إذا شعر المواطن بارتفاع في الأسعار وضعف القيمة الشرائية للأموال في بلد ما، فإن الدولة في هذه الحالة تعاني من مرض "التضخم"، وبشكل مبسط "الفلوس كتير وبتشتري قليل".

وسجل معدل التضخم في مصر أعلى معدل في 8 سنوات أغسطس الماضي ليبلغ 16.4%، قبل أن يتراجع الشهر الماضي إلى 14.6%.

وبحسب رئيس اتحاد المصارف العربية محمد بركات يعتبر التضخم انعكاسا ونتيجة للسياسات الاقتصادية المتبعة، ويعرف على أنه مؤشر لقياس التغير في مستوى الأسعار العام، وهو أكثر المؤشرات تداولا، في الأوساط الاقتصادية، وقد لا يتابعه المواطن البسيط، رغم أنه أكبر المتأثرين به.

ثلاثة أسباب رئيسية للتضخم

الخبير الاقتصادي عمر الشنيطي حدد ثلاثة أسباب رئيسية وراء ظاهرة التضخم في مصر خلال الفترة الأخيرة أولها الاضطرابات السياسية منذ ثورة يناير 2011 والتى أدت إلى توقف العمل في الكثير من المصانع وتراجع الإنتاج، وبالتالي المعروض من المنتجات كما أدت إلى زيادة المضاربة على أسعار المنتجات خاصة في ظل تقلب سعر صرف الدولار والذي يؤثر على أسعار العديد من المنتجات الأساسية مما دفع الكثير من التجار لتخزين المنتجات حتى ترتفع الأسعار.

والسبب الثاني عجز الموازنة الناتج عن الزيادة الكبيرة في مصاريف الحكومة في بنود الرواتب والدعم وخدمة الدين بينما لم تزد الإيرادات بنفس المعدل ولجوء الحكومات المتعاقبة للاقتراض المحلى لتمويل هذا العجز.

والسبب الثالث تخفيض الجنيه الناتج عن تراجع الاستثمار الأجنبى والسياحة مما ضغط على سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومع وجود فجوة كبيرة بين سعر الصرف الرسمي والمتداول في السوق الموازية كان لا مفر من تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار عدة مرات، وهو ما انعكس على زيادة أسعار السلع المستوردة كما نتج عن ذلك ارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة التي تدخل في صناعة الكثير من المنتجات المحلية مما أدى إلى زيادة أسعار هذه المنتجات.

هل يستمر التضخم فى الارتفاع

مصرفيون ومؤسسات دولية توقعوا أن تواصل معدلات التضخم في مصر ارتفاعها بنسب كبيرة خلال الفترة المقبلة بالتزامن مع تعويم الجنيه، وخفض الدعم.

وقال الخبير المصرفي أحمد سليم إن تخفيض سعر الجنيه مجددا أمام الدولار، بجانب خفض الدعم للحصول على قرض صندوق النقد الدولي سيؤدي إلى ارتفاع جنوني للسلع الأساسية يقابله صعوبات في ضبط السوق.

وكانت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، قد طالبت أول أمس من مصر اتخاذ المزيد من الإجراءات المتعلقة بسعر الصرف والدعم الحكومي لضمان حصولها على قرض بقيمة 12 مليار دولار من الصندوق.

وقالت لاجارد إن هناك العديد من الإجراءات ينبغي اتخاذها، قبل أن يجتمع مجلس إدارة الصندوق، وتتعلق هذه الإجراءات بسعر الصرف والدعم، وهي التي ينبغي استكمالها، قبل أن يجتمع مجلس الإدارة.

ونصح سليم الحكومة بتأجيل تعويم الجنيه، لأنه يأتي في ظل ظروف صعبة للغاية، لاسيما مع قيام الدولة برفع أسعار المياه والكهرباء عن المواطنين وتطبيق ضريبة القيمة المضافة الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في الأسعار.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل التضخم في العام الحالي 10.2%، على أن يرتفع إلى 18.2% في 2017، وكان الصندوق قد توقع في أبريل الماضي أن يبقى معدل التضخم تحت مستوى 10% في العامين مع اتجاه الدولة لتنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية.

من جانبه توقع الخبير المصرفي أحمد آدم استمرار معدلات تضخم الأسعار في الشهور المقبلة نتيجة استمرار آثار خفض قيمة الجنيه في شهر مارس الماضي، وكذلك أزمة نقص العملة الأجنبية والتي تسببت في اتساع الفجوة بين سعر العملة في السوق الرسمي ونظيره في السوق الموازية، بالإضافة الى تطبيق ضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الطاقة والكهرباء.