شهر شعبان من الشهور التي وقعت فيها أحداثًا فارقة في تاريخ المسلمين، خاصة وأنها تتعلق بركن مهم من أركان الإسلام ألا وهو الصلاة، ففي هذا الشهر الكريم تم تحويل قبلة الصلاة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة، ترضية لقلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدما عايره اليهود بأن المسلمين يصلون إلى قبلتهم.
كان ذلك في العام الثاني من الهجرة النبوية الشريفة، فبعد أن فرضت الصلاة، وهاجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة إلى المدينة كان يستقبل بيت المقدس، وبقي على ذلك ستة - أو سبعة - عشر شهراً ، يقول البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال صلّى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت – يعني الكعبة-.
فاستجاب الله سبحانه وتعالى لرغبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما كان ينتظره، فأمره أن يستقبل الكعبة في الصلاة، فقال تعالى: (قد نرى تقلُّب وجهك في السّماء فَلَنُوليِّنَك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولُّوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب لَيَعْلَمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون).
وذكر المفسرون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد صلى إلى بيت المقدس ثلاث عشرة سنة بمكة وتسعة عشر شهراً بالمدينة، ثم عيَّرته اليهود، فقالوا: إنك تابع لقبلتنا، فاغتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لذلك غما شديدًا.
وعندما دخل الليل خرج يقلِّب وجهه في آفاق السماء، فلما أصبح صلّى الغداء، فلما صلّى من الظهر ركعتين، جاء جبرائيل، فقال له قول الله تعالى: ((قد نرى تقلُّب وجهك في السّماء فَلَنُوليِّنَك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولُّوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب لَيَعْلَمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون).
ثم أخذ بيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فحول وجهه إلى الكعبة، وحول من خلفه وجوههم، حتى قام الرجال مقام النساء، والنساء مقام الرجال؛ فكان أول صلاته إلى بيت المقدس، وآخرها إلى الكعبة المشرفة.
وبلغ هذا الخبر مسجداً بالمدينة وقد صلّى أهله من العصر ركعتين، فحولوا وجههم نحو القبلة الجديدة، فكان أول صلاتهم إلى بيت المقدس، وآخرها إلى الكعبة فسمي ذلك المسجد "مسجد القبلتين".