28 وزيراً يجب عزلهم من مناصبهم بسبب الفساد.. حقيقة ربما تصدم الكثيرين، ولكنها فى النهاية تستند لدراسة علمية دقيقة وواقع ملموس.
وما يصدم أكثر وأكثر أن الفساد تغلغل للأجهزة الرقابية ذاتها، رغم أنها الأجهزة المسئولة التى تتولى فضح الفساد ومطاردته!.. والكارثة أن الفساد وصل مؤسسة الرئاسة ولمجلس الوزراء!
والمصيبة أن الصفين الأول والثانى فى الوزارات غارق فى الفساد، إلا من رحم ربى، وأن المال العام ينزف سنويا تريليون جنيه يبتلعها الفساد والمفسدون..
وخلال العام الأخير استقال الوزيران «صلاح هلال» و«خالد حنفى»، من الحكومة، على خلفية اتهامات بالفساد.. أولهما أحيل للمحاكمة وتم حبسه، بعد دقائق من استقالته.. والثانى مازال ينتظر.
وإذا كان العزل من الوظيفة هو عقوبة كل مسئول فاسد أو متستر على الفساد.. فكم وزير يستحق العزل من وظيفته بسبب صمته على فساد؟.. وكم مسئولا وموظفا فى الدولة يستحق ذلك المصير؟.. الإجابة صادمة.. 28 وزيراً بالتمام والكمال.
وهذه الإجابة لا نستقيها من آراء خبراء، ولا من تحليلات محللين، ولا تعتمد على كلام مرسل، ولكن تستند إلى أرقام دراسات متخصصة ودقيقة رصدت حالات الفساد فى وزارات مصر المختلفة.. والأرقام دائما «مبتكذبش».. كما يقولون.
الدراسة نفذتها مؤسسة «شركاء من أجل الشفافية»، ورصدت وقائع الفساد خلال 365 يوما تبدأ من يوليو 2015 وتنتهى فى يونيه 2016.
 وخلال هذه الفترة رصدت الدراسة 1102 واقعة فساد فى مؤسسات الدولة، بواقع 3 وقائع فساد يوميا.
وجاءت وزارة التموين الأكثر فسادا وشهدت وحدها 215 واقعة فساد بنسبة 19.77% من إجمالى وقائع الفساد.. ويليها المحليات برصيد 127 واقعة فساد بنسبة 11.5% تقريبا، ثم الصحة بـ97 واقعة فساد بنسبة 8.8%، ووزارة الزراعة بـ 88 واقعة فساد بنسبة 7.9%، ويليها وزارة الداخلية بـ76 واقعة فساد بنسبة 6.89%، ثم وزارة التربية والتعليم بـ59 واقعة فساد بنسبة 5.35%، ووزارة المالية بـ 49 واقعة بنسبة 4.44%، ووزارة الإسكان بـ36 واقعة بنسبة 3.26%.
ويأتى بعد ذلك وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برصيد 31 واقعة بنسبة 2.8%، من إجمالى وقائع الفساد التى شهدها العام الأخير، ووزارة النقل بـ29 واقعة فساد بنسبة 2.63%، ووزارة العدل بـ24 واقعة بنسبة 2.17%، ثم وزارة الشباب والرياضة بـ23 واقعة بنسبة 2.08%، تليها وزارة الرى والموارد المائية بـ22 واقعة بنسبة 1.99%، ثم وزارة التضامن الاجتماعى برصيد 19 واقعة بنسبة 1.72%.
وجاءت بعد ذلك كل من وزارات البترول والأوقاف الاستثمار برصيد 18 واقعة فساد لكل منها بنسبة 1.6%، ووزارة الآثار برصيد 17 واقعة بنسبة 1.54% ،ثم وزارة التعليم العالى بـ 16 واقعة فساد بنسبة 1،45%، ووزارة الكهرباء برصيد 14 واقعة بنسبة 1.27%، ووزارة الثقافة برصيد 9 وقائع بنسبة 0.81%، ، يليها وزارة الصناعة والتجارة برصيد 7 وقائع بنسبة 0.63%، ووزارة البيئة برصيد 5 وقائع بنسبة 0.45% ،تليها كل من وزارة قطاع الأعمال ووزارة القوى العاملة برصيد 0.36%، كما حصلت كل من وزارتى الطيران والسياحة على 3 وقائع فساد بنسبة 0.27%، وأخيرا وزارة التطوير الحضارى بواقعة فساد واحدة من 1102 واقعة بنسبة 0.09%.
والكارثة أن الفساد طال الأجهزة الرقابية ذاتها.. وتقول الدراسة إن الأجهزة الرقابية شهدت 12 واقعة فساد بنسبة 1.08%، أما مؤسسة الرئاسة فكان نصيبها 7 وقائع فساد بنسبة 0.63% ورئاسة مجلس الوزراء 6 وقائع فساد بنسبة 0.54%، حتى البرلمان شهد 10 وقائع فساد بنسبة 0.90%، وهى ذات نسبة الفساد فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى شهد هو الآخر 10 وقائع فساد.
ويؤكد الدكتور ولاء جاد الكريم مدير مؤسسة شركاء من أجل الشفافية أن الأرقام التى رصدتها الدراسة تم تدقيقها بدرجة كبيرة.. وقال «اعتمدنا فى الدراسة على وقائع الفساد التى تم الإعلان عنها، وأيضا التى تم بشأنها تحقيقات داخلية فى الوزارات المختلفة، وأيضا وقائع الفساد التى نملك مستندات بشأنها، وبالتالى فكل ما رصدناه حقيقى تماما، وليس فيه تهويل أو رجم بالغيب، كما أنه ليس كلام والسلام».
ويضيف «من بين 1102 واقعة فساد رصدناها، هناك 728 واقعة قيد التحقيق (بنسبة 66%) و173 واقعة قيد المحاكمة (بنسبة 16 %)، و144 واقعة لم يتم التحقيق فيها بعد (بنسبة 13 %)، فيما تم الحكم فى 57 واقعة فساد (بنسبة 5%).
ويواصل «الكارثة الأكبر أننا لم نجد وزيرا يهتم بشكل جاد بوضع آليات لمحاربة الفساد، والغالبية العظمى من الوزراء لم يبذلوا أى مجهود فى التصدى للفساد ولهذا انتشر وتوغل وبالتالى فكلهم مسئولون عن الفساد الموجود فى وزاراتهم».
نعود للدراسة مرة أخرى، لنكتشف أن شهر يناير 2016 سجل أعلى معدل لوقائع الفساد بواقع 138 واقعة، تلاه مباشرة شهر فبراير من نفس العام برصيد 112 واقعة، ثم أغسطس 2015 برصيد 104 وقائع، ومايو 2016 برصيد 101 واقعة، بينما كان شهر أكتوبر 2015 هو الأقل برصيد 60 واقعة فساد.
فساد يوليو
وإذا كانت الدراسة السابقة قد رصدت الفساد حتى نهاية يونيو الماضى، فإن مؤسسة شركاء من أجل الشفافية، أجرت دراسة ثانية حول الفساد خلال شهر يوليو الماضى، وهو الشهر الذى تلا الدراسة السنوية، وجاءت النتائج متطابقة مع نتائج الدراسة السنوية، فكانت وزارة التموين صاحبة النصيب الأكبر من وقائع الفساد خلال شهر يوليو 2016 برصيد 15 واقعة فساد من إجمالى 64 واقعة، تليها وزارة الزراعة برصيد 10 وقائع فساد، يليها قطاع المحليات برصيد 9 وقائع، يليها قطاع الصحة برصيد 8 وقائع فساد، ثم تأتى كل من وزارتى الكهرباء والعدل برصيد 3 وقائع لكل منهما.
وعن التوزيع الجغرافى للفساد، تقول الدراسة إن محافظة القاهرة تحتل النصيب الأكبر من ضمن وقائع الفساد خلال شهر يوليو 2016، نظرًا لتمركز المقرات الإدارية بها حيث نالت 23 واقعة فساد، يليها محافظة الشرقية برصيد 5 وقائع فساد، تليها كل من محافظة المنيا وسوهاج برصيد 4 وقائع لكل منهما.
 
3 أشكال للفساد
الفساد فى مصر أشكال وألوان، أشهر تلك الاشكال يحددها محمد عيسى ابو عيطة مؤسس جبهة كشف الفساد فى 3 أنواع، أولها الفساد المالى، وهو الفساد الذى يمارسه الفاسد من أجل تربح مالى، والنوع الثانى هو الفساد السياسى، الذى يقوم به الفاسد من أجل تحقيق مكاسب سياسية، أما النوع الثالث فهو الفساد الإدارى الذى يضم الواسطة والمحسوبية والإهمال والتهاون فى العمل.
ورغم أن مؤسسة شركاء من أجل الشفافية تقدر فاتورة الفساد فى مصر منذ عام 2000 حتى الآن بما لا يقل عن تريليون جنيه (ألف مليار جنيه)، إلا أن مؤسس جبهة كشف الفساد يؤكد أن فاتورة الفساد السنوى لا تقل عن تريليون جنيه سنويا. 
وكشفت مصادر حكومية أن جهات عديدة فى مصر تقدم رشاوى فى شكل هدايا ومكافآت شهرية لمندوبى الأجهزة الرقابية فى تلك الجهات.. وقالت المصادر « جهة خدمية تقدم مبالغ مالية شهرية، توزع فى أظرف بيضاء على مندوبى الأجهزة الرقابية فى تلك الجهة، وجهة حكومية أخرى كلما صرفت مكافأة للعاملين فيها، تصرف مثلها، لمندوبى الأجهزة الرقابية، وتسجل هذه المبالغ تحت بند مصروفات أخرى»!