وثيقة يرجع تاريخها لأكثر من 133 سنة، تثبت قيام مصر بإنشاء إدارة لـ «حفظ النيل ببلاد المنابع إثيوبيا والسودان»، وذلك عقب فيضان عام 1883م، وبعد وقوع مصر في قبضة الاحتلال الإنجليزي بعام واحد.

وكانت مصر آنذاك جريحة بوقوعها تحت براثن قبضة الاحتلال الأنجليزي، ورغم ذلك تظهر الوثيقة مجهوداتها في حفظ نهر النيل في بلاد المنابع، حيث ظهرت هذه الوثيقة التي قدمتها وزارة الاشغال "الري" للبرلمان، بعد أن رفضت وزارة المالية رد المبالغ المالية المنصرفة في حفظ النيل في السودان.

وكشف الباحث التاريخي أحمد الجارد لــ «الأهرام الزراعي»، إن الوثيقة عبارة عن مذكرة قدمتها وزارة الأشغال «الرى» للبرلمان، تثبت فيه بالأدلة القاطعة وبالأرقام، احصائيات المبالغ المالية، التى قامت بصرفها علي النيل في السودان، حال انتهاء الفيضان القادم من الهضبة الإثيوبية.

ففي شهر نوفمبر وهو شهر انحسار الفيضان في مصر، قدمت وزارة الأشغال للبرلمان مذكرة تفصيلية بمجهوداتها في حفظ نهر النيل في السودان ومصر، كما يوضح الجارد، لافتا أن الوثيقة أظهرت عددا من البرقيات والتليغرافات المتبادلة بين موظفيها لقياس النيل وعمق الفيضان القادم من الهضبة الإثيوبية ومروره بالسودان حتي مصر، وذلك عقب فيضان 1883م، وهو ثاني فيضان تشهده مصر بعد وقوعها تحت الاحتلال الإنجليزي، حيث تكلفت وزارة الأشغال "الري" 428643 قرش، ثمن تليغرافات متبادلة لمراقبة نهر النيل والفيضان في السودان.

ويضيف الجارد، في ذلك الوقت الذي تكلفت فيه وزارة الأشغال آلاف القروش لم يكن ظهر الجنيه المصري علي الساحة، حيث تم إقرار الجنيه المصري عام 1834م، وذلك بصدور مرسوم خديوى بشأن مشروع قانون برلماني لإصدار عملة مصرية جديدة، تستند إلى نظام المعدنين (الذهب والفضة)، ليحل محل العملة الرئيسية المتداولة آن ذاك، وهو القرش، وبموجب هذا المرسوم أصبح سك النقود في شكل ريالات من الذهب والفضة حكراً على الحكومة.

 وفى عام 1836 تم سك الجنية المصري وطرح للتداول، وقد أوضحت الوثيقة التي تم تقديمها للبرلمان المصري آنذاك، أن وزارة المالية أرسلت مكاتبتين لنظارة الأشغال إحدهما رقم 25 الحجة 1300 نمرة 257 بمبلغ 413547 والآخرى رقم 17 نوفمبر 1883نمرة 270 بمبلغ 15096 أجر تلغرفات صادرة من جهات السودان مختصة بمقياس النيل، وخصمت المبلغين من حساب نظارة الأشغال.

ويضيف الجارد، أن وزارة المالية صممت علي خصم مبلغ النصف مليون قرش ثمن التليغرافات المتبادلة لمعرفة قياس النيل وقوة الفيضان من وزارة الأشغال الري، مما جعل وزارة الأشغال ترفض هذا القرار، وقدمت ذلك الرفض فى مذكرة للبرلمان الا أن وزارة المالية وصممت على استقطاع المبلغ المذكور من حسابات نظارة الاشغال ضمن مصروفات حفظ النيل.

الوثيقة النادرة

وتوضح الوثيقة أيضا، أنه تم أخطار الديوان، بأنه تم ارسال 150 ألف قنطار دبش من ميزانية وزارة الأشغال للسيطرة علي الفيضان في منطقة القيراطين بالجيزة بجوار السكة الحديد، كما طالبت بميزانتها من علاوة حفظ النيل، التي لم تتقاضاها في شهر أكتوبر عام 1883م.

ويضيف الجارد، أن الوثيقة التي لم تجب علي تساؤلات ماذا فعل البرلمان مع المذكرة التي قدمتها له متضررة من خصومات وزارة المالية، وعدم تقاضيها دعما ماديا لمجهوداتها في حفظ النيل، وأنشاء ديوان له، إلا إن الوثيقة تظهر بوضوح المجهودات المصرية الخالصة منذ أكثر من 133 سنة في مراقبة نهر النيل بداية من الهضبة الإثيوبية ومروره بالسودان حتي وصوله لمصر ليكون سر حياتها الخالد.