستشفى خاص يبعد عن المنزل بأمتار؛ للاطمئنان عليها. لم تكن غزل تشتكي من أي مرض، بينما كانت بصحة جيدة، حسب رواية خادمتها، ولكنها أصيبت بنزيف عقب عملها، نتيجة لتحركها الكثير، وصل الزوج بصحبة غزل للمستشفى فأخبرتهم الطبيبة المتواجدة بوفاة الجنين، ويجب إجراء عملية تنظيف للرحم "كحت"، وإدخالها لغرفة العمليات فورًا . " متقلقيش 10 دقايق وتبقي كويسه".. كلمات حاولت بها الطبيبة التي أجرت العملية الجراحية، طمأنة الضحية وزوجها، قبل أن تطلب تجهيز غرفة العمليات.. و قبل دخول غرفة العمليات بدقائق طلبت "غزل" من "أم عبدو" عدم تركها وظلت تتحدث معها كأنها لحظة الوداع "هتوحشوني أوي.. خلو بالكم من نفسكم". بوجه شاحب وملامح تظهر عليها علامات الحزن، وعيون ممتلئة بالدموع نظرت غزل نحو زوجها، تشتكي من خوفها لإجراء العملية ليرد: "ما تخافيش يا حببتي هي كلها دقايق وهتكوني كويسه ومعانا"، وقفت غزل لعدة دقائق ثم توجهت نحو غرفة العمليات وأثناء نومها سألت الطبيبة "هتدوني بنج"، لتجاوبها :"هتاخدي بنج نصفي"، لترد غزل :"لا أديني بنج كلي أنا مش عايزه أحس بحاجة خالص". تضيف أم عبدو: "بعد مرور ساعة ونصف نقل العمال المتواجدين بالمكان الفنانة غزل على "ترولي" لوضعها في غرفة مجاورة لإفاقتها"، وهمت السيدة الأربعينية نحو الطبيبة للاطمئنان على غزل، مطالبة الدخول عليها، وفور دخول "أم عبدو" غرفة العمليات وجدت الراقصة غزل عيناها جاحظتان يصاحبها احمرار، وشفتاها "مزرقة" ومضمومتان، ويدها كالثلج، فأخبرت زوج الضحية الذي أسرع بإبلاغ الطبيبة، لكنها طمأنته، وطلبت إحضار أدوية من الصيدلية المجاورة للمستشفى. فور دخول الطبيبة من أجل متابعة حالة غزل، هرولت نحو باب الخروج، فأسرعت بإبلاغ "أستاذ عمرو" الذي ذهب خلفها وتمكن من ضبطها أمام موقف التجنيد أثناء محاولتها الهرب.. وتقول "أم عبدو" إن الزوج عاد بالطبيبة من أجل إنقاذ زوجته، وبعد محاولات عديدة لإفاقة المجني عليها، والتي باءت كلها بالفشل، أخذت الطبيبة تبرر موقفها بأن الضحية هي التي طلب تخديرها كليا "قالتلي مش عايزه أحس بحاجة". وتتذكر السيدة الأربعينية لحظة استقبال الراقصة غزل بصحبة وأسرتها وطفلها أدهم الذي يبلغ من العمر 4 سنوات، قائلة "جت المنطقة منذ 6 أشهر، وما شوفناش منها حاجه وحشة"، ليستكمل خيط الحديث نجلها قائلا: "ست غزل من أحسن الناس في المنطقة أكرم واحده هنا وعمر ما لسانها قال العيبة، كانت دايما بالحجاب وعمري ما حسيت انها شغاله رقاصة". وكانت النيابة العامة برئاسة المستشار أحمد عطية، رئيس النيابة، قررت إخلاء سبيل "أميرة. م" طبيبة بمستشفى خاص بهضبة الأهرام بكفالة 20 ألف جنيه، ومدير المستشفى و3 ممرضات بضمان محل إقامتهم على ذمة التحقيق بقضية اتهامهم بالإهمال الطبي والتسبب في وفاة الراقصة غزل. كما أمرت النيابة بإرسال متحفظات الإجهاض إلى مصلحة الطبي الشرعي، وتشكيل لجنة من وزارة الصحة للانتقال إلى المركز الطبي محل الواقعة لبيان صحة التراخيص وسلامة المكان والأجهزة.