بعد أن فقد الأمل في إيجاد فرصة عمل مناسبة له داخل بلاده، قرر المواطن الأربعيني، محمد أحمد حسب الله، ترك زوجته وأولاده، وجهَّز أوراقه بعدما حصل على عقد عمل من مكتب الاتحاد الخليجي بالقاهرة، تحت وظيفة اختصاصي تسويق بأحد المصانع السعودية، وأحضر جواز سفره، وحجز رحلته المتوجهة إلى المملكة، وغادر القاهرة قبل ثلاث سنوات من الآن.. وبدأت معاناته في الغُربة.

فور وصوله إلى المملكة بساعات، التقى "حسب الله" نجل كفيله"عبدالله الفردان"، الذي طلب منه جواز السفر وعقد العمل، وهنا كانت المفاجأة بحسب روايته، قائلًا: "فوجئت بأنه قطَّع العقد واحتفظ بالجواز، وبعد ساعات قابلت الكفيل، وقال لي مش مشكله هنعمل لك عقد جديد، فرفضت ذلك، فقال لي: طيب نعمل عقد بعد فترة الاختبار، وبعد شهرين لم يطب لي العمل معهم، فطلبت الرجوع إلى مصر، فطلب مني أن أستمر لحين إحضار بديل، فوافقت".
مرت خمسة أشهر، وحضر أربعة آخرون بديلا عنه، وحينها أراد "حسب الله" الرحيل، فطالبوه بسبعة آلاف ريال، لكنه رفض الدفع، رغم التهديدات الصارخة التي تعرض لها، لدرجة "ابن الكفيل" أخبره بأنه لن يستطيع الرجوع إلى مصر أو أخذ مستحقاته قبل أن يسدد ما طالبوه به.
هنا انتظر المواطن المصري في غرفته بالمملكة دون عمل، وفي الوقت ذاته غير قادر على العودة إلى بلاده وأولاده، حتى فوجئ بشكوى كيدية مقدمة ضده إلى مكتب العمل من "نجل كفيله"، يتهمه فيها بأن لديهم مستحقات عنده، ولم يحضر من طرفهم أحد، الأمر الذي يؤدي إلى حفظ الشكوى.

لم يمر شهرين على حفظ الشكوى، حتى حضر إلى غرفته شرطيين وأخذوه معهما بملابس النوم، دون حتى أن يأخذ أوراقه، واحتجزوه في قسم الشرطة لأكثر من أسبوعين.
يتابع حسب الله لـ"التحرير"، "طوال تلك المدة أرسلوا لي أكثر من رسالة في غرفة الاحتجاز؛ لمساومتي من جديد على دفع 7 آلاف جنيه لإخراجي وإعادتي إلى بلادي، فرفضت وقلت لو أني سرقت أريد أن أحاكم، وإن لم يثبت علي شيء أخرج، وتم محاكمتي بعد ثلاثة أشهر، وتبرءتي من التهم المنسوبة إلي".
وحين عاد إلى غرفته داخل المصنع كانت المفاجأة الثالثة، حين انتزع منه "ابن الكفيل" كافة متعلقاته الشخصية، فخاطب السفارة المصرية من أجل استعادة أوراقه، ومساعدته في العودة إلى مصر، فطلبوا منه أن يحجز تذكرة السفر بعد التوقيع على استلام مستحقاته وأخذ أغراضه، لكنه رفض التوقيع على "شيء لم يحدث"، وخلال تلك الآونة اعترض الإدعاء العام على حكم البراءة تحت دعوى أن الأوراق المقدمة إلى هيئة المحكمة ليست خاصة به، حيث كانت باسم محمد حسب الله، رغم أن اسمه الوارد في الإقامة مدون باسم "محمد أحمد حسب".
وانقضت عشرون يومًا أخرى "تعذير"، ولم تستطع الشرطة أن تحضر له أغراضه التي طلبها، وكذلك مكتب العمل قضى بعدم الاختصاص.
"حسب الله" قال إن بحوزته أمر بالقبض على "الكفيل" وولده، الذي أبلغ عنه السلطات الأمنية "هروب"، وتقدم بأكثر من خمس شكاوى إلى إمارة المنطقة الشرقية ووزارة الداخلية والديوان الملكي ولكن دون رد.
يضيف "حسب الله" أنه ليس الضحية الوحيدة لهذا "الكفيل" ونجله أو للمكتب الخليجي، ولكن يوجد آخرون، مصريون وغير، منهم من رضخ ودفع ليشتري نفسه، ومنهم من هرب، والبعض سُجِن حتي يقبل بأن يدفع الإتاوات التي يطلبونها، وبعد أن يُسجن أحدهم بيومين أو أسبوع، يقبل أن يدفع أو يوقع علي عقد العمل الجديد، ليخرج ويستمر في العمل حتي تنتهي مدة العقد ويرحل دون حقوق، ولكنه أيضا لا يسلم من المفاجآت، خاصة أنه بعد انتهاء مدة العقد إما أن يدفع أو يتنازل عن حقوقه".
"ده سخرة وعودة لعصر العبيد"، يعقب "حسب الله"، مكملًا: "المهم ألا يخرج أحدنا من عندهم دون أن يشتري نفسه، ويدفع المقابل كما لو كنا عبيد وهم تجار رقيق"، وطالب بتسليمه متعلقاته الشخصية وأوراقه القانونية التي تثبت هويته.
واختتم "حسب الله" حديثه لـ"التحرير" برسالة استغاثة لوزارة الخارجية المصرية من أجل استعادة حقوقه ومتعلقاته التي يحتجزها "كفيله" وإعادته إلى بلاده.
