شنت خلال حرب الاستنزاف مجموعات من قوات الضفادع البشرية المصرية ثلاث هجمات جريئة على ميناء إيلات بين عامي 1969–1970، وتمكنت من إلحاق خسائر بالإسرائيليين، تضاربت الروايات حولها.

بدأ التمهيد للعملية الأولى بتشكيل خمس مفارز، سافر أفراد ثلاثة منها إلى الأردن، وتمركزوا في ميناء العقبة القريب من إيلات، في حين ربضت مفرزتان في الغردقة في خطة بديلة، وكان المستهدف من هذه المهمة سفينة الإنزال الثقيل "بيت شيفع" وسفينة نقل الجنود "بات يام" بالإضافة إلى رصيف الميناء.

وقرر المسؤولون المصريون العسكريون الاعتماد على مفرزة العقبة، حيث انطلق أفرادها في 16 نوفمبر عام 1969 على متن زورق حتى منتصف المسافة، ثم سبحوا باتجاه العقبة، إلا أنهم لم يتمكنوا من الدخول إلى القسم الحربي من الميناء، فقاموا بتلغيم سفينتين تجاريتين إحداهما خاصة بنقل البضائع واسمها "داليا"، تصل حمولتها إلى 14 ألف طن، والثانية سياحية تدعى "هيدروما"، بحسب المصادر الإسرائيلية، في حين قال المصريون إن السفينتين تستعملان لأغراض عسكرية.

صورة لفريق الضفادع البشرية المصرية الذي شارك في الهجوم على ميناء إيلات عام 1969
gruzdoff.ru
صورة لفريق الضفادع البشرية المصرية الذي شارك في الهجوم على ميناء إيلات عام 1969

المصادر الإسرائيلية أعلنت أن السفينتين لم تصابا بأضرار كبيرة، وتم إصلاحهما في وقت قصير. العبارة رممت وأعيدت إلى الخدمة محليا، فيما أصلحت باخرة البضائع في سنغافورا.

وفقدت مفرزة الضفادع البشرية المصرية التي نفذت المهمة أحد افرادها بسبب التسمم بالأكسجين، وقام رفيق له بسحب جثته إلى الشاطئ لمسافة 14 كيلو مترا حتى لا تقع في يد الإسرائيليين.

ولم يتوقف المصريون عن ملاحقة سفينتي الإنزال بيت شيفع" و"بات يام"، وباشروا التحضير لعملية خاصة ثانية بواسطة الضفادع البشرية، نُفذت مساء الخامس من فبراير عام 1970.

وصل أفراد هذه المجوعة القتالية البحرية إلى الأردن بعد رحلة طويلة من الإسكندرية إلى العراق ومنها إلى عمان ثم ميناء العقبة، وقد وقدم لهم العون عسكري أردني من دون علم رؤسائه.

انطلق أفراد الضفادع البشرية من ميناء العقبة سباحة إلى ميناء إيلات مجتازين أكثر من خمسة أميال، واخترقوا شبكات حماية كان الإسرائيليون أقاموها بعد الهجوم الأول، ثم لغموا السفينتين، وعادوا إلى شواطئ الأردن سالمين.

وفي ساعات الصباح الأولى من السادس من فبراير دوت الانفجارات في إيلات، في حين ألقت السلطات الأردنية القبض على مفرزة الضفادع البشرية المصرية الذين زعموا أن طائرة مروحية مصرية أنزلتهم قرب إيلات لتنفيذ مهمتهم، وأنهم لجأوا إلى الأردن لأن المروحية تأخرت عن موعدها.

وأعلنت المصادر الرسمية الإسرائيلية أن سفينة نقل الجنود "بات يام" انقلبت بعد انفجار الألغام وغرقت، وأنها كانت خالية في طور الصيانة، بينما أصيبت سفينة الإنزال "بيت شيفع" بأضرار جسيمة لكنها لم تغرق لأن المتفجرات وضعت في مقدمتها وليس في المؤخرة.

ويبدو أن الضربة المصرية كانت موجعة للإسرائيليين، على الأقل من الناحية النفسية، لجرأة العملية وقيمتها المعنوية الكبيرة في تلك الفترة، حيث شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات انتقامية بعد ساعات على ميناء الغردقة المصري على البحر الأحمر ما أدى إلى إغراق زورق حربي مصري.

ولم يهنأ للمصريين بال بعد أن تناهى إليهم أن السفينة "بيت شيفع" قد تم إصلاحها، فقرروا تنفيذ عملية ثالثة لتدميرها أو إعطابها من جديد، وأرسلوا مجموعة من الضفادع البشرية ليلة 14 – 15 مايو 1970 تمكنت من زرع ألغام شديدة الانفجار في موقع غرق السفينة "بات يام" ونتج عن العملية مقتل غواص إسرائيلي وجرح اثنين آخرين من قوات الاحتياط، كانوا في مهمة لانتشال حطام السفينة الغارقة، بحسب المصادر الإسرائيلية، في حين أكدت المصادر المصرية أن العملية أسفرت عن تدمير الرصيف الحربي في ميناء إيلات، إضافة إلى مقتل عدة عناصر من الضفادع البشرية الإسرائيلية.

تلك العمليات الثلاث التي نفذتها قوات الضفادع البشرية المصرية، كانت فريدة واستثنائية في نوعيتها وتوقيتها. ويمكن القول إنها حققت أهدافها في رفع الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة وللشعب المصري بعد هزيمة عام 1967 المريرة والمهينة، وهي على كل حال صفحة هامة في التاريخ الحربي المصري الذي يزخر بالبطولات في كل العصور.