الآن خرج الإعلامي الشهير وصاحب الشعبية من التشفير إلى الفضاء الواسع، حيث استقبلته الشبكة التي اشتراها "رجل أعمال" موالي من "رجل أعمال" معارض، بالإعلانات الترويجية عن البرنامج، الذي سيكون ضمن "خطة التطوير".
"التطوير" الحقيقي بدأ سريعا، وجاء في الحلقة الأولى لبرنامج الإعلامي، ليبدو أنه لا فارق بين موالي أو معارض، إنها سياسة رأس المال، عصر رجال الأعمال.
بالأمس، أطل الإعلامي عمرو أديب، لاول مرة، عبر الهواء المفتوح، في قناة "ON E" ببرنامج جديد، بعد تجربة طويلة قضاها مشفرا على شبكة قنوات "أوربت" منذ التسعينيات.
برنامج جديد وعمرو أديب، إذن لا بد من "خبطة" في الحلقة الأولى، تحقق المشاهدة وتثبت أن الإعلامي لن يبخل على مشاهديه بالانفرادات والقضايا المثيرة، لكن ماذا لو كانت "خبطة" مثيرة ومفيدة أيضا.
إذا تُركت الإثارة هنا للمنطق الإعلامي الحالي، فإن الاستفادة ستكون بالطبع للتوجه الجديد/ القديم للشبكة، رجل أعمال كبير هو أحمد أبو هشيمة استثمر أمواله لأول مرة بهذه الطريقة في مجال الفضائيات، إذن لا بد من أن يعم خير الحلقة الأولى على الكل، سواء على هيئة "خدمة" لسالم، أو ترويج فكرة تدافع عن رجال الأعمال، بلا وعن النموذج الذي يعتبر "الأسوأ" فيهم.
ماذا نفعل إذن؟ لا أحد غير حسين سالم، قضية مثيرة دوما، تشغل بال المصريين، ورجل أعمال من نفس الطينة كذلك، وعلى مقربة من التصالح مع الدولة في قضايا الأرصدة والأموال المقامة ضده، إذن نأتي بحسين سالم، بل نذهب له في إسبانيا.
جلس عمرو أديب أمام حسين سالم، الذي بدا كهلا لا يتحرك وينطق بصعوبة، وبجواره أبنائه، ودار الحوار ساخنا على طريقة أديب، لكنه ودودا للغاية و"حنونا" على أحد أبرز وجوه نظام مبارك في سنواته الأخيرة التي امتلأ فيها الجو بفساد لا يُطاق.
مجمل الحوار أبرز حسين سالم كالتالي: رجل مصري طاعن في السن، يريد أن يعود إلى وطنه بعد أن "تبرع" للبلد بمعظم أمواله، وبات فقير الحال، لماذا يُمنع من العودة إذن، ماذا سنستفيد وهو وأمواله في إسبانيا ونحن هنا؟
هذا السؤال الأخير طرحه أديب على المشاهدين نصا في الإستديو بينما كان يقدم اللقاء الذي جرى تسجيله: "هنستفيد إيه لما يقعد كده برة هو أو رشيد محمد رشيد أو أو أو".
منطق "التسامح" والاستفادة من المتاح، الذي يصدره أديب للمشاهدين في أول حلقة، وإن بدا واقعيا، من الناحية المالية، لكنه لم يخل من إصرار غريب على تبرئة ساحة حسين سالم، شعبيا، وهو المتهم في قضايا فساد، والمختصر أن الدولة برأته مقابل أن تحصل على أكثر من 5 مليارات، فلماذا لا تسامحونه يا مصريين أيضا، فكما رأيتم، هو رجل عجوز جدا يريد أن يمود في بلده.
وعندما نربط ذلك بتقرير أذاعه بعد نهاية الحوار عن حادث الهجرة غير الشرعية في مركب رشيد، فإن "الشيطان يكمن في التفاصيل" هنا، فالتقرير يقول للفقير الذي أرسل ابنه في رحلة موت لكي يجهز ابنته، كيف تفعل هذا بابنك، وهذا وإن كان صحيحا، لكن مع قراءة الصورة كاملة سنكتشف الرسالة التالية: كيف أيها الفقير ترسل ابنك خارج بلده للموت، وهذا الرجل العجوز منح بلاده كل أموالها ويريد فقط أن يعود ليموت فيها؟.
شياطين كثيرة في تفاصيل الحلقة الأولى لأديب خارج التشفير، تبدو فيها شكوك التعبير المثالي عن سياسة أبو هشيمة الجديدة، وربما ترتيبات أعلى فيما يخص حوار حسين سالم تحديدا، لامتصاص غضب شعبي "محتمل" بعد التصالح معه، لكنه بالأساس، وفي حالة عدم نجاح الشياطين في اللعب بعقول المشاهدين، فسيكون أديب الخاسر الأكبر في تجرة "إعلام رأس المال".