وجه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصابع الاتهام إلى الإعلام «الإخونجي» في الترويج لوجود خلافات بين السعودية ومصر، مستبعداً نجاح أي حوار مع إيران، ومشدداً على أن التحالف العربي قادر على اجتثاث ميليشيات الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي صالح في اليمن «خلال أيام»، لكن ذلك سيكلف «ضحايا بالآلاف».

جاءت مواقف ولي ولي العهد في مقابلة خاصة مع قناة «ام بي سي» الفضائية، بثتها مساء أمس، بالتزامن مع التلفزيون السعودي، تحدث خلالها عن أبرز الملفات والقضايا التي تشغل المواطن السعودي والخليجي والعربي، لا سيما «رؤية المملكة 2030»، وغيرها من القضايا المحلية والإقليمية.

ورداً على سؤال عن رأيه في ما روج له بعض الاعلام المصري عن أن العلاقات السعودية - المصرية «كادت أن تنقطع»، توجه الأمير محمد بن سلمان للاعلامي داوود الشريان الذي يُحاوره قائلاً «تقصد الاعلام الاخونجي»، في إشارة إلى جماعة «الاخوان المسلمين» المصنفة إرهابية في السعودية ومصر.

وإذ أشار إلى أن «الاعلام الاخونجي المصري هو نفسه» ينتقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اعتبر أن «أعداء السعودية» سيحاولون خلق الإشاعات بشكل أو بآخر، «سواء من الدعاية الايرانية أو الدعاية الاخوانية».

وشدد على أن العلاقات بين مصر والسعودية «صلبة وقوية» ولا تتأثر بالاشاعات، والتاريخ يشهد أن البلدين يقفان مع بعضهما البعض في كل الظروف، و»هذه قناعة راسخة لدى القيادتين والشعبين»، وفق تعبيره، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه لم يصدر أي موقف سلبي من الحكومتين تجاه بعضهما البعض.

وكشف أن العمل مستمر لإقامة جسر الملك سلمان إلى شمال سيناء وأن «الحجر الأساس سيوضع قبل العام 2020»، مشدداً على أنه لا توجد أي مشكلة بين مصر والسعودية في ما يتعلق بجزيرتي تيران وصنافير. وأوضح في هذا السياق أنهما مسجلتان لدى البلدين بأنهما سعوديتان، وأن ما جرى أخيراً هو فقط ترسيم الحدود البحرية ولم تتنازل مصر عن أي شبر من حدودها أو جزء من مياهها.

وفي إطار حديثه عن اليمن، أكد الأمير محمد بن سلمان أن «الحرب لم تكن خياراً بل كانت أمراً لا بد منه، وإلا لكان السيناريو الآخر أسوأ بكثير»، في ظل الخطر الذي تشكله الميليشيات، التي انقلبت على الشرعية، على الملاحة البحرية الدولية وعلى كل جيران اليمن، وخاصة السعودية.

وأوضح أنه نتيجة انقلاب هذه الميليشيات بات النشاط الارهابي في جنوب اليمن قوياً جداً، و»لو انتظرنا أكثر لكان الوضع أسوأ بكثير».

وعن نتائج عمل التحالف العربي الداعم للشرعية، أكد أنه حقق إنجازات كبيرة بدليل أن الشرعية باتت تسيطر على 80 في المئة من اليمن.

وقارن بين نتائج عمل التحالف العربي في اليمن المكون من 10 دول وبين نتائج عمل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة المكون من نحو 60 دولة، مشيراً إلى أن الثاني لم يحقق النتائج التي حققها الأول.

وإذ نفى ما تردد من إشاعات عن وجود خلاف بين السعودية والامارات في اليمن، أكد قدرة التحالف على اجتثاث ميليشيات الحوثي وصالح «في أيام قليلة»، قائلاً «نستطيع أن نحشد القوات البرية السعودية ونجتث الحوثي وصالح خلال أيام لكن هذا سيكون نتيجته ضحايا بالآلاف من قواتنا وضحايا كثر من اليمنيين وخسائر كبيرة».

وشدد على أن «الوقت والنفس الطويل» هو لصالح التحالف الذي لديه كل الامكانيات ويمتلك المعنويات العالية، فيما «العدو ليس لديه الامداد وليس لديه الاموال».

وأكد أن الرئيس السابق علي صالح «لديه خلاف كبير جداً» مع الحوثي وهو تحت سيطرة الأخير، وأنه «لو خرج من صنعاء الى منطقة اخرى لكان موقفه مختلفاً».

وبشأن العلاقات مع إيران، تحدث ولي ولي العهد عن صعوبة إجراء حوار أو التعامل معها مباشرة، متسائلاً عن كيفية التفاهم معها فيما «نظامها قائم على ايديولوجية متطرفة منصوص عليها في الدستور وفي وصية (مؤسس الجمهورية الاسلامية) الخميني بأن تسيطر على العالم الاسلامي وتنشر المذهب الجعفري».

وأكد أن المسؤولين في النظام الايراني «حاربوا شعبهم لأكثر من 30 سنة وأدخلوه في الجوع»، متسائلاً «أين نقاط الالتقاء مع هذا النظام؟»، ليجيب «تكاد تكون غير موجودة».

وتحدث عن عملية تبادل للأدوار بين الرؤساء الايرانيين بحيث كان الرئيس الأسبق الراحل أكبر هاشمي رفسنجاني مكلفاً فتح الحوار مع الخارج، وخاصة السعودية، لكن هذا الحوار لم يؤد إلى أي نتيجة، وجاء بعده الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد وعمدت إيران في عهده للتوسع في سورية واليمن، والآن هناك رئيس يحاول أن يوحي بإمكانية الحوار، لكن السعودية «لن تلدغ من الجحر مرتين»، حسب تعبير محمد بن سلمان، الذي أضاف «نحن نعرف أننا هدف رئيسي لإيران، وسنعمل لتكون المعركة معهم في إيران ولن نسمح لهم بأن تكون عندنا في السعودية».

وبشأن الأزمة السورية، اعتبر أنها باتت قضية دولية وان «أي احتكاك» بين القوى الكبرى فيها «سيخلق أزمة دولية»، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما «أضاع الكثير من الفرص المهمة» لحل الأزمة.

وفي الشأن الداخلي السعودي، جزم محمد بن سلمان بأن أي شخص متورط في قضية فساد سيُحاسب، قائلاً «لن ينجو أيُّ شخص دخل في قضية فساد أياً مَن كان هذا الشخص سواء كان أميرا أو وزيرا».

واشار إلى أن «أي مواطن يستطيع أن يقدم الوثائق أو المعلومات التي تتوافر لديه إلى هيئة مكافحة الفساد»، مضيفاً «لا نعتمد في قضايا الفساد على الوثائق في مواقع التواصل الاجتماعي» لأنه لا يمكن التأكد من صحتها وصدقيتها.

وفي إطار حديثه عن الشأن الداخلي السعودي، شدد ولي ولي العهد على ضرورة تطوير قطاع الطيران، على غرار التطور في الشركات القطرية والاماراتية، مؤكداً ضرورة أن تكون الشركات السعودية لديها الحصة الأكبر من السوق في الشرق الاوسط.

وعزا الضعف في هذا القطاع إلى غياب رؤية استراتيجية لتطويره.

اقتصادياً، أكد ولي ولي العهد أن «طرح أسهم (أرامكو) سيوفر سيولة نقدية ضخمة لصندوق الاستثمارات العامة»، وأن طرح أسهم الشركة العملاقة سيكون بحدود 5 في المئة خلال العام 2018.

ورداً على سؤال بشأن تخوف بعض الاقتصاديين من أن تكون «أرامكو» غير مملوكة للدولة، رد محمد بن سلمان بالقول «هذا فكر شيوعي ولا يوجد اي مبرر للخوف من طرح ارامكو للاكتتاب».

وفي إطار حديثه عن برنامج «حساب المواطن»، قال:«بدأنا في الاستفادة من المعلومات المسجّلة في برنامج (حساب المواطن)، والآن أعتقد أن الذين يستحقون الدعم، أقل من عشرة ملايين بشوي، ونحاول نشمل أكبر فئات ممكنة».

وتطرق أيضاً إلى قضية الإسكان في المملكة، قائلاً «لدينا 3 أنواع: إسكان مجاني بمئات الآلاف، وإسكان مدعوم من صندوق التنمية العقاري، وإسكان من المستثمر الرئيسي أي الحكومة تبيعه بشكل ميسر ومخفض للمواطن السعودي».

ولفت إلى أن 13% من التجارة العالمية تمر في البحر الاحمر، فيما «السعودية تقدم صفر خدمات».