كنت كأى فتاة أحلم باليوم الذى أرتدى فيه الفستان الأبيض، وأزف فى موكب تحيطه الفتيات من الجانبين حاملات باقات الورود، والزغاريد تملأ المكان وأجلس إلى جوار عريسى وأراقب وجوه الجالسين ونظراتهم الحاسدة لى ولمن اخترته شريكاً لحياتى، وحينما رشحه لى أحد معارفنا، وافقت عليه دون تردد، فوجدت فيه ما كنت أتمناه، شاب، يكبرنى بسنوات معدودة، ماله وفير، يعمل فى بلد خليجى، وسيوفر لى حياة طالما حلمت بها، وتحت تأثير تلك المواصفات التى تعد فى عرف حيِّنا الشعبى مثالية، قبلت بشرط عقد القران والمكوث لشهور فى بيت أهلى حتى ينتهى زوجى من تجهيز البيت الذى سنستقر فيه فى بلد عمله وإنهاء كافة الإجراءات اللازمة لسفرى. تتدافع الذكريات على ذهن الزوجة الشابة فتجبرها على الصمت للحظات، ثم تعاود حديثها بنبرة منكسرة: «سافر زوجى سريعاً وخلال فترة غيابه بتنا نتواصل عبر» «فيس بوك» و«واتس أب»، وبات يطلب منى أن أفتح الكاميرا كى يرى مفاتنى، فى البداية كنت أرفض، فكيف لى أن أفعل ذلك؟!، لكن مع مرور الوقت وكثرة إلحاحه واللعب على أوتار الغربة والوحدة، وأننى أصبحت زوجته أمام الله والناس بدأت مقاومتى تنهار، وصرت أنفذ له ما يرغب وصدقت حججه وأسبابه الواهية التى كانت تخفى وراءها أغراض أكثر دناءة. تتثاقل الكلمات على لسان الزوجة وهى تتحدث والقشة التى قصمت زواجها: «دون أى مقدمات، أرسل زوجى فى طلبى، وقتها لم أتمالك نفسى من الفرحة، فأخيراً سيجمعنا بيت واحد، ولم أفكر أو أسال عن السبب الذى جعله يعدل عن قراره فجأة بعد أن كان يتحجج بصعوبة الظروف وضيق الحال ويوصينى بالصبر، حتى وطأت قدمى موطن عمل زوجى حينها أدركت السبب الحقيقى وراء تصرفه، فلم يرسل فى طلبى حباً فى أو اشتياقاً لى، لكن كى يقدمنى لكفيله الذى لم يعد يكيفه مشاهدة صور جسدى التى كان يعرضها عليه أولاً بأول حتى ينال رضاه، وفى سبيل ذلك تحمل الكفيل العجوز تكاليف شحنى كاملة، ممنياً نفسه باللحظة التى يسترد فيها ما دفعه بناء على اتفاق مسبق مع زوجى، وبمجرد وصولى تحجج زوجى بالذهاب إلى العمل، وغادر مسرعاً وكأنه يهرب من شىء، ثم فوجئت بكفيله يقتحم مكان إقامتى، حاولت أن أمنعه، فقال لى إن زوجى على علم بوجوده، وإنه هو من رتب هذا اللقاء وانقض على، قاومته وبأعجوبة تمكنت من الإفلات من بين يديه». تنهى الزوجة روايتها أطلعت زوجى على ما فعله معى كفيله العجوز، واستغلاله لغيبته ومحاولته الاعتداء على، وادعائه بأنه على علم بما سيفعله معى بل هو من أفسح له الطريق كى يصعد لى فى مكان إقامتى ويقضى معى ليلة حمراء، واهمة بأنه سينصفنى ويقتص لشرفه، لكنى فوجئت به يصرخ فى وجهى ويقول ليه: «وأيه يعنى ديه ليلة وبعدين أنتى عايزة تخربى بيتى»، ثم انهال علىّ بالضرب، وعقب استعادتى الوعى وصحوت من هول صدمتى، بدأت أفكر فى طريقة أعود بها إلى بلدى قبل أن يحولنى إلى «عاهرة»، وبعد محاولات مضنية وحيل نجحت فى الهروب منه، وفور وصولى إلى القاهرة، لجأت إلى محكمة الأسرة، وأقمت دعوى خلع لأتخلص بها من هذا الرجل الذى لا يعرف معنى كلمة الشرف وفى سبيل تحقيق مصلحته يبيع أى شىء».