هبة رفاعى تكتب: 
تمامًا مثل مقولة «شعب متديّن بطبعه»، تندرح مقولة «الست المصرية نكدية» ضمن قائمة الأقوال المأثورة المغلوطة، والتى ما إن تبدأ فى مناقشتها حتى تنهال عليك عبارات الهجوم مختتمة بالقول الشهير: «هذا ما وجدنا عليه آباءنا».
للإنصاف فقط، هناك بعض السيدات نكديات بالفعل، فى مقابل بعض الرجال الذين يحملون نفس الصفة أيضًا، ولكن بشكل عام، النساء لسن نكديات أبدًا، بل العكس هو الصحيح، السيدة المصرية تسعى نحو أى بارقة سعادة، تنتشلها من المسؤوليات والضغوط الاجتماعية، حتى ولو كانت تلك السعادة فى فسحة بسيطة يمرح فيها الجميع، مقابل ساعات من تحضير الساندويتشات، وحمل الأمتعة، والكثير من العناء الذى تتكبده وحدها، من أجل التمتع بعض نسمات الهواء، بعيدًا عن الروتين.
وإذا حاولنا البحث وراء تلك التكشيرة التى تعلو وجوه بعض النساء، لوجدنا الكثير من الأعباء والضغوط، من العمل، الشارع، المجتمع، الأهل، الأولاد، المدارس، البيت، وأخيرًا ذلك الرجل الذى يمتلك قناعًا «ببوز» طويل يرتديه خصيصًا لتلك المسكينة، بحجة أنه «قرفان» من الشغل، وأنها نكدية.. فعلًا!
الرجل المصرى الذى يشكو من نكد المرأة، هو الذى يبدأ يومه بذلك «البوز» غير المبرر، فقط لأنه استيقظ! على الرغم من أن كل ما ينتظره هو مشروبه الصباحى، مع السيجارة، ثم النزول إلى العمل، فهو غير مضطر إلى القفز من السرير لتحضير الفطور، وإيقاظ الأولاد، وتجهيزهم، وانتظار الباص، أو إخراج «الفرخة» من الفريزر مثلًا!
يضحك ويسرد الحكايات فى العمل، ثم يعود إلى المنزل مرتديًا ذلك «البوز» (هوَّ بعينه)، لأنه «جاى قرفان»، بينما يجد الغداء جاهزًا، يتناوله بنفس التكشيرة، ثم يذهب إلى القيلولة، بينما يُدار البيت بواسطة تلك النكدية، واجبات مدرسية، ومهام منزلية... إلخ.
لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه بعد أن يصحو من قيلولته المقدسة، والسبب: «أنا لسَّه صاحى»! يرفض الحديث لأنه منهك طيلة اليوم، ينفر من الزيارات العائلية، وخاصة إذا كانت حماته هى الضيف، يقابل الزوار بنفس التكشيرة (راجل وعاوز يرتاح فى بيته، وكأنهم سيخلدون فى جنته)، يعتبر السؤال عن سبب «قرفهر الدائم، إهانه لذاته العُليا، فسؤال: (مالك؟) لا بد وأن تتبعه «خناقة مُعتَبَرةر، لأنه يكره ذلك السؤال بدون سبب، أهو رخامة وخلاص!
يرفض السفريات الطويلة، لأن الميزانية لا تسمح، ويتبع ذلك الطلب بالكثير من الصراخ والعويل، حول مسؤولياته المادية تجاه تلك الأسرة، وكأنها ليست أسرته، وكسبهم فى كيس شيبسى!
يكره اقتراح الخروج، من أجل كسر الروتين، والحجة طبعًا جاهزة: «أنا طول اليوم برَّه، عاوز أرجع البيت أستريحر، ثم يعقب تلك الجملة بطلب كوب من الشاى، الذى ما إن تنتهى الزوجة «النكدية» من إعداده، حتى تجده جاهزًا «على سنجة عشرة»:
- إيه ده! أخيرًا اقتنعت إننا نخرج شوية؟
- لا نخرج فين! أنا نازل أقعد مع أصحابى ع القهوة..
- إنت مش قولت عاوز أستريح؟
- يوووووووه هنبدأ بقى القرف!
يعقب ذلك الحديث، صوت قهقهات وضحكات ذلك الزوج مع أصدقائه، وهو جالس على القهوة، خافيًا «بوزه» فى جيبه الخلفى، وهو يُلقى نكتة «لطيفة»، يختمها بالمقولة الظالمة: «الستات دول نكديين قوى».. فعلًا نكديين!