تشعر بالراحة كلما تحدثت عن والدها، الذي غادر عالمنا في شهر ديسمبر عام 2016، مؤكدة أن رحيله ترك أثرا كبيرا في نفسها، فرغم أنه كان شخصا يحب الصمت إلا أن وجوده كان يملأ دنياها، هي لمياء ابنة الفنان أحمد راتب.
في الحلقة الأولى من حوار لمياء ، تحدثت عن حياة راتب، وعشقه للتمثيل والتحاقه سرا بالمعهد العالي للفنون المسرحية بجوار دراسته للهندسة، وكيف ارتبط بوالدتها، وقصة انجابه لثلاث بنات "لبنى، لمياء ولميس". وفي الحلقة الثانية والأخيرة تتطرق للحديث عن تفاصيل تخص عمله بالوسط الفني، إلى الحوار..
كثيرون ينظرون لوالدك على أنه كوميديان.. فهل كان يضيق بهذه النظرة؟
اعتقد أنه لم يكن يهتم بطبيعة الدور، لا يهمه إذا كان كوميدي أو تراجيدي قدر اهتمامه بمدى تأثير ما يقدم، عندما يُعرض عليه العمل كان يقوم بحذف مشاهده من السيناريو فإذا شعر بأن السيناريو انهار، يتأكد من أهمية وجوده، وهو نفس المعيار الذي جعله يقبل أدوار صغيرة طالما أن لها بصمة .
ومن وجهة نظري، فقد كنت أحبه في الأدوار التي تحتاج لممثل قوي سواء كوميدية أو تراجيدية، لكن كنت أتأثر أكثر في الأدوار التراجيدية، أرى فيها عمق أكثر، خاصة بعدما درست النقد الفني في كلية آداب إسباني بجامعة القاهرة، فبعد الدراسة أصبحت أنظر للأدوار بشكل مختلف، فمثلا كنت ألاحظ تحضيره لدور القصبجي، ولمست المجهود الغير طبيعي الذي بذله حتى يقترب من الشخصية التي لم يقابلها في حياته.
كان يشعر بالمسؤولية تجاه شخصية القصبجي ورغبة ملحة لإنصافه وتعريف الجمهور به.. كيف كان استعداده لتقديم الدور؟
مسلسل "أم كلثوم" ألقى الضوء على كافة جوانب شخصية القصبجي، ووالدي بذل مجهود كبير ليتقمص الشخصية، ويتحدث مثله، فبحث عن تسجيلات صوتية ليقلد "تون" صوته، ومن شدة ارتباطه بالقصبجي لم يستطع الخروج منها لفترة حتى بعد انتهاء الدور، لإحساسه أن القصبجي مظلوم فأحب الانتصار له إنسانيا، وتعاطف معه، وعندما تعمق في القراءة عن حياته الشخصية، شعر أنه ظُلم ولم يحصل على الشهرة التي يستحقها، فكان دافعه الأساسي لإتقان الدور أن يعرف الجمهور من هو محمد القصبجي.
وهل تكررت هذه الحالة مع شخصيات أخرى تلبسته لفترة بعد انتهاء العمل؟
أذكر أن الأمر تكرر مع تجسيده شخصية كفيف في مسلسل "خيال الظل"، كان مركز جدا ألا يقدم الشكل المتعارف عليه لفاقدي البصر، وحتى لا يظهر بشكل مصطنع، والطريقة التي كان يحرك بها عينه في العمل أتعبتها، حتى أثناء وجوده معنا في البيت كان متأثرا بالدور.
كيف كان ينظر لدور "السحت" في "المال والبنون"؟
كنت صغيرة فترة "المال والبنون"، لم أعش تحضيره للدور، لكنه كان فخور جدا به، ويعتبره من العلامات التي زادت من ثقته في نفسه كممثل.
وما حقيقة أنه كان يحلم بتقديم شخصية الموسيقار سيد مكاوي؟
طبعا كان يتمنى، لأنه من أشد المعجبين به، وكثيرا ما كان يسمع تعليقات أنه يغني بطريقة سيد مكاوي بالضبط كلما أدى أغانيه، فقد كان عاشقا لأغانيه وطول الوقت "يدندنها".
حكى والدك أن الفنان الراحل مصطفى متولي كسر له أنفه.. ما الذي تتذكرينه عن هذا الحادث؟
كنت صغيرة في السن أنا ولميس، واستيقظنا ذات يوم لنجد والدتي تقول لنا "بصوا يا بنات بابا كويس هتلاقوه قاعد وفيه شاش على مناخيره، هي حاجة بسيطة"، كانت تخشى علينا إذا ما شاهدناه على هذه الحالة دون تمهيد، وبالفعل خرجنا لنجد شبه جبيرة موضوعة بطريقة معينة على أنفه.
وحكى لي والدي بعد ذلك تفاصيل ما حدث، فأثناء تصوير مشهد في فيلم "بخيت وعديلة" يقوم الفنان مصطفى متولي بضرب والدي بـ"البوكس" –ضمن الأحداث-، فكسر أنفه، وهذا المشهد هو ما يُعرض فعلا بالفيلم. فور انتهاء المشهد ذهب إلى المستشفى برفقة الفنان عادل إمام، الذي طلب إحضار أشهر دكتور تجميل لوالدي حتى لا تُصاب الأنف بأي تشوهات، لأن أي شيء يحدث في وجه الممثل سيؤثر على عمله.
وهل كان للحادث أي تأثير عليه فيما بعد؟
تأثيرها ظل ملازما له حتى نهاية حياته، فلم يكن يطيق شم أي رائحة نفاذة، الكسر تسبب في مشكلة كبيرة بالجيوب الأنفية، فبمجرد تعرضه لأي رائحة تحمر عيناه وتدمع، ويعطس ثم يُصاب بصداع.
كيف كانت علاقة أسرتكم بعادل إمام؟
أذكر وأنا طفلة أنا ولميس تقريبا وعمرنا خمس سنوات، أيام مسرحية "الزعيم" كنا نذهب للمسرح، وفي كل موسم يقيم والدي "عزومة" في بيتنا يستضيف فيها كل أبطال العمل، وكان عمو عادل يحضر ومعه لعبة لي وللميس، وكانت العلاقة أسرية حتى كبرنا "بقينا بنتكسف".
ومن هم أصدقاء والدك ؟
والدي كانت تجمعه علاقة طيبة بكل زملائه، لكن أقربهم له "عادل إمام، أحمد بدير، هادي الجيار، أحمد عبدالوارث، وسوسن بدر التي تسأل علينا حتى اليوم".
تردد أن الوفاة كانت بسبب خطأ طبي.. ما حقيقة ذلك؟
الوفاة نفسها لم تكن بسبب خطأ طبي. من 3 سنين أصيب بمشاكل في الرئة "سدة رئوية" بسبب التدخين، وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي ودخل العناية المركزة، وخرج منها، وأصيب بمياه على الرئة، وبعد فترة تأثر القلب وعرض نفسه على طبيب ربنا يسامحه، وكتب له دواء لإخراج المياه من الجسم والمشكلة كانت في المدة التي داوم فيها على أخذ هذا الدواء "شهر"، وكان رأي طبي خاطئ، وأثرت على الكلى ودخل في شبه فشل كلوي لكن تم إنقاذه، أما الوفاة لم يكن لها علاقة بكل ما سبق، إذ أصيب بضيق في التنفس بسبب "سدة رئوية" حادة، ونقص الأكسجين في الدم، وتم وضعه على جهاز التنفس وبعد 3 أيام، خرج من العناية المركزة لكن الأطباء قرروا إعادته لها مرة ثانية لأن كفاءة الرئة كانت قليلة، ليرحل في التاسعة صباح يوم 14 ديسمبر 2016.