فى عالم الطيران الحربى تلعب الطائرات الهليكوبتر دوراً مهماً فى بناء الجيوش الحديثة لدواعٍ قتالية فى مسارح العمليات، كما أنها تعتبر وسيلة مهمة فى بعض الجوانب اللوجيستية، وفى أثناء حرب أكتوبر قامت إحدى الطائرات الهليكوبتر بإبرار مجموعة من رجال الصاعقة فى إحدى المناطق فى جنوب سيناء فى عمق العدو، واستطاعت هذه القوة إنجاز عمل بطولى وأبادت أوتوبيساً عسكرياً به 65 طياراً وملاحاً فى أفدح خسائر يمكن أن يلقاها جيش، واستمرت هذه القوة 150 يوماً فى صراع ومطاردة من القوات الإسرائيلية حتى نجحت فى التسلل والعودة، وكانت عملية الإبرار هى أحد الاستخدامات الرئيسية فى ميادين القتال للطائرات الهليكوبتر.

عندما تتسلح حاملة الطائرات «الميسترال» بـ«الهليكوبتر كا -52» الروسية تصبح البحرية المصرية قوة ضاربة فى الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط

فى الفترة الأخيرة أعلن المسئولون عن صناعة الطائرات فى روسيا أنه تم التعاقد مع مصر على توريد الطائرة «كا - 52» وذلك طبقاً لتصريحات «ألكسندر ميخييف» المدير العام للشركة المصنعة منوهاً بأن روسيا ستورد لمصر عدد 46 طائرة هليكوبتر سفن من طراز «كا - 52»، وكانت روسيا قد طورت هذا الطراز للاستخدام مع حاملتى الطائرات الميسترال اللتين كانتا قد صنعتا بناء على طلب موسكو لاستخدامهما فى تدعيم الأسطول البحرى الروسى إلا أن الصفقة أُلغيت نتيجة عقوبات الغرب على روسيا بعد أحداث أوكرانيا، أى إن حاملتى الطائرات «ميسترال» اللتين اشترتهما مصر من فرنسا صنعتا خصيصاً لمروحيات «كا - 52» المسماة بالتمساح، وبهذا تكون مصر قد فازت بصفقة نادرة التكرار، شارك فى تصنيعها بلدان كبيران فى عالم السلاح بحرياً وجوياً، وتضافرت فيها خبرات عسكرية وتكنولوجية متطورة عالية متعددة الأطراف.

إمكانيات غير مسبوقة

الطائرة الهليكوبتر «كا- 52» هى واحدة من أقوى طائرتين من نوعيتها فى العالم، أما الثانية فهى الطائرة «الأباتشى» الأمريكية التى تربعت طويلاً على عرش المروحيات فى العالم إلى أن ظهرت التمساح، لتصبح الطائرتان فرسى رهان، ومع حصول مصر على الطائرة الروسية سوف تتفرد بأنها أصبحت تمتلك أقوى طائرة هليكوبتر فى الغرب وأقوى طائرة مماثلة فى الشرق فى سلاحها الجوى، وهى بذلك تكون قد حققت تنوعاً خلاقاً فى مصادر السلاح، لتصبح بذلك قوة متميزة فى مجال المروحيات، وفى حال تسلح حاملة الطائرات الميسترال بالهليكوبتر الروسية تصبح البحرية المصرية قوة بحرية ضاربة فى إقليم الشرق الأوسط وفى حوض البحر الأبيض المتوسط، لا سيما أن القاهرة قاربت على تسلم غواصات ألمانية، وضاعفت من لنشات الصواريخ والقطع البحرية الرئيسية فى طفرة غير مسبوقة، والنسخة التى ستحصل عليها مصر من التمساح خضعت لتطوير خاص لتسخير إمكانياتها الفائقة مع طبيعة العمل على الميسترال، وحتى يمكن حشد أكبر عدد ممكن منها على ظهر حاملة الطائرات أو عند التخزين فى باطنها تم تعديل بعض الخواص الفنية والميكانيكية، وعلى سبيل المثال فإن مراوح الطائرة من هذا الطراز قابلة للطى حتى لا تشغل مساحة كبيرة عند الاصطفاف.

تمتلك الهليكوبتر «كا - 52» الروسية الملقبة بـ«التمساح» مواصفات فائقة جعلتها منافساً قوياً للهليكوبتر الهجومية الأمريكية «الأباتشى»، إذ تتمتع بنظام مراقبة متطور بأقوى وسائل الرصد للجو والبر والبحر، حيث زُودت بمنظومة رادار حديثة تسمح برؤية أهداف على بعد 35 كم، ما يساعدها على كشف الأهداف المختلفة متحركة أو ثابتة على الأرض، وتدمير المدرعات وطيران العدو، والقيام بعمليات متقدمة ضد القطع البحرية، وهذا يجعلها مروحية فريدة من نوعها، وهى إن كانت ذات طبيعة هجومية إلا أنها تصنف باعتبارها متعددة المهام، ومن أهم جوانب قوة هذه الطائرة أنها قادرة على العمل فى مختلف الظروف الجوية، وتوفير فاعلية قصوى فى أداء المهام القتالية، وتعتمد التمساح فى طيرانها على العمل بنظام المروحتين الأفقيتين الموجودتين رأسياً فوق بعضهما، وهذا النظام يستخدم فى الغالب فى الطائرات الهليكوبتر الثقيلة نسبياً، لأن طائرات النقل المروحية الثقيلة تصمم بمروحتين رأسياً فوق طرفى الطائرة، بينما فى الطائرات الخفيفة والمتوسطة تُركب مع المروحة الأفقية الرئيسية مروحة أخرى رأسية فى الذيل، كما تتميز الهليكوبتر «كا - 52» عن نموذجها السابق بمقدمة الجسم الأكثر انسيابية وكابينة القيادة ذات المقعدين، ورغم أن قذف مقعد قائد الهليكوبتر خارج الطائرة لإنقاذه عند إصابتها كان يشكل فيما مضى معضلة فإن المشكلة حُلت بالرغم من وجود طيارين اثنين فى كابينة القيادة، حيث يُقذف أحدهما لجهة اليمين والآخر لجهة اليسار للخارج ولأسفل، وتتم قيادة المروحية بتسهيلات فى القيادة للطيارين، علماً أن كابينة القيادة فى هذه المروحية مدرعة، كما أنها مزودة بمحركات فائقة بقوة 2800 حصان تساعدها على السرعة العالية والحمولات الكبيرة من الأسلحة والذخائر.

وتستطيع «كا - 52» العمل بعيداً عن قاعدتها الرئيسية دون الحاجة للصيانة والمعاونة الإدارية لمدة طويلة نسبياً، وهى ذات قدرات فريدة على المناورة، ومن مميزاتها عدم التأثر بقوة واتجاه الريح وإمكانية الأداء المعتاد فى مختلف الظروف الجوية، والهليكوبتر «كا - 52» (Alligator) الهجومية المتعددة المهام هى سليلة مروحية «كا - 50» (Black Shark) ونسخة مطورة منها، وتمتاز بقدرتها على قيادة سرب من المروحيات، أى إنها تؤدى مهام مركز القيادة الذى يحدد ويوزع الأهداف على المروحيات الأخرى فى السرب، ولا تقل «كا - 52» فى مواصفاتها الفنية والقتالية عن مروحية «AH-64» أباتشى الأمريكية وإن كانت تتفوق عليها فى كم التسليح الضخم وتنوعه والتفوق فى إمكانيات الاشتباك مع الأهداف الجوية والانفراد بالقدرة على قيادة القوات أو توجيه مجموعة من المروحيات وفى السرعة ومدى الطيران والتحليق وأيضاً حماية الطاقم، بسبب المقاعد القابلة للقذف مما لا يتوافر للأباتشى التى تتفوق فى الارتفاع الأقصى وفى القدرة على توجيه الأسلحة، ومن المعروف أن بدن الطائرة مصمم بحيث يتحمل اشتباك الأسلحة الخفيفة، كما أن النسخة المعدلة للعمل مع حاملة الطائرات الميسترال تحمل مواصفات متطورة لم يعلن عنها بعد.

 

الطائرة الهليكوبتر «كا - 52» ذات تسليح قوى ونوعى، مما يجعلها فى بعض الجوانب أقرب للمقاتلات، فهى مزودة بمدفع رشاش سريع الطلقات عيار 30 مم، مزود على متن الطائرة بعدد 460 طلقة، وهذا الرشاش قادر على إعطاب مركبات مدرعة، وتكفى 6 - 8 إصابات من المدفع لتدمير مدرعة معادية، وتمتلك الطائرة ست نقاط تعليق خارجية أسفل الجناحين قادرة على حمل 2000 كجم من الأسلحة، تشمل 12 صاروخاً مضاداً للدبابات من المقذوفات الموجهة فائقة السرعة التى تصل إلى 1 كم فى الثانية، ويمكنها حمل الصواريخ غير الموجهة بمعدل 80 صاروخاً من نوع S-8 أو 20 صاروخاً من نوع S-13 على نقطتى تسليح فقط، وصواريخ R_37 أرشر (جو/جو) أو صواريخ KH_25 وصواريخ إيجلا (جو/ جو) أيضاً على النقاط الخارجية، بالإضافة إلى صواريخ غير موجهة عيار 122 مم، أما بالنسبة للقنابل فهى قادرة على حمل 4 قنابل زنة 250 كجم أو قنبلتين زنة 500 كجم، على اختلاف أنواع القنابل من ذات العبوة شديدة الانفجار أو القنابل العنقودية وغيرها، كما تستطيع الطائرة أن تحمل مجموعة من المدافع بدلاً من الصواريخ.