صعدت الولايات المتحدة من ضغوطها على الرئيس المصري حسني مبارك، فقد طالب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره المصري عمر سليمان برفع حالة الطوارئ فوراً. وقال إن ضرب المتظاهرين والصحافيين يجب أن يتوقف، وانه يجب البدء في عملية فورية باتجاه نقل السلطة.
وقال بايدن في اتصال هاتفي مع سليمان إن مطالب المعارضة يمكن أن تلبى عن طريق مفاوضات ذات معنى مع الحكومة المصرية،كما أكد ضرورة وإشراك معارضين آخرين في المفاوضات وذلك وفق جدول زمني محدد وخارطة طريق تتيح الانتقال نحو الديموقراطية.
وجاء في بيان صادر عن البيت الأبيض أن هذه الخطوات ونهج سياسة واضحة تقضي بعدم الانتقام (من المحتجين) هو ما تدعو إليه المعارضة الواسعة وما تقول الحكومة إنها مستعدة لقبوله .
وأضاف البيان الصادر عن البيت الأبيض أن بايدن اطلع على الخطوات التي اتخذتها الحكومة لكنه حثها على اتخاذ خطوات فورية لمتابعة الإصلاحات .وكرر بايدن الموقف الأمريكي المتمثل في أن الشعب المصري هو الذي يجب أن يحدد مصير بلده.
ودعا نائب الرئيس الأمريكي إلى إجراء انتقال منظم للسلطة يكون سريعا وذا معنى وسلميا ومشروعا ويؤدي إلى تحقيق تقدم فوري ولا رجعة فيه ويستجيب لتطلعات الشعب المصري .
من جانبه انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض تصريحات عمر سليمان التي تحدث فيها عن عدم جاهزية مصر لان تكون دولة ديمقراطية واعتبرها تصريحات غير مفيدة. واعتبر المتحدث ان هذه التصريحات لا تتماشى مع فكرة وضع جدول زمني للاصلاحات في البلاد.
وقد قال وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس إن من المهم جداً أن تفي الحكومة المصرية بوعودها وتمضي قدماً بالانتقال المنظم للديمقراطية.
وأضاف أن الشعب المصري بحاجة لأن يرى خطى ثابتة في تنفيذ الإصلاحات. ومن جهتها، أكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بأن الاتحاد سيقدم دعماً عملياً لمصر لمساعدتها على نقل السلطة إلى الحكومة الجديدة.
كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون القيادة المصرية بالاصغاء لمطالب الشعب.
تصريحات سليمان
من جهته حذر نائب الرئيس المصري من أن الحكومة لن تقبل باستمرار الاحتجاجات في ميدان التحرير لفترة طويلة.وطالب سليمان في تصريح حاد اللهجة ينم عن نفاد صبر الحكومة بإنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن .
وقال سليمان لن يزول النظام ولن يتنحى مبارك في الحال وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عقب اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف القومية والمستقلة.
وأضاف سليمان أن النظام يريد انتهاج الحوار لمناقشة مطالب المحتجين بالإصلاح الديمقراطي، وقال في تهديد مبطن لا نريد التعامل مع المجتمع المصري بأساليب بوليسية .
ونقلت الصحف المصرية عن سليمان قوله إن مصر دولة قوية ولم تنهار ولن تنهار ، مؤكدا أن الحوار والتفاهم هو الطريقة الأولي لتحقيق الاستقرار في مصر والخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد بسلام في إطار برنامج متواصل لحل جميع المشكلات .
وحذر سليمان من أن البديل للحوار هو أن يحدث انقلاب لا يمكن التنبؤ بنتائجه، وقال لا نريد الوصول الى تلك النقطة، من أجل مصر .
وتحت إلحاح رؤساء تحرير الصحف المصرية لتوضيح ما يعنيه قال انه لا يعني وقوع انقلاب عسكري، ولكن فوضى مؤسساتية تتسبب بها جهة غير جاهزة لأن تحكم مصر ، حسب ما قال عمر الخفاجي نائب رئيس صحيفة الشروق المستقلة الذي حضر الاجتماع، والذي أضاف لم يكن يعني انقلابا بالمفهوم الكلاسيكي .
وقال سليمان ان وجود الحتجين في ميدان التحرير وتطاول بعض الفضائيات على مصر يثبط المواطنين الذي يرغبون بالتوجه للعمل، ولن نقبل بذلك لفترة طويلة .
وحذر من الدعوة التي وجهها المحتجون للعصيان المدني وقال انها بالغة الخطورة وغير مقبولة.
وكان سليمان قال ان لدى مصر خطة وجدولا زمنيا لعملية الانتقال السلمي للسلطة، مشيرا الى ان الحكومة لن تلاحق المحتجين المطالبين بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك.
واضاف في مؤتمر صحفي عقب لقائه مبارك ان الرئيس يرحب بالاجماع الوطني وقد وضعنا قدمنا على الطريق السليم .
وقال سليمان ان الرئيس حسني مبارك اصدر قرارا جمهوريا يقضى بتشكيل لجنة دستورية مكلفة بوضع تعديلات تمهد للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر / أيلول المقبل.
الى ذلك نقل جهاز لمراقبة المواقع الالكترونية، ومقره الولايات المتحدة، عن بيان بث عبر الانترنت لما يعرف بتنظيم دولة العراق الاسلامية ، التابع لتنظيم القاعدة، دعوته المتظاهرين في مصر الى اعلان الجهاد ، وارغام المؤسسة الحاكمة الى تبني الشريعة الاسلامية.
الوادي الجديد
من جهة اخرى قال صحفيون وشهود عيان لبي بي سي العربية إن مدينة الخارجة بمحافظة الوادي الجديد شهدت الليلة الماضية انفلاتا امنيا غير مسبوق بعد انسحاب معظم القيادات الأمنية في المحافظة.
وقال شاهد عيان لبي بي سي إن المدينة شهدت عمليات اطلاق نار كثيفة مجهولة المصدر وأسفرت عن مقتل شخص واحد على الأقل.وقد ناشد أحد الأطباء العاملين في احد مشافي المدينة، الجيش المصري بالتدخل وقال إن السكان يعيشون أجواء رعب غير مسبوقة في تاريخ تلك المنطقة الواقعة في جنوب الصحراء الغربية بمصر.
وذكر شاهد عيان لاحقا لبي بي سي أن قوات الجيش المصري انتشرت في أحياء المدينة ونجحت في السيطرة على الموقف.
وكان مئات الآلاف من المحتجين المصريين قد احتشدوا يوم الثلاثاء في أكبر مظاهرة حتى الآن في ميدان التحرير وسط القاهرة للضغط باتجاه تحقيق مطالبهم بتنحي الرئيس حسني مبارك. ويقول مراسل بي بي سي إن الآلاف منهم بقُوا في الميدان حتى وقت متأخر من المساء، بالرغم من حظر التجول والبرد.
ويقول مراسلنا إن حجم الإقبال يدحض تلميحات بأن زخمَ حركة الاحتجاج بدأ ينفد في أسبوعها الثالث،كما حاصر عشرات الآلاف من المتظاهرين مجلس الشعب ومقر رئاسة الحكومة المصرية القريبين من ميدان التحرير ومنعوا رئيس الحكومة المصرية أحمد شفيق من دخول مكتبه ورددوا هتافات تطالب برحيل الحكومة.
وفي الإسكندرية احتشد الاف المصريين قرب مسجد القائد إبراهيم وسط مدينة الاسكندرية مطالبين برحيل الرئيس حسني مبارك.
وشهدت المدينة تظاهرات على مدى اربعة ايام كانت جميعها سلمية لكن تخللها اضرام النار بمراكز للشرطة . ورفعت لافتات للتنديد بنظام حكم الرئيس مبارك كما ابدى كثير من المحتجين امتعاضهم من الموقف الاميركي تجاه النظام المصري حيث اعتبره الكثير انه متعاطف معه.
وفي مدينتي المحلة وطنطا بمحافظة الغربية تجمع الآلاف من المتظاهرين الرافضين لإستمرار الرئيس مبارك فى الحكم عقب اداء صلاة العصر وانطلقوا فى مسيرات للمطالبة برحيله فورا.
وردد المتظاهرون الهتافات المعادية لمبارك وأفراد أسرته. وأكد المحتجون تضامنهم مع المعتصمين فى ميدان التحرير بالعاصمة المصرية القاهرة. وقرر عدد منهم المبيت امام ديوان عام المحافظة حتى رحيل مبارك. كما شهدت مديتنا السويس واسيوط تظاهرات شارك فيها الآلاف.
ويطالب المحتجون بإصلاحات دستورية جذرية في البلاد وهو المطلب الذي ما زالت المعارضة متمسكة به في مفاوضاتها مع نائب الرئيس عمر سليمان.
كماقد نظم المئات من أساتذة الجامعات مسيرة إحتجاجية ضد الحكم للمطالبة بتنفيذ مطالب المتظاهرين، وتحركت المسيرة من نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة حتى مستشفى القصر العينى ثم شارع القصر العيني إلى ميدان التحرير.
وفي سيناء، افرجت الشرطة عن 28 معتقلا من البدو، كانت قد القت القبض عليهم خلال احتجاجات الايام الماضية، وذلك في محاولة لاحتواء الاوضاع الامنية في هناك.
وقد رحبت جموع المتظاهرين المحتشدة في ميدان التحرير بوائل غنيم، الناشط الذي اختفى على ايدي قوات الامن المصرية قبل 12 يوما واطلق سراحه يوم الثلاثاء.ويعود لغنيم الفضل في تأسيس صفحة في موقع فيسبوك لعبت دورا مهما في تنظيم الاحتجاجات التي اندلعت في مصر الشهر الماضي.
وقال غنيم في كلمة وجهها الى الجموع: لن نتنازل عن مطلبنا في زوال النظام ولن نستسلم. وفي اشارة الى المحتجين الذين قتلوا على ايدي الاجهزة الامنية، قال غنيم: لست بطلا، إن الابطال هم الذين استشهدوا.
دعوة زويل
من جهته دعا العالم المصري الحاصل على جائزة نوبل، أحمد زويل، إلى تنحي الرئيس مبارك الآن.وقال في حلقة خاصة من برنامج لقاء خاص الذي بثته بي بي سي إن هناك أزمةَ ثقة كبيرة بين المتظاهرين والنظام وإن أفعالا تمت في الأيام الماضية عمقت من هذه الأزمة.
في سياق آخر نفى وزير الصحة المصري أحمد سامح في اتصال مع بي بي سي اتهامات المنظمات الحقوقية للسلطات المصريو بمحاولة حجب الأرقام الحقيقية لضحايا الاحتجاجات في مصر.
وقال الوزير إن الحكومة دعت مرارا المستشفيات لإعلان الأرقام الحقيقية للضحايا.
وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد قالت يوم الاثنين إنها تأكدت من أن نحو 300 شخص قتلوا إلى حد الآن في احتجاجات مصر لكن من المرجح أن يكون العدد النهائي أعلى من ذلك بكثير.
وأضافت المنظمة أن بفضل اطلاعها على السجلات الطبية في عدة مشرحات في القاهرة والإسكندرية والسويس توصلت إلى أن 297 شخصا على الأقل قتلوا.
ومضت قائلة إن معظم القتلى قضوا رميا بالرصاص على يد الشرطة خلال يومين من العنف في نهاية الشهر الماضي.
وقالت منسقة منظمة هيومان رايتس ووتش في القاهرة في تصريحات نقلتها وكالة اسوشيتد بريس إن المنظمة توصلت الى هذا العدد بعد قيامها بزيارات لسبعة مستشفيات في القاهرة والاسكندرية والسويس تحدثت خلالها الى اطباء، اضافة الى زيارات قامت بها لمشرحات.
وتقول المنظمة إن عدد القتلى بلغ 232 في القاهرة و52 في الاسكندرية و13 في السويس.
واشارت المنظمة الى ان السلطات الصحية في مصر تحاول اخفاء الحقيقة عن حجم الخسائر. وذكرت متحدثة باسم الووتش ان المستشفيات تعرضت لضغوط لتقليص عدد القتلى خشية ان يؤدي اعلان الرقم الحقيقي للضحايا الى تأجيج المظاهرات.
لكن الحكومة المصرية لم تحدد بعد حصيلة القتلى النهائية، وكانت منظمة الأمم المتحدة قدرت سابقا أن عدد القتلى يصل إلى نحو 300 قتيل لكن تقديرات هيومان رايتس ووتش استندت إلى زيارات ميدانية إلى مستشفيات ومشرحات.