ها هو شهر رمضان قد انقضى، وهل علينا يوم عيد الفطر المبارك، الذي هو يوم فرحة يشترك فيها المسلمون جميعًا ويجتمعون في صلاة العيد لترتفع أصواتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح، ويتبادلون التهاني والمعايدات وسط ابتسامات الأهل وضحكات الأطفال. وقد كان للحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم سننًا جميلة في يوم العيد جميعها يدعوا إلى الفرح والسرور والاستعداد لهذا اليوم الجميل، فتعاولوا سويًا لنعرف، ماذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد؟! 1- الاغتسال: كان الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بغتسل قبل الخروج لصلاة العيد، وقد أورد الإمام البيهقي عن سيدنا ابن عباس قوله: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يغتسل يوم الفطر، ويوم الأضحى". والاغتسال يكون بنية الاغتسال للعيد. وصح في الموطأ وغيره أنَّ سيدنا عبد اللَّهِ بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المُصَلَّى. وصح كذلك عن سعيد بن جبير أنه قال: "سنة العيد ثلاث المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج"، وهذا من كلام سعيد بن جبير ولعله أخذه عن بعض الصحابة. وذكر الإمام النووي رحمه الله اتفاق العلماء على استحباب الاغتسال لصلاة العيد. 2- التجمل للعيدين : فعن جابر رضي الله عنه قال: "كان للنبي صَلَّى الله عليه وآله وسلم جبة يلبسها للع:يدين ويوم الجمعة"، وروى البيهقي بسند صحيح أن سيدنا ابن عمر كان يلبس للعيد أجمل ثيابه. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال أخذ عمر جبةً من إستبرقٍ تباعُ في السوق فأخذها فأتى بها رسول اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رسول اللَّهِ ابتع هذه تجمل بها للعيدِ و الوفود فقال له رسول اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عليه و سلم إنما هذه لباس من لا خلاق له". وقد أقر النبي صَلَّ الله عليه وسلم عمر على التجمل لكنه أنكر عليه شراء هذه الجبة لأنها من حرير. فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عند من الثياب عند الخروج للعيد .
3- الأكل قبل الخروج لعيد الفطر : فقد كان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله "لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ويوم النحر لا يأكل حتى يرجع فيأكل من نسيكته". 4- التكبير يوم العيد : كان النبي يبدأ التكبير من أثناء خروجه إلى المسجد، وهو من السنن العظيمة في يوم العيد لقوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) . وعن الوليد بن مسلم قال : سألت الأوزاعي ومالك بن أنس عن إظهار التكبير في العيدين، قالا: نعم كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام . وروى الدارقطني وغيره أن سيدنا ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجتهد بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يخرج الإمام. وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام فإذا خرج الإمام سكتوا فإذا كبر كبروا .. ولقد كان التكبير من حين الخروج من البيت إلى المصلى وإلى دخول الإمام كان أمرا مشهورا جدا عند السلف وقد نقله جماعة من المصنفين كابن أبي شيبة وعبد الرزاق و الفريابي في كتاب ( أحكام العيدين ) عن جماعة من السلف ومن ذلك أن نافع بن جبير كان يكبر ويتعجب من عدم تكبير الناس فيقول: ( ألا تكبرون ) وكان ابن شهاب الزهري رحمه الله يقول : ( كان الناس يكبرون منذ يخرجون من بيوتهم حتى يدخل الإمام ) . وقت التكبير في عيد الأضحى من فجر يوم عرفة حتي عصر رابع أيام التشريق .. يعني من بعد صلاة فجر يوم عرفة حتي عصر رابع أيام التشريق. صفة التكبير : ورد في مصنف ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد . ورواه ابن أبي شيبة مرة أخرى بالسند نفسه بتثليث التكبير . وقد زاد الإمام الشافعي على صيغة التكبير واستحسنها العلماء وفضلوها، وهي الصيغة التي اعتاد المصريون ترديدها كالتالي: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر كبيرا ، و الحمد لله كثيرا ، و سبحان الله بُكرةً و أصيلا ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، و نصر عبده ،و أعز جنده و هزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين و لو كره الكافرون ، اللهم صلِّ على سيدنا محمد ، و على آل سيدنا محمد ، و على أصحاب سيدنا محمد ، و على أنصار سيدنا محمد ، و على أزواج سيدنا محمد و على ذريه سيدنا محمد و سلم تسليماً كثيرا .. و هذه الصيغة هي من أكمل صيغ التكبير وفيها من الثواب كثير الكثير .. وذلك لما فيها من الصلاة والسلام على سيدنا محمد وصحبه وزوجاته وأنصاره وآل بيته وذريته .. فقد أستحسنها العلماء كما قلت من قبل. 5- التهنئة : ومن آداب العيد التهنئة الطيبة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها مثل قول بعضهم لبعض: تقبل الله طاعاتكم أو عيد مبارك أو عيد سعيد وغيرها من عبارات التهنئة المباحة. وعن جبير بن نفير، قال : كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض، تُقُبِّل منا ومنك. فالتهنئة كانت معروفة عند الصحابة ورخص فيها أهل العلم كالإمام أحمد وغيره وقد ورد ما يدل عليه من مشروعية التهنئة بالمناسبات وتهنئة الصحابة بعضهم بعضا عند حصول ما يسر مثل أن يتوب الله تعالى على امرئ فيقومون بتهنئته بذلك إلى غير ذلك .