كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار، وكان يصلى إلى ناحية المسجد الأقصى ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرًا ، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت الحرام، فكانت أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مستقبلا الكعبة هي صلاة العصر ، وصلى معه قوم ، فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قِبَل مكة، فداروا كما هم قِبَل البيت الحرام.
وكان هذا الرجل الذي أخبر الناس بتحويل القبلة عباد بن بشر الأنصاري، الذي أسلم على يد مصعب بن عمير -رضي الله عنه- قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وشهد عباد مع الرسول الغزوات كلها وكان فدائيًا مغوارًا شجاعًا فكتب الله له الشهادة في معركة اليمامة في عهد سيدنا أبو بكر الصديق وكان عمره خمسة وأربعين سنة.
ودعى النبي صلى الله عليه وآله لعباد بن بشر بالمغفرة فعن أن المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: تهجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتي، فسمع صوت عباد بن بشر، فقال: "يا عائشة صوت عباد بن بشر هذا؟" قلت: نعم. قال: "اللهم اغفر له".
ومن الكرامات التي أكرمه الله بها ما رواه ثابت عن أنس قال: كان عباد بن بشر ورجل آخر من الأنصار عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتحدثان، في ليلة ظلماء حندس، فخرجا من عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأضاءت عصا عباد بن بشر حتى انتهى عباد وذهب إلى بيته. وأضاءت عصا الآخر، قال أبو عمر: الآخر أسيد بن حضير.