رافقت الملكة «ناريمان» زوجها الملك فاروق إلى المنفى بإيطاليا وقت أن غادر مصر فى 26 يوليو 1952 معزولا بقرار مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، وبعد شهور قليلة عادت إلى القاهرة وطلبت الطلاق، وقضت المحكمة فى فبراير 1954 بطلاقها «طلاقا بائنا» منه، وتنازلت عن حضانتها لابنها الأمير أحمد فؤاد واحتفظت بحق رؤيته.
 
ذاقت «ناريمان» العذاب مع «فاروق» فى إيطاليا، ويؤكد هذا المعنى كتاب «كانت ملكة- ناريمان آخر ملكات مصر» للكاتب الصحفى جميل عارف «المكتب المصرى الحديث- القاهرة»، وفيه يكشف عم ناريمان «مصطفى صادق»: «كانت ناريمان تبكى وتتوسل إلى أمها أن تعمل على إنقاذها وفى إحدى المرات قالت لأمها: أنا بموت.. فاروق حيقتلنى» وأرسلت رسالة إلى أمها تقول فيها: «أنا مش طايقة أقعد دقيقة واحدة فى إيطاليا، فاروق بيضربنى وبيطول إيده، وحكايته زادت»، ومع تكرار الشكوى سافرت الأم إلى ابنتها، وتشاجرت بعنف مع فاروق، وعادت بابنتها إلى القاهرة وتواصلت إجراءات الطلاق، وأثناء ذلك أطل الفنان فريد الأطرش بقصته مع ناريمان، ويتحدث عنها الكاتب والناقد الفنى عبدالنور خليل فى مذكراته الفنية المنشورة بجريدة «نهضة مصر» «يومية مستقلة متوقفة- القاهرة» عام 2004.
 
يذكر «خليل» فى مقال بعنوان «غرام الملكة والفنان.. فريد وناريمان»، أن الصحف تناقلت أخبار الزواج المرتقب من الملكة السابقة والفنان فريد الأطرش، ولم يرق هذا لأم ناريمان فأصدرت بيانا تحذر فيه الأطرش من مجرد التفكير فى هذا الأمر، و«طالبته بمعرفة قدر نفسه ومراعاة الفوارق الاجتماعية»، وحسب «خليل»: «لم يتحمل الأطرش هذا الهجوم من والدتها، فرد عليها محاولا توضيح أصله وحسبه ونسبه» قائلا: «إننى أمير من نسل أمراء الدروز.. أبا عن جد.. بينما ناريمان لم تحصل على صفة الملكة إلا بعد زواجها من الملك، وها أنا أضع كل حسبى ونسبى وثروتى كلها أمامها»، ووفقا لـ«خليل» فإن الملكة خافت من والدتها فرفضت هذا العرض، ما جعله يصاب بذبحة صدرية «فى مثل هذا اليوم 1 يناير 1954»، واعتكف عن العمل فترة من الوقت.
 
يضيف خليل، أن كونصلتو يتكون من ستة أطباء انتقلوا إلى بيت فريد يباشرون حالته، وقاموا بعمل أشعات على صدره بعد أن نقلوا جهاز الأشعة إلى منزله، واستدعى الصحفيين إلى منزله، وقال فيما يشبه المؤتمر الصحفى: «إننى أقولها بصراحة تامة بأن ناريمان سوف تندم فى يوم ما على الكلمات التى قالتها، وإنها هى التى كانت ستكسب من وراء زواجى بها قبل أن أكون أنا الرابح، لكن بعد هذا التصريح أغلقت الباب نهائيا على مجرد التفكير فى هذا الزواج، وأنا لا أقول هذا الكلام لمجرد التفاخر أو الغرور، لكننى متأكد من أننى ابن أصل ومن عائلة كريمة، وفوق هذا فإننى «عصامى» بنيت حياتى من عرقى وكفاحى، ولم أعتمد على صلة القرابة أو المصاهرة لكى أمتص الأموال أو أكسب بطرق غير مشروعة».
 
دخل الكاتب الصحفى موسى صبرى المعركة من خلال رئاسته لتحرير مجلة «الجيل»، وفى مذكراته «50 عاما فى قطار الصحافة» «دار الشروق- القاهرة» يذكر: «فى عام 1954 أصيب فريد الأطرش بأول نوبة قلبية، ألزمته الفراش وهددت حياته بالموت، ونقلت وكالات الأنباء من القاهرة أن الملكة السابقة ناريمان سوف تتزوج من فريد الأطرش، وعلقت أصيلة هانم والدة ناريمان على هذا الخبر، بكلمات أهدرت كرامة فريد الأطرش، أخفها تساؤلها: «من يكون هذا الفريد الأطرش؟ إنه ليس أكثر من مطرب». يؤكد موسى: «كان فريد على صداقة بأسرة ناريمان، وكان يدعوهم فى منزله، ويتلقى دعواتهم، فأصابته هذه الكلمات فى مقتل، وكانت أزمة قلبية حادة أنقذه الأطباء منها بأعجوبة»، كتب «موسى» رسالة مفتوحة إلى ناريمان بعنوان «سيدتى الملكة السابقة.. رفقًا بأهل الفن»، قال فيها: «ليس من حق السيدة ناريمان، أن تنال طائفة يجب أن يكون لها مكانتها فى مجتمعنا، بالتجريح والتحقير، هذا أسلوب بلاه الزمن الذى أسرعت عجلاته إلى الأمام، وأهل الفن هم أهلنا المفترى عليهم، لأن ذنبهم أنهم دائما تحت الأضواء، وإن ما يدور وراء البيوت المحجبة، لهو أقسى بكثير مما يفعله أهل الفن بلا حجاب، وتحت ضوء الشمس».
 
يؤكد «عبدالنور» أن فريد أنتج فيلم «قصة حبى» إخراج بركات، ليحكى قصته وطلب من مؤلف الأغانى «محمد فهمى إبراهيم» أن يكتب له أغنية تكون ضمن أحداث الفيلم تبدأ باسم «نورا» وهو اسم التدليل للملكة ناريمان الذى كان يناديها به أفراد عائلتها.