عمر حسن
 مستلقيًا على ظهره، يتصبب عرقًا، سريع النبض، بارد الأطراف، محتفظًا بوعيه قدر الإمكان، يمر الوقت في غرفته والجميع في ذهول، وتدق عقارب الساعة تعلن قدوم الخامسة والربع مساءً، ومعها تدق آخر نبضات قلبه، ليستوي خط الحياة لأحد أهم الزعماء في تاريخ الأمة العربية وهو في عمر الثانية والخمسين.
 
وكأن التاريخ أبى أن يزيح الستار عن لغز وفاة الزعيم الراحل، "حبيب الملايين" جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر من عام 1970، ليظل أبناؤه ومحبوه في حيرة من أمرهم، وتفتح أبواب الاتهامات التي طالت القاصي والداني، والغريب أنها لم تغلق حتى وقتنا هذا، فهل مات بشكل طبيعي؟ أم مات مقتولًا؟ وإن صح الاحتمال الثاني، ترى من قتله؟ وما دافعه للقتل؟
وخلال التقرير التالي نستعرض لكم أشهر السيناريوهات التي تم تداولها عن وفاة الزعيم الراحل، والذي كان إعلانها بمثابة قنابل مدوية، اُستهلك في تحليلها مئات الصفحات في الجرائد والمجلات.
 
قتله السادات بـ«فنجان قهوة»
 هو الاتهام الأخطر والأكثر إثارة للجدل، وأول من وجهه كانت ابنة الزعيم الراحل، هدى جمال عبد الناصر، فقالت: "إذا كان أبى قد قتل بالفعل فالسادات هو القاتل الأساسى وليس شريكا فى القتل لكنى أؤكد أن الأمر ليس مؤكدا وليس لدى دليل"، وكان ذلك التصريح كالصاعقة التي هبطت على رأس رقية السادات، كبرى بنات الرئيس، والتي رفعت دعوى قضائية لرد اعتبار أبيها، ضد هدى عبد الناصر، وحصلت على حكم قضائى بالتعويض.
ما تستند إليه هدى عبد الناصر هو موقف جمع أبيها بأنور السادات، كما روى الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل في برنامج "تحربة حياة" على قناة الجزيرة، حينما قام السادات بإعداد فنجان قهوة وضع فيه السم للرئيس جمال عبد الناصر أثناء جلوسه مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، قبل وفاته بيومين، في جناح بفندق الهليتون، وهو ما نفى حدوثه الكاتب الصحفي الحاضر للجلسه، لكن الرأي العام حينها اعتبر رواية هيكل بمثابة اتهام غير مباشر للسادات بقتل الرئيس جمال عبد الناصر.
السم السوداني
 روى السياسي الفلسطيني، والمدير السابق للدائرة السياسية في حركة فتح، عاطف أبو بكر، في لقاء مع قناة العربية، أن الرئيس جمال عبد الناصر مات مقتولًا بالسم الذي دُس له أثناء زيارته إلى السودان في يناير من عام 1970، موضحُا أن الخبراء قالوا إن ذلك السم يستغرق حتى 9 أشهر كي يبدأ مفعوله، لذا مات عبد الناصر في سبتمبر.
برتقال أشرف مروان
 لهذه الرواية سيناريوهان، الأول يقول إن زوجة الزعيم الراحل قدمت له عصير البرتقال، فشربه ودخل ليستريح في غرفته، وبعدها بفترة ظهرت عليه أعراض الإعياء، والثاني يقول إن زوج ابنته الضابط أشرف مروان هو من أعد العصير ووضع له السم فيه، الذي يقتل بعد عدة ساعات ويجعل سبب الوفاة أشبه بالأزمة القلبية دون أن يترك أثرًا، وهو ما طرح بعد مقتل أشرف مروان في لندن، وذكره الإعلامي عمرو الليثي في كتابه "اللحظات الأخيرة فى حياة جمال عبد الناصر".
احتشاء الأوعية الدموية
 في مقابلة مع القناة الروسية الناطقة بالعربية، روى كبير أطباء الكرملين الروسي المسؤول عن علاج عبد الناصر بتكليف من القيادة السوفيتية، والذي كان بصحبته قبل الوفاة بأيام قليلة في القاهرة، أن الرئيس الراحل كان يعاني من إصابة في عروق القدمين، سببت له آلامًا حادة، وطلب أثناء زيارته لروسيا في عام 1968 أن يفحصه الأطباء الروس، فقام هو بفصحه وأوصاه بالذهاب للاستشفاء بمياه الينابيع الساخنة في جورجيا، وهو ما فعله الرئيس وتحسنت حالته.
بعد عامين، ساءت حالة الرئيس وتم استدعاء الطبيب الروسي إلى القاهرة، وأخبر القيادة المصرية أن حالته حرجة وأن عليه أن يلزم الفراش لأن احتشاء الأوعية أصاب أوردة القلب أيضًا، ثم تركه وعاد إلى روسيا، ليفاجأ بعدها بوفاة الرئيس جمال عبد الناصر، وهذا ما يرجح سيناريو الوفاة بالأزمة القلبية كما جاء في التقرير الطبي الخاص به.