| محمد ناصر العطوان |
لا يختلف اثنان ولا يتناطح عنزان حول أن مسلسل «ساق البامبو» هو الأعلى مشاهدة في الكويت بين المواطنين والوافدين، والسبب والله أعلم هو كمية الإنسانية والصدق التي كانت في الرواية وانتقلت منها للشاشة.
وأجد أنه من السخيف أن أهضم حق السيناريست وطاقم العمل والإخراج الذين ساهموا أيضاً في إخراج العمل من الورق بهذه الصورة المشرفة للكويت، تماماً كما شرفتنا الرواية عندما فازت بـ«البوكر» العربية.
إنه عمل رائع مليء بالحرارة، يطلب منا بأدب ولطف وبلا مزايدات أن نعيد النظر حول مفهوم الهوية لأبناء الأجنبيات أو حتى أبناء الكويتيات من غير الكويتيين قياساً، وأن نعيد النظر في البدون وفي فكرة كيف أن لكلام الناس سلطة قوية عندنا، قد أخطأ جورج وسوف عندما قال فيها (كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر)، لنكتشف أنه يقدم ويؤخر ويبعد أيضاً أبناء البلد سواء المكتوبين على الورق أو المكتوب عليهم الأرق، إن هذا العمل يهددنا جميعاً بأن هناك (طاروفا) قادماً لن يفلت منه أحد، كما أنه يسمح لنا بأن نندهش من ردود أفعال وتجليات غير متوقعة، بحيث يجعلنا نتناقش حول ترتيب الواقع في ما يتعلق بالهوية والارتباط، فكما يقول شيخنا علاء الديب (بعض الأدب يكتب التاريخ، وأحياناً تكون الرواية وثيقة لا شك في صحتها).
وأريد أن ألفت نظر وزارة الإعلام الى أنه من الأفضل لها أن تتبنى أعمال الروائيين الكويتيين المميزين بدلاً من منعها، فما يحتاجه المجتمع هو الصدق وليس المتعة، فالمتعة تقدم في السيرك أو في «هوشات» مجلس الأمة، أما الفن فيضع المرايا لكي يشاهد فيها المجتمع ما يحتاج أن يشاهده بدلاً من إلهائه بما لا يحتاجه أصلاً.
إن القادم علينا سيتخطى مرحلة الطاروف ويصل لمرحلة البلدوزر، حيث تقسيم المجتمع لمزورين ومزدوجين في الجنسية، ومع الفلوجة وضد الفلوجة في المذهب، وعسكر وحرامية في السياسة، وطاعن ومطعون في المجمعات، وطاحن ومطحون في الخصخصة.
إن كل ما أريد قوله بسرعة وعلى عجل قبل مدفع الإفطار، هو أن الهوية التي تعتمد على كلام الناس هي ذات الهوية التي ستنتهي بكلام الناس أيضاً، لذلك ليكن معيار الهوية العمل والعمران وليس النفخ في الإنسان.
وادعوا لي عند مدفع الإفطار.
على الهامش:
أليس من الغريب فعلاً أن البعض منا قد اتهم الممثلة التي قامت بدور (جوزافين) أنها بطلة أفلام إباحية...حتى في المسلسل لا يتقبلون الآخر...عجبي.
قصة قصيرة:
قال له (ما هي الإنسانية ياصديقي؟)
رد عليه (أن تحب الناس جميعاً...وتكره جيرانك).
كاتب كويتي
@moh1alatwan.