جيهان عبد المجيد سيدة في العقد الرابع من عمرها ليس هناك ما يميزها عن باقي السيدات خاصة وأن النقاب الأسود يخفي جميع ملامح وجهها الذي مازال يحمل بقايا شباب وتعاسة وطن.

ولكن ما يميزها هو رقم 235 فهذا رقم قضيتها  وهو الرقم الكودي لها في ملفات أمن الدولة التي قامت بخطفها من شقتها المتواضعة في شمال القاهرة دون ذنب اقترفته، فالمصريين مجرد أرقام وملفات عند جهاز أمن الدولة.
لم تكمل جيهان تعلميها الثانوي حيث نهج التيار الجهادي الذي لا يجد ضرورة لتعليم المرأة وأن مصيرها لبيتها وزجها وفي عام 1990 زفت إلي زوجها أبو العلا عبد الله الذي كان يغيب عنها بالأيام والأسابيع وبعد عامين وتحديدا في عام 1992 قبض عليه في قضية اغتيال الكاتب فرج فودة وحكم عليه بالمؤبد.

بقيت جيهان في منزلها وحيدة إلا أن أمن الدولة أبي  إلا يتركها  وحدها ففي عام 1994 قاموا باعتقالها ومعها 14 سيدة وذلك في مقر أمن الدولة بلاظوغلي  (هو مقر جهاز امن الدولة بالقاهرة) وهو من أشرس أماكن التحقيق والذي حاول متظاهرون اقتحامه مساء الأحد.

وداخل الجهاز تعرضت جيهان بحسب حديثها لموقع الدستور الأصلي -لشتى أنواع التعذيب،تقول " تعرضت للتعذيب والصعق بالكهرباء والسب والقذف والضرب المبرح علي يد زبانية الجهاز إلا أن الله سترني كانوا ينزعون النقاب عن وجهي عنوة ويمنعوني من الصلاة ويحرقون كتاب الله ليعذبونا بذلك"، وتضيف "كانوا يمنعوني من الصلاة والاستحمام والطهارة وظللت علي هذا الحال لمدة 4 سنوات كاملة أرحل لسجن القناطر وأمكث به نوما علي البلاط ومنع من الطعام ومعاملة في منتهي السوء وأعود كل 3 شهور لأقضي 28 يوم في مقر لاظوغلي وسط التعذيب والإهانة وكذلك منع أهلي من زيارتي ،ورغم قيام أسرتي بتقديم تظلمات للنائب العام للإفراج عني إلا أن الداخلية كانت لا تنفذ أحكام الإفراج.

وفي عام 1997 أي بعد أربعة أعوام من الاعتقال تم تحويلها لمحكمة عسكرية  لمحاكمتها بتهمة "الإيواء والتستر علي مرتكبي ما يعرف بقضية تفجير البنوك والتي قام بها مجموعة من تنظيم الجهاد وكذلك حيازة أسلحة"وحكم عليها بـ 15 عام سجن، لتصبح بذلك جيهان السيدة الأولي التي يحكم عليها بالقضاء العسكري في عهد مبارك خاصة وأن القضاء العسكري لا يمكن الطعن عليه.
الأعوام التي قضتها جيهان وما تعرضت له من تعذيب كان سبب في حرمانها من الأطفال، ولم يكتف جهاز أمن الدولة ونظام الرئيس السابق بذلك بل قام بمحاكمة زوجها وهو في محبسه بتهم أخري لتصل مدة عقوبته لـ52 عاما.
وتنهي جيهان قصتها التي ترويها لأول مرة قائلة : هذه هي المرة الأولي التي أتمكن فيها من رواية قصتي وذلك بعد زوال النظام الظالم.
جيهان هي أحد المصريين الذي تعرضوا لانتهاكات أمن الدولة وتعذيبه واضطهاده فهناك غيرها الملايين الذين ذاقوا وليلات هذا الجهاز هذا بخلاف من قتل بداخله ولم يعرف عنه شيء وغيرهم ممن فقدوا عقولهم بقوة التعذيب.