فنان وملحن من طراز رفيع ، يعد من أبرز عباقرة التلحين فى جميع العصور ، وهو الموسيقيّ المكافح والموهبة الغزيرة والإنسان العصامي الذي بنى اسمه سنة بعد أخرى بعرق وجهد وبروح وطنية صادقة، كان رمزا للكبرياء حتى وصفه البعض بكونه "كبرياء يمشي على الأرض" ، إنه الموسيقار" كمال الطويل ".

ولد الملحن  "كمال محمود زكي الطويل” يوم 11 أكتوبر عام 1923 في طنطا بمحافظة الغربية ، من أسرة وفدية كبيرة  ، ولكن حفر الحرمان بصمة واضحة على خلايا  الطفل بعدما انفصلت والدته عن والده بعد زواجه من سيدة أخرى ، حيث تفتح وعى الطفل على قراء القران الكريم ، والمنشدين فى المناسبات الدينية المختلفة .

التحق " الطويل " بمدرسة الاورمان الداخلية وذلك بعد وفاة والدته علم 1949 م، أرسله والده إلى المدرسة ليكمل فيها دراسته، ثم انتقل إلى القاهرة عقب إتمام دراسته ليتجه إلى طريق الفن .

تخرج " الطويل " من معهد الموسيقى العربية بعدما حصل على دبلوم الفنون قسم الزخرفة عام 1940، ثم عين مفتشا للموسيقى بوزارة المعارف، ليعمل بعد ذلك مديرا لإدارة الموسيقى والغناء بالإذاعة عام 1951 م، فهو يعد صاحب فكرة برنامح أركان الاذاعة انذاك .

وفى عام 1952 م، اتجه "الطويل" إلى التلحين، ولحن نشيد "والله زمان يا سلاحى" الذى أصبح بعد ذلك السلام الجمهورى المصرى خلال الفترة ما بين ( 1958 – 1977 )، ما دفعه إلى دراسة الموسيقى فى المعهد العالى للموسيقى المسرحية عام 1959 م، وعمل مستشارا فنيا بوزارة الثقافة والارشاد بالكويت عام 1966 م .

التقى "كمال الطويل" بالعندليب "عبدالحليم حافظ " عندما كان يدرس فى معهد الموسيقى، و لحن له أشهر أغانى  حيث التقيا فى ما يقرب من 56 أغنية عاطفية ووطنية منها " الحلو حياتى – هى دى هى – قولوله الحقيقة - بتلوموني ليه- في يوم في شهر في سنة- جواب- راح..راح- الحلوة- بلاش عتاب”، بالإضافة إلى اغنيتين وطنيتين هما “ذات ليلة”عام 1959م وأغنية بلدى يا بلدى 1964 م .

كما التقى  في عدد قليل من الأغاني مع كوكب الشرق “أم كلثوم” ومنها “لغيرك ما مددت يدا- غريب على باب الرجاء- والله زمان يا سلاحي”، كما قدم الكثير من الألحان لمجموعة من كبار فناني الوطن العربي، وكذلك قام بتأليف لحن اتحاد الجمهوريات العربية (مصر- اليمن – العراق) عام 1971.

كم قدم مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي مجموعة من الأغاني الوطنية أثناء حرب يونيو 1967، منها "إنذار"، "راية العرب"، "احلف بسماها"، "بالدم"، "اضرب"، "بركان الغضب"، "ابنك يقولك يابطل"، إضافة إلى أغنية "صباح الخير يا سينا" عام 1974م .

كما قدم " كمال الطويل " الموسيقى التصويرية لفيلم "عودة الابن الضال" مع المخرج الراحل "يوسف شاهين" ومن كلمات "صلاح جاهين" وغناء "ماجدة الرومي" قبل أن يعتزل التلحين ليعود من جديد مجاملة للمخرج "يوسف شاهين" ويقدم معه الموسيقى التصويرية لفيلم "المصير (فيلم)" وعند رحيله أعاد "يوسف شاهين" تقديم موسيقى المصير في فيلم "إسكندرية نيويورك" الذي حمل اهداء خاصا إلى "كمال الطويل .

ولحن " الطويل" لعدد كبير من الفنانين انذاك على رأسهم الفنانة ليلى مراد فى أغنية " ليه خلتنى أحبك " ، وفايزة أحمد فى أغنية " أسمر يا أسمرانى ، والفنانة وردة فى اغنية " بكرة يا حبيبى ، وصباح وسعاد حسنى  وغيرهم من الفنانين الذى كان سببا فى إشهار أغانيهم .

وقد حصل الموسيقار كمال الطويل على العديد من الجوائز والأوسمة خلال مشواره الفني، حيث حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2003، وسام الجمهورية للآداب والفنون من الدرجة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر، شهادة تقدير من دولة الكويت عام 1962, وسام من دولة موريتانيا عام 1966.

كما مارس " الطويل " العمل السياسى من خلال ترشيح نفسه لانتخابات مجلس الشعب فى اواخر الثمانينيات عن حزب الوفد ولكنه لم ينجح فيها ، فعين بعدها ضمن الاعضاء المعينين فى مجلس الشورى فى مطلع التسعينيات .

واعتزل " الموسيقار كمال الطويل " الفن وعاش فيما يشبه العزلة رغم محاولات عدد كبير من الفنانين لإخراجه من العزلة والتعاون معه فنيا، الا انه كان يرفض، حتى انه لم يتسلم جائزة الدولة الاخيرة التى منحت له .

وتوفى كمال الطويل يوم 9 يوليو عام 2003 م ، بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 80 عاما بعد رحلة طويلة في عالم الغناء والموسيقى بدأت في نهاية الأربعينات ، ولكن تظل أعماله الخالدة فى أذهان محبيه فى العالم العربى .