فى كل مشهد درامى لمسلسل مكتوب عليه اسم "حسان دهشان" كمؤلف، ستجد معانى إنسانية ودلالات إجتماعية فى كل جملة يقولها الممثل الذى تشاهده أمامك على شاشة التلفاز، هذا الكاتب الذى بدأ مسيرته الفنية الحقيقية من خلال مسلسل "خرم إبره"، للنجم عمرو سعد، ومن بعده "ابن حلال"، والذى شهد إنطلاقة النجم محمد رمضان فى عالم الدراما التليفزيوينة، وكان بمثابة أولى بطولاته المطلقة فى الدراما الرمضانية، فبعدما عمل "حسان" كمساعد مخرج لسنوات طويلة مع عمدة مخرجى الدراما الراحل إسماعيل عبد الحافظ، شعر أن هناك شيئا ما يريد أن يقوله، وأن فى جعبته الكثير من الحكايات الإنسانية الواقعية، يريد أن يرسمها لتقدم على الشاشة، فاتجه لعالم الكتابة والسيناريو.

ومنذ أول عمل له ستجد الطبقات الفقيرة والمهمشة هى محور اهتماماته، يقدمها بعيوبها ومزاياها بسلبياتها وإيجابياتها، كى يدرك الجمهور مدى تأثير هذه الطبقات فى المجتمع، ومدى قدرتها على تغيير موازين أى مجتمع، خاصة وأن 80 % من الشعب المصرى نابع من هذه الفئات، فعلى سبيل فى مسلسل "ابن حلال"، سرد كمية الظلم الذى تعرض له الشاب "حبيشة"، الذى أتى من الصعيد بحثا عن لقمة عيشه فى القاهرة، وكيف أنه صار ضحية ابن أحد كبار المسئولين فى البلد نتيجة استهتاره وقتله لفتاة تجمعه بيها علاقة غير شرعية.

هذا العام وخلال الماراثون الرمضانى المنقضى نافس "دهشان" بمسلسل "طاقة نور"، للنجم هانى سلامة، من إخراج رؤوف عبد العزيز، والمنتج تامر مرسى، وهو العمل الذى تصدر نسب المشاهدة الجماهيرية ويعد واحدا من أول 5 مسلسلات نجحت فى جذب أنظار الجمهور، واستطاع "دهشان" من خلاله أن يقدم بكل واقعية طبقات مصرية مختلفة، فمثلما قدم النماذج الشعبية المهمشة مثل ليلى "حنان مطاوع"، والطبقات العشوائية التى تكاد تكون المنبع الرئيسى فى انتشار ظاهرة البلطجة وأطفال الشوارع مثل المعلم شعبان "وليد فواز" وصهيونى وحسيبة القرعة "نورين كريم"، وكاميليا "عايدة رياض" وغيرهم، قدم أيضا الفئات الأرستقراطية الكبرى بكافة تفاصيلها الدقيقة وظلمها للأقل منها والمتمثلة فى شخصيات مثل إبراهيم الجيار "أشرف عبد الغفور" ونبيلة طنطاوى "هيدى كرم"، وهما أباطرة المال والأعمال الذين يفرضون سطوتهم على عباد الله ويقتلون وينتقمون، وفقا لأهوائهما ومصالحهما الخاصة، ولأنه دائما ينحاز للفقراء والمظلومين والكادحين فى كتاباته، سلط الضوء على حادث انتحار عبد الحميد شتا، وهو الشاب الذى تفوق فى كلية الإقتصاد والعلوم السياسية على مدار سنوات دراسته بها، ونظرا لأنه من فئة اجتماعية بسيطة، تم رفضه من الخارجية بحجة أنه غير لائق إجتماعيا، فانتحر هذا الشاب منذ حوالى 15 عاما، وجسد قصته بحرفية شديدة الفنان حمزة العيلى.

لم ينسى "دهشان" أيضا فى مسلسله الجديد قصة الفتنة الطائفية التى أحدثها أحد الشباب المتهورين فى الصعيد، وقدمها من خلال شخصية ناجى وجسدها بتميز الفنان محمد محمود عبد العزيز، ولذلك فحسان دهشان يكتب سيناريوهاته بلحمه ودمه، فهو مؤلف الناس الغلابة، ومُشرح الطبقات الإرستقراطية.