جاءتني هذه الرسالة على "الواتس آب" الخاص بي ممن وصف نفسه بأنه مواطن ليبي يحب مصر ويرسل بعض النصائح العاجلة، من وجهة نظره، إلينا نحن المصريون. ولأنني رأيت من خلال سطورها صدقًا غير عادي ونظرة ثاقبة لخبير بتلك الأمور التي حدثت وما زالت تحدث في بلده رأيت أن أعمم تلك الرسالة لكي نقرأها ونتمعنها جميعًا. ولا يعني ذلك أنني أدعو إلى دخول الشعب المصري وقواه الحية إلى بيت الطاعة الخاص بالحكومة، ولكنني فقط أركز على ما قاله الرجل بكل صدق وتجرد، من وجهة نظري على الأقل، من أن القرارات التي تدمر الأوطان وتشرد الشعوب هي دائمًا القرارات التي تتخذ في الوقت غير المناسب. وأنني إذ أتحمس لنشر تلك الرسالة أدعو الجميع المتفقين والمختلفين إلى فتح حوار موسع حولها لعلنا نستفيق قبل فوات الأوان. وإلى نص رسالة الشقيق الليبي: استمعت إلى كلمة الرئيس السيسي في مؤتمر الشباب الأخير المنعقد في الإسماعيلية والرجل كان للأمانة يتحدث بمرارة عن الحملة الإعلامية التي يقودها الإخوان ضد مصر انطلاقًا من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها. ولأول مرة يشير رئيس دولة بأن الأسباب التي صارت تدفعه للرحيل أكثر من تلك التي تدعوه للبقاء في ظل صمت الشعب المصري عن مواجهة هذه الحملة الشعواء التي تستهدف قيادته ليدخل في فوضى عارمة كالتي نعيشها في ليبيا. اسمعوا يا إخواننا في مصر وصية مواطن ليبي عاش الفوضى في بلاده وعرف نتائجها بتفاصيل التفاصيل. إذا رحل السيسي عن مصر الآن سيعود إليكم الإخوان وسيخرجون من السجون بصفة مناضلين وهذه المرة لن يرحموا أحدًا ولن يتركوا دولة في الأساس اسمها مصر. سوف يشحنون أرشيف الدولة إلى قطر وسينهبون البنوك ويحيلونها لحساباتهم في تركيا. وستتشكل الميليشيات في كل المحافظات المصرية وسيكون لديكم ميليشيا في كل شارع ولأن الكثافة السكانية عالية في مصر فالاشتباكات اليومية ستخلف الآلاف من القتلى والجرحى في كل مرة. ستكون عندكم ميليشيات في وسط البلد تطلق على نفسها ثوار إمبابة وثوار السيدة زينت وأخرى تطلق على نفسها قوة الردع في مدينة نصر واللجنة الأمنية للتجمع الخامس ودرع الوسطى التي تسيطر على الطريق الصحراوي القاهرة الإسكندرية الذي سيقطع بالكثبان الرملية في كل مرة نتيجة الصراع بين الميليشيات. وسيخرج عليكم معتوه يحرق مطار القاهرة لأجل أن يطرد منه ميليشيا أخرى تسيطر عليه ثم يظهر في وسائل الإعلام ويقول: إن الحرب الأهلية كانت سببًا في توحيد الشعوب. كما أن تنظيم بيت المقدس سوف يسيطر على سيناء وطابا وشرم الشيخ ويتفق مع الإسرائيليين على إدارة معبر رفح، أما الأزهر فهذه المرة لن يبقى للأشاعرة بل سيخرج عليكم دجال يفتي بضرورة قتل قوات الشرطة والجيش المصري ويصفهم بالطغاة والحرب في مواجهتهم من قبيل رد الصائل. أما على الصعيد السياسي فالأمم المتحدة سترسل لكم مندوبًا ليتحكم في مصير مصر كيفما يشاء ويقابل الإخوان تارة في جنيف وتارة في الصخيرات. مخازن الجيش المصري ستسرق كلها وسينتشر السلاح في كل بيت والقتل في كل شارع وحي. وعلى الصعيد الاقتصادي سوف تختفي السيولة من البنوك وسيهرب كل رجال الأعمال خارج البلد وسيجوع المواطن المصري حتى يأكل التراب وسوف تنتشر ظاهرة الخطف في كل مكان وتزداد حالات الانتحار ويسرق كل شيء بما في ذلك أغطية غرف المجاري. وسوف تسمعون بأخبار اغتيالات قادة الجيش والشرطة كل يوم وسيسقط القضاء في مستنقع الخوف من جبروت الميليشيات. ستتحكم فيكم قطر وتركيا وكأن مصر هي جزء من الدوحة في قطر أو جزء من أنقرة في تركيا بعد أن كانت مصر أم الدنيا. أما عن السودان فسيعود عمر البشير إلى حلايب ويحتل أراضٍ شاسعة من جنوب مصر بحجة أنها كانت في الأساس داخل حدود السودان. أما الشعب المصري فمن سيبقى في بلده فإنه سيختار القتال في أي صف من صفوف الميليشيات أو يغادر بلده في رحلات الهجرة غير الشرعية. أما المستشفيات والمدارس والمتاحف والوزرات وكل مرافق الدولة فسوف تنهب بالكامل وسيموت المصريون في الشوارع من الجوع وانتشار الأوبئة. فكروا في هذه المأساة وهذا الجحيم قبل أن تطلبوا من الرئيس السيسي أن يغادر في العام القادم. أنا لست مع أن يبقى الرئيس إلى الأبد في منصبه ولا أحاول أن أنقل لكم صورة للجحيم من الخيال ولكن عليكم أن تعرفوا أن القرارات التي تدمر الأوطان وتشرد الشعوب هي دائمًا القرارات التي تتخذ في الوقت غير المناسب، تمعنوا في هذه الوصايا فالندم لا يفيد بعد فوات الفرص وأسالونا نحن عن الندم وحرقة نيرانـه. وإذا سألتم أنفسكم ما فائدتك من تقديم هذه الوصايا سأقول لكم: إن مصر هي أملنا الأخير في أن ننهض وإذا سقطت فلن ينهض أحد بعدها إلى يوم القيامـة.