لم تكن السعودية تتوقع أن الدولة المصرية ستتجاهل غضبها وستحاول استرضاء المملكة، باعتبار أن مصر تحتاج إلى مساعدات مالية من الدولة الخليجية خلال الفترات المقبلة، لكنهم فوجئوا بموقف ثابت من الرئيس المصري وعدم تراجع عن القرارات التي أغضبت ملك السعودية، بالإضافة إلى تصريحات الرئيس خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بأن مصر لن تركع لأحدًا.
 
وما أثار قلق المملكة أيضا هو أن مصر لن تهتم بشأن تصريحات شركة أرامكو التي يرأس مجلس إدارتها الأعلى محمد بن سلمان، بأنها لن تصدر النفط إلى مصر لفترة، ووجدت في المقابل تمكن مصر من وجود بديل لنفط السعودية وهو النفط الليبي، وهو ما أكده المنظوري نائب حفتر حينما قال: " نفط ليبيا تحت أمر مصر".
 
موقف مصر جعل المملكة ترسل وفدا سعوديا إلى القاهرة أول أمس، برئاسة مستشار الديوان الملكي السعودي، سعود بن عبدالله، في محاولة من الملك سلمان لإزابة الجليد بين البلدين، والتأكيد على تفهم المملكة لغضب مصر وأن الخلاف السياسي لن يفسد العلاقات الوثيقة بين مصر والسعودية.
 
الزيارة كانت سرية واستغرقت نحو ست ساعات، وخرج الوفد من المطار للقاء المسؤولين المصريين مباشرة، وتم ذلك بترتيبات سفير السعودية في القاهرة أحمد القطان، وشارك في الوفد أيضا مسؤولون من الشركة السعودية "أرامكو".
 
وحمل الوفد السعودي رسائل الملك سلمان للرئيس السيسي، هذه الرسائل لم ينقلها الإعلام المصري، ولكن نشرتها "الأخبار اللبنانية".
 
الرسالة الأولى التي نقلها مستشار سلمان للرئيس السيسي،  أن السعودية ستسعى إلى احتواء الخلاف بين القاهرة وأنقرة على نحو أكبر خلال الفترة المقبلة، مع الالتزام الكامل بجميع التعهدات المتفق عليها اقتصادياً، مرجعاً تأخر تنفيذ بعض الاتفاقات إلى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السعودية، بالإضافة إلى إجراءات جديدة تُتّخذ لتصحيح الأوضاع الداخلية وليس لها أي علاقة بالخلاف السياسي.
 
ونقل سعود عن الملك سلمان قوله: «الخلافات السياسية في بعض القضايا لن تكون سبباً في إثارة حساسيات اقتصادية بين البلدين».
 
الرسالة الثانية كانت بشأن توريد النفط لمصر، حيث أعلن المسؤولون بشركة أرامكو عن انتظام التوريد في بداية الشهر المقبل، مع الالتزام بوصول الشحنات قبل المواعيد المتفق عليها في المستقبل القريب.
 
وفي المقابل، أكدت مصر قدرتها على سداد أي التزامات نفطية تتأخر شركة «أرامكو» عن تقديمها «شرط الإبلاغ المسبق»، وقد نقل المسؤولون المصريون لنظرائهم السعوديين وجود اتفاقات مع مسؤولين ليبيين على توفير كميات النفط التي تطلبها القاهرة، على أن يكون التسديد لاحقاً بالآلية التي يجري الاتفاق عليها في ظل العلاقات الجيدة التي تجمع بين مصر والنظام الليبي الحالي.
 
وتم التناقش خلال الزيارة أيضا بشأن جزيرتي تيران وصنافير، ومصير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين خلال الفترة المقبلة، ولكن الجانب المصري كان رده: «الاتفاقية ومصيرها باتا أمام القضاء الذي تحترمه جميع مؤسسات الدولة، بمن فيهم الرئيس».
 
الغريب في الزيارة، كما أفادت الأخبار اللبنانية، أن المسؤولين في مصر قاموا بدور المستمعين فقط، وكانت ردودهم في نطاق ضيق وبكلمات محدودة، بالإضافة إلى عدم تطرق المسؤولون المصريون للحديث عن أي مساعدات مادية أو غيرها، وهو مايشير إلى أن الزيارة لم تحقق الهدف منها، وأن الجانب المصري مازال غاضبا من موقف السعودية.