تقرير – محمد مكاوي:
 
تَغيّب القادة العرب عن أول قمة يشهدها الأمين العام للجامعة العربية الجديد أحمد أبو الغيط، والتي تستضيفها العاصمة الموريتانية نواكشوط، واكتفى غالبيتهم بإيفاد رؤساء الحكومات أو وزراء الخارجية ممثلين عنهم، في إشارة إلى تزايد الخلافات العربية في الوقت الراهن بحسب محللين.
 
وتستضيف موريتانيا القمة العربية العادية رقم 27 بعد اعتذار المملكة المغربية عن استضافتها معللة ذلك "إن الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع".
 
ومن المقرر أن تتسلم موريتانيا رئاسة القمة من مصر بعد ترأست الدورة الماضية بعد قمة شرم الشيخ (الدورة الـ26) مارس 2015.
 
وتَغيّب قادة كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن وفلسطين والمغرب والجزائر وتونس فلسطين وسلطنة عمان والعراق، بالإضافة إلى مقعد سوريا الشاغر لتعليق عضويتها بالجامعة منذ عام 2011.
 
الدكتور طارق قهمي أستاذ العلوم السياسية يرى أن "غياب القادة العرب عن قمة نواكشوط يعود إلى أسباب معلنة وهي اتهام موريتانيا بعدم الكفاءة الأمنية رغم أن الموريتانيون بذلوا جهدا كبيرا خلال الـ90 يوما الذين سبقوا عقد القمة للخروج بشكل لائق" – على حد قوله.
 
ويقول فهمي في اتصال هاتفي مع مصراوي إن "الأسباب غير المعلنة هي جملة من الاعتراضات العربية حول عقد القمة من الأساس في هذه التوقيت وسط الخلافات العربية العربية على الساحة الآن".
 
وأعلنت موريتانيا قبل بدء القمة على لسان الناطق باسم الحكومة أنها بلاده قادة على تأمين القادة العرب المشاركين في القمة، مشيرًا إلى أن بلاده لم تشهد أي حوادث إرهابية منذ نشأة تنظيم داعش الإرهابي وإنما تعيش في سلام واستقرار وسيطرة أمنية.
 
وقال أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي، إنه كان يجب على القادة العرب دعم أحمد أبو الغيط الأمين العام الجديد للجامعة العربية في أول قمة له وذلك لتطوير مؤسسات الجامعة العربية وصيانة ودعم العمل العربي المشترك.
 
وهذه القمة هي الأولى لأبو الغيط الذي انتخب أمينا عاما للجامعة العربية خلفًا للدكتور نبيل العربي في مارس الفائت.
 
وعن تأثير غياب الكثير من القادة العرب على فعاليات القمة وقراراتها وبيانها الختامي، يرى أستاذ العلوم السياسية أنه لم يكن متوقع الخروج بقرارات جديدة أو بيانات قوية عن قمة الأمل في نواكشوط، رغم أن حضور القادة الكبار مثل الملك سلمان والرئيس السيسي كان سيعطي زخما وإثراءً للقمة.
 
وقال فهمي إن "حضور القادة العرب ولو شكليا كان سيرسل رسالة إلى العالم عن مدى تضامن القادة العرب وحرصهم على دعم الجامعة العربية ومؤسساتها".
 
وبحسب بسان صادر عن رئاسة الجمهورية، كلَّف الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم الأحد، شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء برئاسة وفد مصر خلال الدورة 27 للقمة العربية، دون إبداء أسباب غياب السيسي عن القمة.
فيما ذكرت تقارير صحفية محلية نقلا عن مصادر مطلعة أن سبب اعتذار السيسي عن حضور قمة نواكشوط، هو اكتشاف محاولة لاغتيال الرئيس المصري أثناء حضوره للقمة، ولم تعلق الرئاسة على هذه التقارير حتى الآن.
 
وأعلنت وكالة الأنباء السعودية (واس)، ترؤس وزير الخارجية عادل الجبير وفد المملكة في قمة نواكشوط نيابة عن الملك سلمان ، دون إبداء أسباب غياب العاهل السعودي.
 
ويدعو مشروع "إعلان نواكشوط" المقرر إصداره في ختام القمة – ونشرته العديد من وسائل الإعلام - إلى "حل سياسي" للأزمة السورية، ويدعم العراق في مواجهة "داعش"، ويؤكد "التزام تطوير آليات مكافحة الإرهاب". كما يرحب بالمبادرة الفرنسية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعوة الأطراف في ليبيا إلى استكمال مؤسسات البلاد، ومناشدة الفرقاء في اليمن تغليب منطق الحوار والعمل على الخروج من مسار الكويت بنتائج إيجابية تعيد لليمن أمنه واستقراره ووحدة أراضيه في أقرب وقت.
 
وهل اعتذار المغرب عن استضافة القمة التي كان مقررا لها في مارس الفائت وضع حرجا أمام القادة العرب، يقول فهمي إن " المغرب كان رافضا استضافة القمة منذ البداية، ودائما تصريحاته تنم عن عدم المشاركة في اجتماعات الجامعة.. قما الجديد؟".
 
وأبلغت المغرب جامعة الدول العربية في فبراير الفائت اعتذارها عن استضافة القمة العربية، وقال بيان صادر عن الخارجية المغربية إنه " نظرا للتحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها، أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي"، وتابع أن "الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع، وتستجيب لتطلعات الشعوب العربية".
 
واعتبرت الخارجية المغربية أنه "أمام غياب قرارات هامة ومبادرات ملموسة يمكن عرضها على قادة الدول العربية، فإن هذه القمة ستكون مجرد مناسبة للمصادقة على توصيات عادية، وإلقاء خطب تعطي الانطباع الخاطئ بالوحدة والتضامن بين دول العالم العربي".
 
وقالت: "العالم العربي يمر بمرحلة عصيبة، بل إنها ساعة الصدق والحقيقة، التي لا يمكن فيها لقادة الدول العربية الاكتفاء بمجرد القيام، مرة أخرى، بالتشخيص المرير لواقع الانقسامات والخلافات الذي يعيشه العالم العربي، دون تقديم الإجابات الجماعية الحاسمة والحازمة، لمواجهة هذا الوضع سواء في العراق أو اليمن أو سوريا التي تزداد أزماتها تعقيدا بسبب كثرة المناورات والأجندات الإقليمية والدولية".