رغم أنه ليس كتابا تاريخيا أو قصصيا، إلا أنه يمتلئ بالعديد من أخبار الأولين والسابقين، بهدف العظة والدرس الديني، ليتعلم المسلمون من أخبار الأمم السابقة عليهم، ويكونوا شهودا عليهم يوم القيامة.
"دوت مصر" يختار كل يوم قصة من قصص "القرآن"، على مدار شهر رمضان الكريم؛ ليتناولها بالشرح المبسط لقرائه، عسى أن نتعلم من هذه القصص ما ينفعنا في أمور ديننا ودنيانا، وقصة اليوم لم تذكر تفاصيلها في الجزء الخامس من القرآن، بل هي شرح للآية 58 من سورة النساء "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى&<648; أَهْلِهَا".
إنه كان يوم فتح مكة، فلما فرغ رسول الله من طوافه حول الكعبة أرسل بلال بن رباح إلى عثمان بن طلحة يأتيه بمفتاح الكعبة، فجاء بلال إلى عثمان، فقال: إن رسول الله يأمرك أن تأتي بالمفتاح، فقال: نعم هو عند أمي "سُلافة".
فبعث إليها رسول الله رسولا، فقالت: لا، واللات والعزى، لا أدفعه إليك أبدا، فقال عثمان: يا رسول الله أرسلني أخلصه لك منها، فأرسله، فقال: يا أمي ادفعى إلي المفتاح، فإن رسول قد أرسل إلي، وأمرني أن آتيه به.
فقالت أمه: لا، واللات والعزى، لا أدفعه إليك أبدا، فقال: إنك إن لم تفعلي قتلت أنا وأخي، فو الله لتدفعنه أو ليأتين غيري فيأخذه منك، فأدخلته في حجزتها، أي: رباط على البطن، وقالت: أي رجل يدخل يده هنا؟.
فلما تأخر عثمان، ورسول الله قائم ينتظره، وبينما عثمان يكلم أمه إذ سمعت صوت أبي بكر وعمر في الدار، وعمر رافع صوته: يا عثمان أخرج، فقالت أمه: يا بني خذ المفتاح، فإن تأخذه أنت أحب إلي من أن يأخذه تيم وعدي، فأخذه عثمان، فخرج يمشي به حتى إذا كان قريبا من وجه رسول الله عثر عثمان فسقط منه المفتاح، فقام رسول الله إلى المفتاح فحنى عليه بثوبه، وتناوله ففتح الكعبة بيده الشريفة.
وظل المفتاح بيد النبي بعد خروجه، فقال العباس: يا نبي الله: اجمع لنا الحجابة أي "السدانة" مع السقاية، فنزل قوله تعالى: "إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" (النساء 58).
فأعطى رسول الله المفتاح إلى عثمان بن طلحة وقال: (خذوها، أي: سِدَانة البيت، خالدة تالدة لا ينزِعُها منكم إلا ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته)، فأخذه عثمان بن طلحة، وبذلك ظل المفتاح مع عثمان بن طلحة وذريته من بعده حتى يومنا هذا.
تم تجميع القصة من مجموع روايات السيرة النبوية لابن هشام، وسبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي، والسيرة النبوية لأبي العزائم، وروايات عبد الرزاق والطبراني.