أغمضت عينيها وتقلصت قسمات وجهها وهي ترمي قطعة منها مرغمة، بعد أن حملتها كرهًا ووهنًا وبدلاً من أن تمنحها عطفا ورعاية تركتها تلاقي مصيرها وسط القطط والكلاب الضالة.

تجمع المارة والأهالي على مشهد تشمئز منه النفوس وتأباه الفطرة السليمة، عندما وقعت أعينهم على رضيعة حديثة الولادة ملقاة بأحد الشوارع بمنطقة القطامية، حيث راودت مخيلتهم يصاحبها علامات الدهشة والضجر أن وراء تلك الجريمة فتاة قد تكون تعرضت للاغتصاب أو لجأت إلى ممارسة الحب المحرم ولم تطاوعها وسائل منع الحمل، وعلت الأصوات يشوبها حزن وألم على تلك الرضيعة التي لاذنب لها، فمشاعر الرحمة تتدفقت عند رؤية حيوان حديث الولادة فماذا إذن بالإنسان الذي كرمه الله عز وجل.

تناثرت الدموع فوق الوجوه، وسارع الجميع بالاتصال بقسم الشرطة حيث اتتقل على الفور الرائد محمد سامح زغلول معاون مباحث قسم شرطة القطامية إلى مكان الواقعة، وأثناء عمل التحريات المكثفة، كانت المفاجأة.

عندما أخبره أحد مساعديه بأن هناك فتاة تريد مقابلته وبإلحاح شديد، استقبلها معاون المباحث وبإحساس وخبرة رجل الشرطة تيقن بأنها أم الرضيعة التي تجردت من كل مشاعر الإنسانية.

تنفست الفتاة الصعداء بعدما طمأنها معاون المباحث وهدئ من روعها وأخذت تروي له مأساتها والسبب الذي دفعها إلى ارتكاب تلك الجريمة المشينة، حيث ذكرت في أقوالها بأنها طالبة بكلية التجارة بإحدى الجامعات وأنها في لحظة ضعف استسلمت لأحد الأشخاص بعد أن أمطرها بكلمات الحب والغزل ووعدها بالزواج، وما أن طلبت منه أن يتقدم للزواج منها حيث بدأ الجنين يتحرك داخل احشائها، أخذ في مماطلتها والتهرب منها، وبعد محاولات لاجراء عملية إجهاض خشية الفضيحة لكنها أبت واستسلمت حتى وضعت طفلتها، وهداها شيطانها وبمساعدة صديقة لها بالتخلص منها وإلقائها بأحد الشوارع.

لكن تغلبت عليها مشاعر الأمومة وتأنيب الضمير، وقررت الاعتراف بحقيقة الأمر غير مبالية بالفضيحة التي ستلحق بها.

وباستدعاء صديقة الأم المتهمة أكدت صحة الواقعة وتم تحرير المحضر اللازم وأحيلا إلى النيابة التي تولت التحقيق.