لم تكن الدكتورة "إيلست مطاوع" تعلم بأن الطفلة "سميحة" التى عثرت عليها بالقرب من بوابات حدائق قصر المنتزه ستكون نقطة تحول فى حياتها، وبعد نحو 9 أشهر سوف ستصبح الدار التي ساقها القدر إليها فى تلك الليلة حديث وسائل الإعلام. فى تمام الساعة الخامسة مساءً، وبينما الشمس تقترب من المغيب، سارت "إليست" بخطوات متسارعة فى الشارع المواجه لبوابات حدائق قصر المنتزه التاريخية، قبل أن تتوقف فجأة لسؤال طفلة يتجاوز عمرها العاشرة عن سبب تواجدها فى الشارع بمفردها. كلمات غير مفهومة رددتها "سمحية" أيقنت منها الدكتورة "اليست" أن الطفلة تعاني من مشكلات عقلية إلا أن ذلك لم يمنعها من اصطحابها إلى قسم شرطة المنتزه ثان الذي طلب منها بقاء الطفل معها لحين عرضها على النيابة العامة لتصدر قراراها بإيداعها دار أيتام. "من هنا بدأت معرفتي بالحاجة سعاد رئيس مجلس إدارة جمعية العمر الذهبى".. تقول إليست مطاوع، مدير دار الأيتام التابعة لجمعية "العمر الذهبي" والتي أغلقتها مديرية التضامن الإجتماعى فى الإسكندرية، منذ أيام، لإيوائها أيتام بدون وجه حق وبدون سندة قانونى داخل شقتين بعقار بمنطقة المندرة. وأضافت "إليست" أنها لم تجد مكانًا لمبيت الطفلة لحين عرضها على النيابة قبل أن يرشدها أمين شرطة إلى سيدة عُرف عنها أعمال الخير تدعى "الحاجة سعاد" والتي قبلت استضافة الطفلة فى منزلها لحين تسليمها للنيابة فلم تكن وقتها افتتحت دار الأيتام. "فى يوم 23 سبتمبر الماضى وبعد قيام الحاجة سعاد بإشهار جمعية العمر الذهبي برقم 2924 لسنه 2012.. تلقينا اتصال من قسم شرطة المنتزه ثان يطلب الإطلاع على أوراق الجمعية ولائحتها لتسليمنا طفلة رضيعة فى حالة سيئة وبدأ من بعدها يسلمنا أطفال آخرين بمحاضر رسمية". وتابعت اليست في تصريحات لـ"مصراوي":"نفس الأمر تكرر مع قسم شرطة الأحداث اللى سلمنا أول طفل اسمه محمد بعد الاطلاع على أوراق الجمعية.. وبعد كده الطفل رجع لأسرته مرة أخرى بعد إحضارهم شهادة ميلاده عن طريق القسم بمحضر تسليم وتسلم". "كل الأطفال تسلمناهم عن طريق قسم المنتزه وشرطة الأحداث ولا يوجد طفل فى الدار بدون محضر تسليم وأوراق رسمية نحتفظ بنسخة منها.. ولو ورقنا مش سليم كان بيسلمونا الأطفال ليه؟ تساءلت "اليست"، قائلة:"إحنا اتظلمنا بعد ما احسنا تربية الأطفال نفسى أعرف غلطنا فى أيه.. دول بيقول علينا بنتاجر فى الأعضاء.. حرام دول ولادنا". "أنا بعترف أننا غلطانين وجهلاء بالقانون.. بس أنتوا دمرتوا الأطفال .. دول كانوا عايشين فى بيت عيلة مش دار أيتام وبابنا كان مفتوح .. إحنا فى بيوتنا وجاهزين للمثول أمام النيابة والتحقيق معنا".. مؤكدة أنهم لم يحصلوا على أى تبرعات نقدية لصالح الجمعية، قائلة:" ما بنقبلش غير أطعمة أو أدوية أو ملابس فقط". ودافعت مديرة الدار عن الحاجة سعاد رئيس مجلس إدارة الجمعية، مشيرة إلى أنها أنشئت الجمعية لتعويضها عن حرمانها من أطفالها الخمسة"3 أولاد وبنتين" بعدما أخذهم زوجها الأول وسافر بهم خارج البلاد، قبل أن ترزق ببنتين من زوجها الثانى، قائلة:" حسبى الله ونعم الوكيل فى صاحب الشكوى ضدنا .. ظلم الأطفال وظلمنا". واختتمت مديرة الدار حديثها لـ"مصراوي" مؤكدة أنها ورئيس الجمعية قامتا بزيارة الأطفال فى دور الرعاية التي نقلوا إليها بعد إغلاق الجمعية للاطمئنان عليهم إلا أنها وجدتهم فى حالة سيئة، قائلة:"بكوا كتير وقالولى خدينا معاكى ياماما هما بيقولولى يا ماما وبيسموا الحاجة سعاد تيتة". وكان محمد كمال الدين، مدير مديرية التضامن الاجتماعي بالإسكندرية، قال إن إدارة الأسرة والطفولة بالمديرية تلقت اتصال هاتفى يفيد وجود دار أيتام غير مرخصة فى منطقة المندرة، وتم النزول الفورى لفريق التدخل السريع ومديري إداراتى الأسرة والطفولة والدفاع إلى العنوان المذكور. وأضاف وكيل الوزارة أنه تبين أن المكان يخص جمعية "العمر الذهبى" والمشهرة برقم 2924 لسنه 2012 والتى يرأس مجلس إدارتها "سعاد.ع.ح" وتخضع لاشراف سيدتين إحدهما تدعى "د. اليست" ويمارسون عملهم فى إيواء الأطفال منذ حوالى ثمانية أشهر بدون سند قانونى لممارسة نشاط إيواء الأطفال. تم تسليم الأطفال لدور رعاية مرخصة وأمرت نيابة المنتزه ثان بضبط وإحضار القائمين على الدار، وإجراء تحريات المباحث حول الواقعة للوقوف على ظروف وملابسات تواجد الاطفال داخل الدار، والاستعلام عن ملف الدار من مديرية التضامن الاجتماعى بالاسكندرية.