حكايات عفيفي
قلت له : طلعت بعبد الناصر السما .. وقلبت عليه 180 درجة في " شفيقة متولي " .. فبص لرفيق عمره وسأله : مين ده ياشيخ سيد؟
احمد عفيفي يتذكر : صلاح جاهين قال لي .. انا غلطان .. أقوم أحب على راسك؟!!
في سنة 81 كنت بشتغل في مكتب جريدة الشرق الاوسط في القاهرة مع عماد اديب " كان مدير المكتب وقتها " .. وكتبت يومها مقال عنوانه " الرصاصة لاتزال في مترو !! " .. كنت بتريق على بقاء فيلم " الرصاصة لاتزال في جيبي " اللي قعد في سينما مترو اسابيع كتيرة بالأمر المباشر " من فوق " .. حتى لو قاعة السينما فيها نفرين .. برضه الفيلم يشتغل .. المهم .. تاني يوم لقيت كاريكاتير للعملاق الكبير الاستاذ صلاح جاهين في الاهرام راسم اتنين ماشيين جنب السينما والاول بيقول لصاحبه وهو بيبص على الأفيش : يانهار اسود .. هى الرصاصة لاتزال في مترو؟!.
طبعا مش مجنون أنا ولا معتوه عشان اقول ان صلاح جاهين سرق مني العنوان ، مجرد توارد خواطر ليس إلا .. وانا فاكر كنت مع عماد اديب في مكتب الشرق الاوسط في شارع جزيرة العرب بالمهندسين وكان معانا زميل دفعتنا عمرو عبد السميع " صحفي محترم حاليا في الاهرام " ، فلقيته بيقوللي : ايوه ياعم .. صلاح جاهين بيغش منك .. شفت الكاريكاتير بتاعه النهارده ؟ .. وقعدنا نضحك وقلت : يا أخي انا نفسي أقابل الراجل ده .. حاسس اني ممكن اعمل معاه حوار قنبلة ، رد عمرو : انسى .. مبيتكلمش خالص مع حد ، واذا اتكلم ، تعد كلماته على صوابع ايديك .. راح عماد اديب دخل في الحوار وقاللي : سيبك دلوقتي من صلاح جاهين .. طالبين مني في السعودية حوار كبير مع سيد مكاوي لمجلة " المجلة " .. أدي تليفونه .. كلمه وخد معاه ميعاد.
نهار ابيض .. سيد مكاوي .. بتاع يامسهرني واوقاتي بتحلو والليلة الكبيرة ؟ .. كان ساكن في شارع طنطا في العجوزة .. رحت له " وحكايتي معاه حدوتة تانية حاحكيها بعدين " .. ورحنا ناخد وندي في الكلام لحد ماقلت له : انت ليه ملحنتش أغاني الثورة اللي كتبها صلاح جاهين وغناها عبد الحليم ؟ .. فرد ردا أضحكني : أعوذ بالله ياراجل .. وانا برضه وش ذلك.. وتناقشنا كتير في الموضوع ده لحد ماقاللي : على فكرة ابو صلاح جي دلوقتي هنا .. اتكلم معاه وعايزك تنكشه في الكلام ..
ابو صلاح مين ؟ .. بسأل بجد
رد : صلاح جاهين ..
فعلا ياشيخ سيد ؟
ايوه والله .. ع الوصول.
****************************
( 2 )
أما حتة صدفة .. انا والشيخ سيد مكاوي وصلاح جاهين في جلسة واحدة
ايه الشرف ده يا استاذ صلاح .. انا محظوظ النهارده .. قاعد مع عملاقين من عمالقة الفن والكلمة والموسيقى.
بنظرة فاحصة من تحت نظارته : أهلا وسهلا .
الشيخ سيد قاله .. ده ابننا احمد .. صحفي.
بنفس النظرة : يا اهلا .
قلت له : حلو اوي كاريكاتير حضرتك في الاهرام بتاع الرصاصة .. انا كتبت نفس العنوان في مقال .. وسعيد اوي اني اوصل للي في دماغ حضرتك في نفس الوقت.
رد : هو انت ؟ .. عمرو عبد السميع قابليني في الاسانسير وقاللي .. حلوة .. دماغك حلوة.
بتردد قلت له : مش ممكن تيجيني فرصة اقعد مع حضرتك ومطلعش بحديث كبير.
رد : بعدين .. مش دلوقتي.
كأني مسمعتوش : عايز اسألك عن عبد الناصر واغانيك عنه ..
فرد : تقصد عن الثورة .
بجرأة مش عارف جاتني منين قلت : لأ .. عنه هو مش عن الثورة.
فبص لسيد مكاوي وسأله : مين ده ياشيخ سيد ؟
سيد مكاوي وهو بيضحك : ما ترد عليه يابو الصلح.
فعدل قعدته وسألني : عايز ايه ياجدع انت؟
فقلت : انا كنت منبهر بكل أغانيك عن الثورة .. بس مستغرب .. ايه المغالاة دي كلها في تمجيد عبد الناصر ..
رد : تمجيده ازاى يعني .. عملت له تمثال مثلا؟
***********************************
( 3 )
قلت : اكتر .. حضرتك في " صورة صورة " كنت ماشي كويس اوي في البداية .. " وبعيد عن العين لكن في الصورة اوضح ناس .. ناس تحت حر الجبال والقلب كله حماس .. بتفجر الرمل انهار من دهب اسود .. وناس بتكسيه بخضرة .. وكل لون له ناس .... وبعدين .. واساتذة وعلما ومعامل ودكاتره من الشعب العامل ورجال سكره على مكاتبها تخدم بالروح لما تعامل .. جميل اوي انك تتكلم عن الناس .. ليه " حوّدت " مرة واحدة في نفس الأغنية على عبد الناصر وقلت : ناصر واحنا كلنا حواليه .. وعيون الدنيا عليه والنصر بيسعى اليه والشعب دليله والهامه. .. قربوا من فكره واحلامه ياللي عليكم كل كلامه في الصورة شايفكم قدامه قيادات شعبية قلتم ايه.
وبعدين رحت مكمل : اى قيادات شعبية .. الا مافي قيادة واحدة شفناها من بعده تبل الريق؟
حسيت انه اتغاظ مني وبدون مزح بص لسيد مكاوي وسأله للمرة التانية : مين ده ياشيخ سيد؟
************************************

( 4 )
ماتسقينا حاجة يابو السيد .. الجدع ده نشف ريقي!
قلت له : انا اسف .. لو مضايق حضرتك ممكن اسكت.
رد : انت مستفز شوية .. بس كلامك عاجبني . .. شوف بقى يا اخ احمد .. مش حانكر اني كنت بحب عبد الناصر وبعشقه كمان ، زيي زي ملايين كتير .. فلو جي تحاكمني .. حاكم الشعب كله.
رديت : لا يا استاذ صلاح .. هناك فرق .. انت فنان كبير ومؤثر وكلمتك مسموعة خاصة لو غناها عبد الحليم .. فتأثيرك رهيب على المتلقي .. فرق كبير بين واحد بيحب عبد الناصر بالسليقة وهو قاعد في أوضته جنب عياله ومراته .. وواحد زي حضرتك بيحبّب الناس فيه - عن عمد - من كتر الغزل والتغزل. وياريت كان الكلام ده على حق .. الا بالعكس .. حضرتك كتبت يا اهلا بالمعارك وبعدها بسنتين .. اخدنا قلم ما اخدهوش " حمار في مطلع" .. هزيمة كسرت ضهرنا كلنا .. وانت كاتب : ملايين الشعب تدق الكعب تقول كلنا جاهزين .. يا اهلا بالمعارك .. وعبد الناصر يقول على كل باب في الميثاق مصباح بيهدينا ، نشوف جهادنا العظيم على فين مودينا .. واطلب تلاقي 30 مليون فدائي .. وقول مابدالك احنا رجالك ودراعك اليمين .. انا مستغرب جدا .. هو لازم عبد الناصر هو اللي يقول .. حتى في " بلدي يابلدي " نفس النهج والتطبيل والتزمير .
قام رد كأنه بيبرأ نفسه من تهمة : عندك .. مش انا اللي كاتب بلدي يابلدي ..
قلت : ما انا عارف.. مرسي جميل عزيز .. بس ماشي على نفس الخط كأنك قلت له يكتب ايه .. " ابو خالد نوارة بلدي " .. وابو خالد ومعاه ابطالنا ضحوا وصنعوا الثورة عشّنا " زي حضرتك بالضبط في " دي مسؤولية " كنت بتتكلم عن بتوع مجلس الشعب " آديك اهو خدت العضوية .. وصبحت في اللجنة الاساسية .. أبو زيد زمانك وحصانك الكلمة والخدمة الوطنية .. ودي مسؤولية " .. بعدين وبدون مناسبة لقيتك بتقول : " ريسنا ملاح ومعدّينا .. عامل وفلاح من آهالينا .. ومنا فينا الموج والموكب .. والصحبة والريس والزينة" .
.. هنا لقيت الشيخ سيد كاتم ضحكته وهو بيقول : مين ده يابو صلاح ؟
*********************************

( 5 )
ضحك جاهين ورد : مجايبك يابو السيد .. انا ايه اللي جابني عندك النهارده.
وبص لي وقاللي : إجري طلع أم كلثوم من تربتها وحاكمها ، مش غنت ياجمال يامثال الوطنية ؟
ماهو واضح ان المنظومة كلها كانت غلط .. وبعدين أم كلثوم مطربة كبيرة طبعا .. بس المطربين عامة مستوى ثقافتهم الى حد ما متواضع .. واللي كتب على ما أظن بيرم التونسي .. يمكن كتبها لغرض ما في نفسه ، بما انه مكنش مصري وحيموت وياخد الجنسية.
انا بتكلم وعمنا صلاح زي اللي عايز يوصل لي رسالة ، انه مش مهتم باللي بقوله .. بس فوجئت به بيقول لي : خلاص .. انا غلطان .. تحب اقوم أحب على راسك.
الشيخ سيد قال : جيل جديد ياعم صلاح .. دماغه واعية وميضحكش عليه.
قام صلاح جاهين سألني : انت شفت " شفيقة ومتولي " ؟
قلت : كويس انك جبت سيرة الفيلم ده .. حضرتك قلبت كيانه .. انا شخصيا اتصدمت لما دخلت السينما وفاكر انه كان في سينما راديو .. ويادوبك يجي 50 واحد في الصالة كلها ونصهم خرج قبل الفيلم مايخلص .. والفيلم عموما مكملش اسبوع واتشال.
رد : لأنه كان مفاجأة للناس .. داخلين يشوفوا الحدوتة المعروفة واللي كانت مكسّرة الدنيا في الاذاعة .. لقوا حاجة تانية خالص .. بس مظنش انها كانت حاجة وحشة.
قلت : انا اضطريت أكمل الفيلم للأخر بحكم اني صحفي ومهتم .. ولولا اغنية " بانوا بانوا " اللي حضرتك كتبتها .. مكنش المعنى اللي انت عايزه من الفيلم كله وصلني.
سألني : وعجبتك بانوا بانوا يا فصيح؟
رديت : طبعا .. لولاها .. مكنش يبقى فيه فيلم .. ومتهيألي .. خلّصت تارك من عبد الناصر ، او زي مابيقولوا صلّحت غلطتك.
وهو بيضحك : أه صلّحت غلطتي واتجوزته!!
ثم بلؤم كأنه يختبرني : بس عايز اسألك .. مال عبد الناصر و" بانوا بانوا " ؟
فضحك الشيخ سيد : يابو الصلح .. متحيرش الراجل.
رديت : مش قلت عنه .. جربنا الحلو المتعايق ابو دم خفيف .. وبقينا معاه إخوة شقايق فاكرينه شريف .. أتاريه مش كده على طول الخط .. الطبع الردي من جواه نط .. خلاص بقى مهما اتشال واتحط .. مفيش دمعة حزن عشانه .. بانوا ايوه بانوا..
خلصت مقطع الاغنية وقلت له : قلبت جامد يا استاذ صلاح على عبد الناصر .. 180 درجة.
رد : ياعم انا بتكلم عن " دياب " محمود عبد العزيز في الفيلم .. الواد الحليوه المتعايق.
ضحكت وقلت : طيب : وعرفنا سيد الرجال .. عرفنا عين الاعيان .. من بره شهامة وأصالة تشوفه تقول اعظم انسان .. انما من جوه ياعيني عليه .. بيّاع ويبيع حتى والديه.
رد وهو بيضحكك بصوت عالي : دي بقى على احمد مظهر في الفيلم برضه .. مش اللي في بالك .
***********************************
( 6 )
سألته والسؤال صدمه : ندمان يا استاذ صلاح؟
رد وكان جد في كلامه : محدش فينا نبي .. الانبياء نفسهم بيغلطوا .. احنا كنا شايفينه بقلوبنا .. لحد ماكسر بنفسه قلوبنا وقلوب كل المصريين.
صدمته بسؤال تاني : مين اللي قتل " شفيقة " يا استاذ صلاح؟
بص لسيد مكاوي وقاله : رد انت ياشيخ سيد.
ضحك عمنا الشيخ سيد ورد : والله ما انا .
سألته تاني : لا صحيح .. مين اللي قتل شفيقة؟
رد : انت عايز الحق ولا ابن عمه؟
قلت : في دي بالذات أفضل ابن عمه .. لان الحق حيزّعلنا ويوجعنا أوي!
رد : خلاص .. أديك جاوبت!
........ وانا ماشي قاللي : اسمع ياض يا احمد ..
بمنتهى الادب قلت : نعم يا استاذ .
فقال وهو شادد على ايدي جامد : انت حتبقى صحفي كويس .. عجباّني جرأتك وشخصيتك المستفزة .. لدرجة انك فعلا ضايقتني .
قلت : انا اسف يا استاذ .. أصلي بحبك اوي .. عشان كده كنت مصدوم أوي.
فرد : خلاص بقى اتكل على الله .. وهو بيبص لسيد مكاوي وحيموت م الضحك : مين ده ياشيخ سيد؟!
*****************************
" ملحوظة : وكأنها قاعدة أرساها زمان صلاح جاهين وعبد الحليم وغيرهم كتير .. ولسه مرسيّة ومتستّتة لحد دلوقتي .. صحيح محدش حط اسم السيسي في أغنية .. بس الغُنا التاني أشد مرارة .. اقصد طبعا الإعلام ومذيعين القنوات الفضائية والصحفيين اللي بتلات قروش .. كلهم بيغنوا للزعيم الأوحد .. بس المشكلة ان صوتهم وريحتهم وحشة .. وزي ماكان جاهين كاتب عبد الناصر يقول .. عبد الناصر يقول .. فدلوقتي نفس النغمة .. زي نغمة عتريس في شىء من الخوف .. محدش يتنّيلي كلمة .. اللي اقوله يمشي ع الكل .. وكلنا عارفين نهايته كان شكلها ايه .. أنا كده خلصت كلامي .. حد له شوق يقول حاجة؟"