هزت قضية تجارة الأعضاء البشرية الرأي العام المصري، وكشفت كواليس التحقيقات عن مفاجآت صادمة، بينها تورط مسؤولين في سفارتين عربيتين، أحدهما في بعثة خليجية، فضلاً عن أطباء مشاهير وأساتذة جامعات وسماسرة وتجار وممرضين ومستشفيات ومعامل طبية معروفة.

القضية التي أُعلن عنها، بداية مطلع العام الحالي، واستمرت التحقيقات فيها نحو 6 أشهر لا يزال المجتمع المصري تحت صدمتها، خصوصاً بعدما أمر النائب العام المصري بإحالة 41 متهماً على المحاكمة الجنائية، بتهم ارتكاب جرائم نقل وزراعة الأعضاء البشرية بالمخالفة للقانون والاتجار بالبشر.

ونظراً لضخامة القضية، طالب نواب في البرلمان المصري، بإعداد تشريع جديد يتم فيه تغليظ العقوبة على كل من يتاجر بأعضاء الفقراء وأجسادهم.

وقالت مصادر قضائية لـ «الراي» إن «التحقيقات كشفت أن المبالغ التي تحصل عليها المتهمون نحو 20 مليون جنيه خلال أشهر فقط».

وكشفت المصادر عن كواليس أجزاء من تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا، ومن بينها التحقيق مع المتهم م. ح، وهو مساعد أخصائي جراحة المسالك البولية في المعهد القومي للكلى، معهد حكومي، واعترف بأنه اتفق مع مرضى من جنسيات عربية يدعون: ر. ب، و خ. ب، و ف.أ، و ز. ح، و ف. ب، على الحصول على 535 ألف دولار من كل واحد، مقابل شراء كلى لهم من آخرين مصريين، وإخضاعهم لعملية زراعة الكلى المشتراة في أحد المستشفيات الخاصة في حلوان، جنوب القاهرة، ومركز للجراحات العامة في الهرم، في الجيزة.

واعترف المتهم بإجراء تحاليل تطابق الأنسجة بينهم وبين المصريين: س. ع، وم. س، وج. م، و ر. ك، و م. ع، ور. ع، و ص. ح، في معمل تحاليل شهير في القاهرة.

وقال متهم آخر في التحقيقات، إنه اتفق نظير 65 ألف دولار مع مريض أجنبي الجنسية يدعى م. ع على شراء كلى له من آخر مصري، وإخضاعه لعملية زراعة الكلى المشتراة في أحد المستشفيات غير المرخص لها، بعد التأكد من التوافق الطبي بينهما، وتم إجراء تحاليل تطابق الأنسجة بينه وبين المصريين أ. س، وم. ع.

وذكرت مصادر قضائية، أن المتهمين الأول والثالث والثلاثين والرابع والثلاثين في قائمة المحالين على محكمة الجنايات، زوّروا في محررات، عبارة عن تقارير طبية وفواتير خاصة بعمليات زراعة الكلى الخاصة بالمرضى الأجانب، واستخدموا أختاماً مزوّرة صادرة من مستشفى معروف في القاهرة، وأثبت أن المرضى الأجانب دخلوا هذا المستشفى وأجريت لهم عملية زارعة كلى كلفتها 120 ألف دولار لكل مريض، على أن هذه المستشفيات مصرح لها، بهذه الجراحات، ولكن في الحقيقة أجريت في مستشفيات أخرى غير مصرح لها.

ومن المفاجآت في التحقيقات، والتي وصفت بجريمة بشعة، وجود أحد التقارير، الذي أثبت أن عملية زراعة الكلى تمت من مريض متوفى دماغياً، حتى يتم تسهيل إجراء الجراحة، على خلاف الحقيقة لأنها تمت من منقول منه حي، حتى يتم إسباغ المشروعية على عمليات زراعة الكلى، وهو اتجار خاص بالبشر.

وكشفت التحقيقات أيضاً أن المتهم س. م بصفته مسؤول الشؤون الطبية بإحدى السفارات العربية غير الخليجية في القاهرة توسط في ارتكاب الجرائم، بأن جلب المريضين س. م، وع. م، للمتهمين، وإجراء عمليات زراعة كلى لهما نقلاً عن مصريين في غير المنشآت المرخص لها.

وقالت المصادر القضائية، إن أوراق التحقيقات مع المتهم خ. م بصفته مسؤول الشؤون الطبية بإحدى السفارات الخليجية في القاهرة، كشفت عن تورطه في الاتفاق لشراء الكلى، بعد جلب المرضى الراغبين فى إجراء عمليات الزراعة بالمخالفة للقانون.

النائب العام المصري، كان أمر بإحالة 41 متهماً فى قضية الشبكة لتجارة الأعضاء البشرية، أبرزهم: مساعد أخصائي جراحة مسالك بالمعهد القومي للكلى والمسالك البولية، مدرس التخدير والعناية المركزة في كلية الطب «بنين» في جامعة الأزهر، مدرس طبيب أمراض قلب ورعاية مركزة، مدرس جراحة في كلية طب القصر العيني في جامعة القاهرة، أخصائي مسالك بولية وطبيب حر بالهيئة العامة للتأمين الصحي، مدرس بكلية الطب جامعة عين شمس قسم جراحة الأوعية الدموية وطبيب مسالك بولية بمستشفيات جامعة عين شمس.

ومن المتهمين الهاربين مسؤول الشؤون الطبية في السفارة الخليجية وممرض بالصحة النفسية بالخانكة وأخصائي تحاليل طبية بالشركة المصرية لخدمات الدم.

وقالت مصادر رقابية لـ «الراي»، إنه تم استهداف 3 مستشفيات في المهندسين والهرم بالجيزة، وكشفت أن العمليات التي كان سيتم إجراؤها هي عمليات زرع كلى، وأن المتبرعين من الشباب المصريين والمرضى من العرب.