"الحكمدار" كلمة عادت إلى الأذهان فى الفترة الماضية، لكن تردد سؤال: هل منصب الحكمدار لا يزال موجودًا؟ وما هى وظيفة هذا المنصب؟ ولماذا اختفت هذه الكلمة لفترة؟
 
كلمة "حكمدار" ليست مصرية بل تركية من أصل عربى، تعنى حاكم الدولة، وترددت أثناء الخلافة العثمانية فى مصر وحتى وقتنا هذا، ولعل أبرز المواقف التى جعلت لهذه الكلمة صدى وأخذت حيزًا ترك أثرًا لدى الناس، تلك الجملة التى تم ترديدها فى فيلم "حياة أو موت" للراحل القدير الفنان عماد حمدى، هذه المقولة التى ظلت من أشهر المقولات فى السينما المصرية إلى وقتنا هذا، حينما أرسل ابنته لإحضار الدواء الدواء له، ويقوم دكتور الصيدلية الفنان حسين رياض بتحضير دواء وبعد أن يعطيه لابنته يكتشف أن التركيبة التى قام بتحضيرها سامة، فيسارع إلى حكمدار العاصمة، جسده الفنان يوسف وهبى، ويستنجد به للوصول للابنة حاملة الدواء السام، ويستجيب الحكمدار ويرسل برقيات عبر الراديو إلى أحمد إبراهيم، عماد حمدى، يحذره من تناول الدواء وكانت تلك المقولة الشهيرة: "من حكمدار العاصمة إلى أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس.. الدواء فيه سم قاتل" ومنذ ذلك الحين وكلمة حكمدار بدأت تأخذ شهرة لدى الناس لكنها اختفت لفترة ولهذا كانت تساؤلات الناس.
 
فى البداية يذكر مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء حمدى سرحان، أن أشهر من تولى هذا المنصب، اللواء سليم زكى، الذى استعان به الاحتلال الإنجليزى فى إنشاء جهاز للأمن السياسى حينذاك، لتتبع الوطنيين والقضاء على مقاومتهم للاحتلال، وسُمِّى وقتها قسم المخصوص، ويعد أقدم جهاز من نوعه فى الشرق الأوسط، وكان اللواء سليم زكى يشغل وقتها حكمدار القاهرة، وكان مقربًا من المحتل وقُتِل سنة 1948 فى تظاهرات للطلبة.
 
ويتابع سرحان: "الحكمدار يُعَد الرجل الثانى فى مديرية الأمن فى الوقت الحالى، حيث أنه نائب مدير الأمن ويحل محله فى غيابه، ويشرف على إدارة القوات النظامية"، ويقول إنه لفظ تركى يعنى حاكم الدار، كما من وظيفته معاونة مدير الأمن فى الإشراف على القوات النظامية.
ويقول مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمنى، اللواء محمد الدهبى، إن منصب الحكمدار كان هو الرئيس الفعلى والتنفيذى للشرطة بالمحافظة، وكان مدير الأمن منصب سياسى، إذ لم يكن يوجد منصب المحافظ، وكان مدير الأمن هو المسؤول عن المحافظة سياسيًّا، وحينما أُنشِئَت وزارة التنمية المحلية استُحدِث منصب المحافظ، وأصبح مدير الأمن هو المسؤول الأول عن أمن المحافظة.
 
ويضيف الدهبى، أن الحكمدار ينوب عن مدير الأمن عند غيابه، كما أنه له اختصاصات فى جهاز الشرطة، أولها إدارة قوات الأمن، حيث أُسنِدَت هذه المهمة مباشرة للحكمدار، وهو نائب أول مدير الأمن، لما لها من أهمية فى إدارة وتدريب قوات الأمن ونظام الإعاشة، كما أنه يشرف على إدارة المرور وإدارة الدفاع المدنى، الحماية المدنية، وتلك الإدارات الـ3 تخضع للحكمدار بطريقة مباشرة، كما يتولى متابعة العمل الشرطى اليومى والانتقال للحوادث الهامة.
 
وبحسب الدهبى، فمن أهم الأسماء البارزة التى تولت منصب الحكمدار، فى الإسكندرية، يسرى باشا قمحا، أول حكمدار مصرى يتولى هذا المنصب فى مديرية أمن الإسكندرية، وكانت له قصة شهيرة، حينما كان يمر على القوات ولاحظ أن عسكريًّا لا يضع رقمه الإنجليزى وقتها على كتفه، فعلى الفور أحضره وبسؤال رئيس الدورية اكتشف أن رئيس الدورية لا يعرف الأرقام بالإنجليزية، فنقله.
ويتابع أن من الأسماء البارزة، اللواء إبراهيم الخيارى واللواء باسيم غيث، وهو من الشرقية ومن عائلة الفنان عبد الله غيث وكان يتسم بالقوة والحزم، واللواء أحمد حسن، حكمدار القاهرة، ومؤخرًا اللواء حمدى مجاهد، الذى يُضرَب به المثل فى العمل والالتزام.
 
ويقول مساعد وزير الداخلية الأسبق، اللواء مصطفى لطفى، إن الحكمدار هو نائب مدير الأمن ورئيس القوى النظامية فى المديرية، وينوب عن مدير الأمن فى حالة غيابه وفى نفس الوقت يرأس القوات النظامية، بينما القرارات الأعلى من مسؤولية مدير الأمن، كما أنه مسؤول عن الحملات التى من شأنها القضاء على الفوضى فى الشارع والنظافة والقمامة والباعة الجائلين والمتسولين.
 
ويشير لطفى، إلى أن أبرز الأسماء البارزة فى هذا المنصب، اللواء فاروق عبدالوهاب واللواء محمود يونس الأنصارى، وأيضًا الحكمدار زكى علاج، نائب مدير أمن القاهرة فى الستينيات.