قد يرتطم إبداع مخرج العمل الفني "الشائك" بسقف الرقابة، وإن نفذ من خلاله بأمان -ونادرًا ما يحدث- ربما يصطدم بسقف الدولة، وهنا تصدر الأوامر السيادية بوقف عرض الفيلم في السينمات، وبناء على ذلك حُرم المشاهدون في مصر لسنوات من الاستمتاع بأفلام سينمائية في موعدها الحقيقي، إذ يتم الإفراج عنها بانتهاء نظام سياسي وقيام آخر، من مصلحته الترويج لسياساته هو فقط، والتهميش من سياسات السابقين، وعليه نجح بعض الأفلام في الفرار من سجن المنع.
في التقرير التالي يستعرض لكم "التحرير لايف" 7 أفلام مصرية تم منعها من العرض لأسباب سياسية.
شيء من الخوف
في عام 1969 تم إنتاج فيلم "شيء من الخوف"، بطولة شادية ومحمود مرسي، الذي تدور قصته حول قرية تستولي عليها عصابة من اللصوص بقيادة "عتريس"، الذي يقع في حب "فؤادة"، لكنها لا تبادله نفس المشاعر، فتقود تمردًا ضد عصابته ينتهى بحرق السرايا التي يقطنها من قبل أهل البلد، وتم منع الفيلم من العرض بعدما روّج البعض بأنه يرمز بشخصية "عتريس" إلى الرئيس جمال عبد الناصر، إلا أن مخرج الفيلم ذهب إلى الرئيس وقام بعمل عرض خاص للفيلم عنده، فأمر "عبد الناصر" فورًا بعرضه قائلًا: "إحنا مش عصابة وأنا مش رئيس عصابة وإلا كنا نستاهل الحرق".
وراء الشمس
الفيلم تم إنتاجه في عام 1978، من بطولة رشدي أباظة ونادية لطفي، وتدور أحداثه حول السجن السياسي بعد هزيمة 1967، وقام بكشف الانتهاكات وأساليب التعذيب التي حدثت خلال حقبة الستينيات، وتوجيه اتهامات الخيانة والعمالة للمعارضين، لذا تم منعه من العرض. ميرامار جملة "طز في الاتحاد الاشتراكي" التي وردت في أحداث الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1969، بطولة شادية ويوسف شعبان، كانت سببًا في إيقافه بأمر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولم يستطع صناع الفيلم تقديمه إلا في عهد الرئيس أنور السادات، على حد رواية الفنان يوسف شعبان في برنامج "واحد من الناس"، مع الإعلامي عمرو الليثي.
زائر الفجر
هذا الفيلم أصاب مخرجه "عزت شكري" بالاكتئاب حتى الموت، إذ تم وقف عرضه بعد أسبوع واحد من العرض الأول، رغم محاولة منتجته الفنانة ماجدة الخطيب مقابلة الرئيس الراحل أنور السادات، كي تحصل على إجازة بعرضه لكنها فشلت، وتدور أحداث الفيلم الذي تم إنتاجه عام 1973 حول الوضع السياسي الذي شهدته البلاد في تلك الفترة، ويركز على أداء وزارة الداخلية، فضلًا عن الإسقاطات السياسية التي تضمنها مثل "البلد دي ريحتها فاحت" وغيرها من الجمل الحوارية الجريئة.
الكرنك
من أكثر الأفلام التي عكست بشاعة الواقع السياسي في مصر خلال فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث استعرض قمع الحريات الذي ساد في عهده، والاعتقال والتعذيب المبرح من قبل سلطات الأمن التي كانت تحكم قبضتها على البلاد، لذا ورفضت الرقابة عرضه إلا بعد تصوير مشهد بيان السجن الحربي في نهايته للتدليل على أن ما حدث لن يعود، وأن عصرًا جديدًا بدأ لن تتكرر فيه أخطاء الماضي، وهو عصر الرئيس الراحل أنور السادات، والفيلم عن قصة نجيب محفوظ، سيناريو وحوار ممدوح الليثي، ومن إخراج علي بدرخان، وبطولة سعاد حسني، وكمال الشناوي، ونور الشريف.
إحنا بتوع الأتوبيس
تم إنتاجه عام 1979، وهو من إخراج حسين كمال، وبطولة عادل إمام، وعبد المنعم مدبولي، وسعيد عبد الغني، وإسعاد يونس، ويونس شلبي، وتدور أحداثه قبل نكسة 67، وتستعرض الظلم الذي مارسه نظام عبد الناصر تجاه المعارضين وغير المعارضين، من تعذيب داخل المعتقلات بكل الأشكال، وهو مستوحى من أحداث حقيقية نُشرت في كتاب "حوار خلف الأسوار" للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي، وأثار هذا الفيلم ضجة في الأوساط السياسية والفنية آنذاك، لأنه يحتوى على 20 مشهد تعذيب طلبت الرقابة حذفها، لكن الكاتب رفض، ومُنع عرضه لفترة إلا أنه عُرض في نهاية الأمر.
البريء
رفضت وزارة الدفاع عرض فيلم "البريء" إنتاج 1986، بطولة أحمد زكي ومحمود عبد العزيز، وذلك بعد أن تقدم أحد الأشخاص بشكوى يتهم فيها صناع الفيلم بتصويره داخل معتقل حقيقي، وهو ما يعد إفشاءً لسر عسكري، وكذلك وزارة الداخلية رفضته بحجة أن أبطاله يرتدون نفس الملابس التي يرتديها جنود وضباط الأمن المركزي، وظل الفيلم ممنوعًا لما يقرب من 20 عامًا، إلى أن عرضته وزارة الثقافة أبريل 2005، دون حذف للمرة الأولى على شاشة السينما، في افتتاح مهرجان السينما القومي.
"18 يوم"
فيلم روائي يتناول أحداث ثورة 25 يناير، ويحتوي على مجموعة أفلام قصيرة، تم منعه من العرض في عام 2011 بأمر من الرقابة بسبب محتواه السياسي والألفاظ الخارجة، ولكن مؤخرًا تم تسريبه على موقع "يوتيوب"، وأحدث ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ناتج مجهود ذاتي من كوكبة من الفنانين مثل: "أحمد حلمي، وإياد نصار، وباسم السمرة، وعمرو واكد، وناهد السباعي، وآسر ياسين"، وآخرين.