استمراراً لكشف عدد من وقائع الفساد التى أزاح الستار عنها تحقيق صحفى ضخم بعنوان «وثائق بنما»، أكدت صحيفة «لوموند» الفرنسية فى تقرير لها، أمس، أن «نظام أوفشور متطور» أُقيم من قبَل الدائرة الأولى من الموالين لـ«مارين لوبن»، رئيسة «الجبهة الوطنية» -الحزب الفرنسى اليمينى المتطرف- مستندة بذلك إلى وثائق «بنما». 

وقالت الصحيفة الفرنسية إن هذا النظام «بين هونج كونج وسنغافورة والجزر العذراء البريطانية وبنما استُخدم لإخراج المال من فرنسا بواسطة شركات وهمية وفواتير مزوّرة رغبة فى الإفلات من الأجهزة الفرنسية لمكافحة تبييض الأموال».

القائمة تضم شركة وهمية من كوريا الشمالية تستخدم لتمويل البرنامج النووى لـ«بوينج يانج»

وأشارت الصحيفة التى اعتمدت على الوثائق المسربة من مكتب المحاماة البنمى «موساك فونسيكا»، خصوصاً إلى دور الخبير فى المحاسبة نيكولا كروشيه ورجل الأعمال فريديريك شاتيون رئيس شركة «ريوال»، لتأمين مساعدات مالية لمرشحى الحزب، 

وكان الحزب استبق احتمال كشف معلومات تتعلق به فى قضية «وثائق بنما»، وأعلن مساء أمس الأول أنه «وضع تحت تصرف الصحفيين الوثائق التى تثبت الشرعية الكاملة لهذه العمليات»، وقالت الصحيفة إنه «فى 2012 وبعد الانتخابات الرئاسية تمكن فريديريك شاتيون من أن يُخرج بمساعدة نيكولا كروشيه 316 ألف يورو من ريوال والأراضى الفرنسية».

وكشفت إحدى وسائل الإعلام التونسية، أمس، عن وجود اسم الرئيس التونسى السابق المنصف المرزوقى ضمن قائمة الشخصيات المتورطة فى «وثائق بنما»، ونقلت جريدة «الشروق» التونسية عن موقع «إنكيفادا» أن «المرزوقى قام عام 2013 بتأسيس شركة خدمات عقارية تولى تسجيلها لفائدته مكتب المحاماة البنمى موساك فونسيكا، وأنه قام بتحويل 36 مليون دولار من مؤسسة قطرية لشركته»، ونشر موقع «إنكيفادا»، أمس الأول، مقالاً يكشف وجود رسائل إلكترونية بعثها مؤسس حزب «نداء تونس» محسن مرزوق، للاستفسار حول كيفية إنشاء شركة «أوفشور» خاصة به.

وكشفت «وثائق بنما» أيضاً عن امتلاك الفنان العالمى جاكى شان لـ6 شركات «أوفشور» تقوم بتحويل الأموال لجزر ومناطق لا يتم فيها تطبيق الضرائب، بحسب شبكة «إيه بى سى» الأمريكية، وذكرت صحيفة «إنديان إكسبريس»، أمس الأول، أن هناك أكثر من 500 هندى على علاقة بتسريبات «وثائق بنما» التى تضمنت عدة أسماء لقادة وزعماء العالم الحاليين والسابقين بتهمة التهرب الضريبى والتربح فى الخارج، ومن أبرز هؤلاء نجم بوليود أميتاب باتشان، الذى كشفت الوثائق عن تعيينه مديراً لأربع شركات شحن مقرها فى جزر «فيرجن» البريطانية وجزر البهاما، بالإضافة إلى امتلاكه البواخر التجارية بمليارات الدولارات منذ عام 1993.

مكتب رئيس الوزراء البريطانى يعتبر استثمارات عائلة «كاميرون» مسألة خاصة.. والرئيس الأرجنتينى ينفى ارتكابه أى مخالفة

وأكدت الوثائق أن بين زبائن مكتب المحاماة «موساك مونسيكا» الذين تطالهم فضيحة تهرب ضريبى شركة وهمية كورية شمالية تُستخدم لتمويل البرنامج النووى لـ«بيونج يانج»، وذكرت صحيفة «الجارديان» البريطانية وشبكة «بى بى سى» أن عدداً من الوثائق يتعلق بشركة «دى سى بى فاينانس» التى تتخذ من بيونج يانج مقراً لها لكنها مسجلة فى الجزر العذراء البريطانية منذ 2006، وأنشئت بشكل قانونى من قبَل مكتب المحاماة، وكانت كوريا الشمالية أجرت فى تلك السنة أول تجربة نووية، مما دفع مجلس الأمن الدولى إلى فرض عقوبات عليها. 

وسُجلت «دى سى بى فاينانس» من قبَل كورى شمالى يُدعى كيم شول سام ومصرفى بريطانى هو نايجل كاوى الذى استقر فى كوريا الشمالية فى 1995، وقد تولى بعد ذلك إدارة أول مصرف أجنبى لكوريا الشمالية هو «دايدونج كريديت بنك»، و«دى سى بى فاينانس» فرع له.

وتشير الوثائق إلى أنه على الرغم من عنوان المصرف فى «بيونج يانج»، لم يلحظ مكتب المحاماة العلاقة التى تربط «دى سى بى» بكوريا الشمالية قبل 2010 عندما أرسلت وكالة التحقيقات المالية فى جزر «فيرجن» البريطانية مذكرة تطلب معلومات عن الشركة، وعندها توقف المكتب عن تمثيل الشركة الكورية الشمالية. وفى 2011 باع «كاوى» -الذى أكد أنه لم يكن على علم بالصفقات غير المشروعة- حصصه فى مصرف «دايدونج». 

وتستهدف عقوبات فرضتها واشنطن منذ يونيو 2013 هذا المصرف إلى جانب «دى سى بى» وكيم شول سام، وتشتبه الولايات المتحدة بأن هذه الشركات تقدم خدمات مالية لهيئتين كوريتين شماليتين تلعبان «دوراً أساسياً» فى تطوير برامج نووية وبالستية كورية شمالية، وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن شركة «دى سى بى فاينانس» تُستخدم «لإبرام صفقات مالية دولية بعيداً عن أنظار المؤسسات المالية التى تسعى إلى تجنب التعامل مع كوريا الشمالية».

 وفى رسالة إلكترونية، اعترف مكتب تطبيق المعايير فى مكتب المحاماة البنمى فى 2013 بأنه كان عليه التزام حذر أكبر، وقال: «لم ندرس الأسباب التى جعلتنا نقيم علاقة مع «دى سى بى فاينانس» بينما كنا نعرف، أو كان علينا أن نعرف، أن كوريا الشمالية مدرجة على اللائحة السوداء، وكان علينا أن نعرف منذ البداية أنها شركة تنطوى على مجازفة كبيرة».

القضاء البنمى يفتح تحقيقات فى القضية.. ووسائل الإعلام الصينية تُخفى الوثائق عن مواطنيها.. وإجراءات أمريكية جديدة لمنع التهرب الضريبى

وعلى صعيد آخر، تظاهر الآلاف من الشعب الأيسلندى أمام البرلمان، أمس الأول، للمطالبة بتنحى رئيس الوزراء سيجموندور جونلاوجسون، وذلك بعد الكشف عن تورطه فى وثائق «بنما»، وكان «جونلاوجسون» رفض الاستقالة بناء على طلب الشعب بعد كشف تسريب «وثائق بنما» استخدامه وزوجته شركة «موساك فونيسكا» لإخفاء استثمارات بملايين الدولارات. 

كما تعرّض رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون لضغوط لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الملاذات الضريبية فى الخارج، بعدما كشف تسريب لملايين الوثائق عن تفاصيل ترتيبات إخفاء الأصول المالية للأثرياء، بما فى ذلك والده الراحل، وقال مكتب رئيس الوزراء إن «استثمارات عائلة كاميرون مسألة خاصة»، وقال مكتب الضرائب فى بريطانيا إنه طلب من الاتحاد الدولى للمحققين الصحفيين الوصول إلى البيانات المسرّبة، وسوف يتعامل وفقاً لها بسرعة وبشكل مناسب إذا رأى أى مخالفات.

وأعلنت الولايات المتحدة، مساء أمس الأول، عن إجراءات جديدة لمنع المجموعات المتعددة الجنسيات من التهرب من دفع الضرائب عبر إقامة مقارها فى الخارج عن طريق شراء شركات، ونقل بيان عن وزير الخزانة الأمريكى جاكوب ليو أن «الشركات استفادت لسنوات من نظام يسمح لها بإقامة مقارها الضريبية فى الخارج لتجنب الضرائب فى الولايات المتحدة من دون تغيير نموذجها الاقتصادى»، وبموجب عمليات تسمى «التعاكس الضريبى»

 قامت شركات أمريكية عملاقة من بينها خصوصاً «فايزر» بشراء شركات تتمركز فى بلاد تفرض ضرائب متدنية مثل أيرلندا وهولندا، لتصبح مقراً لها مع الاحتفاظ بنشاطاتها وهيئاتها الإدارية فى الولايات المتحدة، وهذه الصفقات القانونية والمثيرة للجدل تهدف خصوصاً إلى الإفلات من الضرائب الفيدرالية على الشركات فى الولايات المتحدة التى تُعد الأعلى بين الدول الصناعية وتبلغ 35%.

وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أمس، إن وزارة العدل الأمريكية تقوم حالياً بمراجعة «وثائق بنما»، وذلك للبحث عن أدلة تشير إلى وقوع أعمال فساد يمكن أن تخضع للمحاكمة فى الولايات المتحدة، وذكر المتحدث باسم الوزارة بيتر كار أن الوزارة على علم بالوثائق وتقوم بمراجعتها، وقال إنه «فى الوقت الذى لا تستطيع فيه وزارة العدل التعليق عن نقاط محددة فى هذه الوثائق المزعومة فإن الوزارة تأخذ مأخذ الجد كافة الادعاءات الخاصة بأعمال فساد دولية قد تكون مرتبطة بالولايات المتحدة أو النظام المالى الأمريكى».

وأكد الرئيس الأرجنتينى ماوريسيو ماكرى، أمس الأول، غداة نشر تسريبات «وثائق بنما» -التى كشفت أنه كان مديراً لشركة مقرها فى جزر الباهاماس- أن «كل ما قام به فى هذا الإطار كان قانونياً وأنه لم يرتكب أى مخالفة».

وأعلن القضاء البنمى، مساء أمس الأول، أنه سيفتح تحقيقاً فى فضيحة «وثائق بنما»، وقالت النيابة العامة البنمية فى بيان إنه «سيتم التحقيق فى الوقائع التى أوردتها وسائل إعلام وطنية ودولية تحت اسم وثائق بنما»، وأوضحت أن التحقيق يرمى لبيان ما إذا كانت هذه الوقائع تنطوى على مخالفات قانونية وتحديد مرتكبى هذه المخالفات وما إذا كانت قد تسببت بأضرار مالية.

وفى سياق منفصل، أخفت الرقابة على الإنترنت ووسائل الإعلام الصينية الأنباء التى تشير إلى الثروة الخفية، بحسب «وثائق بنما»، لأسماء أقارب سياسيين صينيين حاليين وسابقين، من بينهم الرئيس شى جين بينج. فيما نشرت صحيفة «جلوبال تايمز» القومية الصينية افتتاحية قالت فيها إن «قوة متنفذة مجهولة تقف وراء تسريب الوثائق».

وثائق بنما تفضح فساد كبير مؤيدي الإخوان
وثائق بنما تفضح فساد كبير مؤيدي الإخوان
وثائق بنما تفضح فساد كبير مؤيدي الإخوان
وثائق بنما تفضح فساد كبير مؤيدي الإخوان
وثائق بنما تفضح فساد كبير مؤيدي الإخوان
وثائق بنما تفضح فساد كبير مؤيدي الإخوان