ما إن يأتي العيد، حتى تبدأ القنوات والإذاعات في التسابق في بث وعرض ثلاث أو أربع أغانٍ دون غيرها، والتي تكون بمثابة الإعلان الرسمي لقدوم العيد، في ظاهرة فنية لازالت مستمرة منذ ربع قرن، إذ أنه ورغم بروز العشرات من أغاني العيد لاحقا، إلا أن تلك الأغاني لم تحقق النجاح والشهرة، وفشلت في الصعود إلى مستوى "أغاني العيد الجميل" كما يسميها البعض.

أغنية محمد عبده "ومن العايدين" أنتجت عام 1971، وأغنية طلال مداح "كل عام وأنتم بخير" انتجت 1982، تضفيان كل عام نكهة العيد على مسامع السعوديين، أما عربيا فهناك أغنية صفاء أبوالسعود "أهلاً بالعيد" أنتجت 1984، فضلا عن أغنية "أنوارك هلّت" لفرقة الثلاثي المرح المصرية انتجت في الخمسينات، وأغنية "ليلة العيد" لأم كلثوم في الأربعينات، حيث تكاد هذه الأغاني الأربع تنفرد بصدارة المشهد الغنائي في العيد.

صفاء أبوالسعود

ورغم مرور أكثر من ربع قرن على هذه الأغاني إلا أنها لازالت مرتبطة بمناسبة العيد، وتعتبر مطلباً أساسياً لجميع المستمعين، إذ أنه من غير الممكن أن يأتي العيد إلا وتجد جميع وسائل الإعلام تتداولها، حيث لا يعتبر العيد عيدا دون سماعها، لذلك بقيت نابضة ومتجددة طوال تلك السنوات، وربما كانت من الأشياء القليلة التي حافظت على حلقة الوصل بين الأجيال.

وبحسب الباحث الثقافي عبد الرحمن الشهري، فإن احتلال هذه الأغاني موقع الصدارة كل عام، رغم محاولات فنانين تقديم أغانٍ أخرى، وراءه سببان، أولهما أن هذه الأغاني شكلت طليعة أغاني العيد أو ما يعرف فنيا بظاهرة أغاني المناسبات، مشيرا في حديثه لـ"العربية.نت" إلى أن هذه الأغاني الأربع ساهمت في تأسيس وتشكيل هذه الظاهرة، وبالتالي كان لها فضل السبق في الظهور والشهرة والانتشار.

وعن السبب الثاني، قال الشهري، إن أغاني العيد لم تأخذ حقها من اهتمام كتّاب وملحني الأغنية الخليجية والعربية ، حيث إنهم لم يجتهدوا في إنتاج أغانٍ محّكمة الصناعة والصياغة من حيث الفكرة في الكلمة واللحن تنافس هذه الأغاني الأربعة، فيما اكتفى فنانون شباب بتكرار "أغاني العيد الجميل" وإعادة إنتاجها بتوزيع موسيقي أسرع، وإضافة أصوات إيقاعية عالية، بدلا من إنتاج أغاني جديدة.

وقال الشهري، إن هذه الأسباب حولت أغاني العيد إلى سلعة نادرة، وهو الأمر الذي يحتم على الفعاليات الثقافية والفنية، وعلى رأسهما الإذاعة والتلفزيون، بالتحرك والالتفات لهذا الوجدان الجمعي، والمساهمة في إنتاج أغانٍ جديدة للعيد، تعيد الذكرى والشجن، وتخترق القلوب والذاكرة والوجدان، كما فعلت "اغاني العيد الجميل" طوال هذه السنوات.