اعتنى المماليك بالجامع الأزهر عناية كبيرة في عهد السلاطين نظرا لقيمته الروحية والعلمية، وقال ابن ظهيرة في ذكر ما اختصت به مصر والقاهرة وأهلها من فضائل:” جامعها الأزهر بالخصوص فليس في الدنيا الآن، فيما أعلم، له نظير ولا ينقطع ذكر الله تعالى عنه طرفة عين في ليل ولا نهار، وفيه أروقة لأصناف من الخلق منقطعين لعبادة الله تعالى، والاشتغال بالعلوم وتلاوة القرآن، لا يفترون ساعة”.
من أجل ذلك نظر السلاطين المماليك إلى الجامع الأزهر نظرة عناية فأدخلو عليه تجديدًا وأحدثوا به تعميرًا في أزمنة مختلفة وأعانوا على العلم والدراسة فيه.
ففي عهد الملك الظاهر بيبرس سنة 658هـ قام الأمير عز الدين نائب السلطان بعمارته وتجديده تجديدًا شاملًا.
وفي عهد السلطان محمد الناصر قلاوون وقع بمصر زلزال عنيف سقط بها أجزاء من الجامع الأزهر, فقام أمراء الدولة بإعادة عمارته, وتولى عمارة الجامع الأمير سلار، وأنشأ علاء الدين طيبرس مدرسته “الطيبرسية”؛ لتكون ملحقًا للأزهر، وكمل بناؤها سنة 709هـ / 1310م وقرر بها درسًا للشافعية، وتشغلها الآن دار الكتب الأزهرية.
وفي عهد السلطان الملك الناصر حسن بن محمد قلاوون اهتم بالجامع الأزهر الأمير سعد الدين بشير الجامدار إذ قام بتجديده سنة 760هـ/ 1360م، وجعل له قارئاً وأنشأ على بابه حانوتاً لتسبيل الماء العذب، ورفع فوقه مكتباً لإقراء الأيتام، ورتب للفقراء من مجاوري الأزهر طعاما يوميا، ورتب درسا لفقهاء الحنفية في المحراب الكبير، وأوقف على ذلك أوقافاً مُجزية، فكان مؤذنو الجامع الأزهر يدعون للسلطان حسن كل جمعة وبعد كل صلاة.
وقد تعرضت منارة الجامع الأزهر القديمة للسقوط عدة مرات سقطت فأعادها السلطان برقوق في تلك المرات.
وأمر السلطان الأشرف قايتباي بإجراء إصلاحات في الأزهر سنة 881هـ/ 1476م وأنشأ المنارة الرشيقة في الناحية الغربية وأقام منشآت للفقراء والعلماء وكان يتردد على الأزهر للصلاة متخفياً ويسمع ما يقوله الناس فيه.
وأنشأ السلطان قانصوه الغوري سنة 915هـ/ 1510م المنارة الجميلة ذات الرأسين وتعدُّ من أجمل الآثار التي تعود إلى عهد المماليك في مصر.