كاد قلب الأب "أيمن" أن ينخلع بعد أن ورده اتصالا من زوجته، أثناء عمله بالسباكة "ألحق الواد اتخنق من الغاز المسيل للدموع.. وهيموت م الخنقة"، ترك الرجل عمله على الفور، وذهب ينقذ فلذة كبده.
 
قرابة الساعة قضاها الأب في الطريق إلى معدية الوراق، حيث يسكن هو وزوجته منذ سنوات، ويرعى بنتين وطفل صغير، "محمود أيمن"، عمره سنة و4 أشهر، ويجعله على مسافة من الاشتباكات الدائرة صباح اليوم.
 
واستيقظ الأهالي صباح اليوم الأحد على دخول قوات الأمن من معدية نقل المعدات، وذلك لإزالة المنازل المخالفة بالجزيرة، وسط حالة من الكر والفر من الأهالي اللذين رفضوا الإزالة والأمن. قرابة 100 متر هي المسافة بين منزل الطفل والاشتباكات الدائرة، "الأمن كان بيرمي قنابل الغاز عشوائي".
 
 يروي الأب ما ذكرته الأم له، إذ لم يستطع رؤية ما حدث، حتى سقطت قنبلة غاز مسيل للدموع في مدخل منزله، وهو مقيم بالدور الأرضي، ليصاب الطفل باختناق. خط ذو حمرة في منتصف صدر الصبي، تشير إلى عملية قلب مفتوح، أتمها الصغير في العاشر من رمضان الماضي، والتي زادت من حدة وخطر الاختناقات، عقب الغاز المسيل للدموع، هلعت الأم به لتخرج إلى المعدية، في الطريق لأقرب مستشفى "مفيش أي وحدة أو مستشفى في قلب الجزيرة"، يقول الأب.
 
على مدار الساعتين، كان الطفل الصغير بين الحياة والموت، إذ توقفت الأم بصبيها أمام قوات الأمن، التي منعت خروج أي شخص من الجزيرة خلال الاشتباكات، لكنها لم تمنع دخول أي شخص، ومنه الأب، الذي حاول مع الأم إفاقة الصبي "غسلنا وشه بالمية، وحميناه، وإحنا إيدينا على قلبنا"، فيما كانت تدور بنفس الوقت الاشتباكات بالجزيرة.
 
علم الأب الأربعيني حالة "الشدة الأمنية" من قبل أن يضع قدمه على أرض الجزيرة، "حوالي 100 فرد أمن وعربيات مصفحة ومدرعات"، يردف الأب، مفسرا أنه ليس حجم قوات الأمن الذي اعتاد على رؤيته مسبقا، "فيه ناس كتير اتضربت هنا بالخرطوش"، بتابع الأب.
 
وكانت وزارة الداخلية ذكرت في بيان رسمي اليوم الأحد أن الحملة المكبرة لإزالة التعديات بجزيرة الوراق، وأن الأهالي قاموا بالتعدي على القوات لإطلاق الأعيرة بالخرطوش والحجارة، بحسب وصف البيان، مما دفع القوات لإطلاق الغازات المسيلة للدموع لتفريق المجتمعين، والسيطرة على الموقف.
 
استقرت حالة الصغير الآن ، بعد غسله بالمياه، وحصوله على دواء القلب، فيما تظل جزيرة "بين البحرين" بالوراق على صفيح ساخن، حتى اللحظة، توفى أحد المواطنين جراء الاشتباكات، وإصابة 19 شخصًا، بحسب بيان الصحة، و31 شرطيا بحسب بيان للداخلية، بكدمات وجروح وطلقات خرطوش، لا يملك الأب الساكن هناك سوى دعاء يتردد "ربنا يسترها".