علق مسئول رفيع المستوى بإحدى المؤسسات الدولية الكبرى، على وقائع ملاحقة الحكومة لبعض رجال الأعمال فى الفترة الماضية، قائلا إن مثل هذه الإجراءات قد تؤدى إلى إعادة بناء الاقتصاد بشكل سليم وقوى، إن كانت لا تستهدف تصفية الحسابات.
«لكن هذا يستلزم فتح جميع الملفات وليس اختيار بعض رجال الأعمال.. وإن كان الأمر مجرد تصفية حسابات غير مدروسة، فسيؤدى هذا إلى اهتزاز الاقتصاد المصرى»، أضاف المسئول فى تصريحات خاصة لـ(الشروق) رافضا ذكر اسمه أو المؤسسة التى يعمل بها، لحساسية الأمر وتعلقه بالسياسة الداخلية للبلاد.
وأوضح المسئول الدولى، أن هكذا إجراءات، قد تؤثر سلبا على تقييم المؤسسات المالية للاقتصاد المحلى خلال الفترة القادمة.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض أخيرا على صلاح دياب، رجل الأعمال ومالك صحيفة المصرى اليوم، ونجله توفيق العضو المنتدب للمؤسسة، ثم أفرجت عنهما بعد حبسهما 4 أيام على ذمة التحقيق.
من جهته، يرى هانى سرى الدين، المستشار القانونى لمشروع تنمية محور قناة السويس، ورئيس قسم القانون التجارى والبحرى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، أن وقائع القبض على دياب وما صاحبها من إجراءات قانونية، وتصرفات شرطية وإعلامية، ستكون أسوأ وأكثر ضررا على الاقتصاد المصرى من أحداث طائرة شرم الشيخ.
وأضاف سرى الدين فى مقال له نشرته صحيفة الأخبار يوم الأربعاء الماضى، أن البورصة خسرت أكثر من 21 مليار جنيه فى ثلاثة أيام كرد فعل مباشر على ما حدث.
كما تحدث سرى الدين عن معلومات مؤكدة لإلغاء شركات عالمية قراراتها بالاستثمار فى مصر غداة القبض على دياب.
لكن عمرو فايد الرئيس التنفيذى لجمعية الصداقة المصرية اللبنانية لرجال الأعمال، قال إن تصريحات الرئيس الأخيرة بشأن عدم المساس بالمستثمرين وأعمالهم، تعد «مؤشرا مطمئنا»، لاسيما أنها تزامنت مع الإفراج عن دياب ونجله رغم تجديد فترة حبسهما 15 يوما على ذمة التحقيق قبل الافراج بساعات.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى قد أكد فى تصريحات له أثناء زيارته لشرم الشيخ الأربعاء الماضى، أنه لا يقبل المساس بأمن المستثمرين ومصالحهم، وأن الكل يسير وفقا للقانون.
ويأتى دياب ضمن قائمة من رجال الأعمال الذين واجهوا اتهامات مختلفة من الدولة خلال الفترة الماضية، بدءا من صفوان ثابت ومحمد فريد خميس، وتنوعت الإجراءات المتخذة ضدهم بين التحفظ على جزء أو كل أموالهم، وإحالة إلى جهات التحقيق، والقبض على البعض، وحبس البعض الآخر.
الظاهرة التى باتت واضحة فى مصر خلال الفترة الأخيرة، أثارت قلقا فى أوساط الأعمال، لكن الكثير من رجالها رفضوا التعليق على الأمر، لدرجة أن أحدهم قال نصا لـ(الشروق): «لا نعلم من عليه الدور الآن.. التصريحات حاليا قد تؤذى صاحبها».
ورغم احتمالية صحة إدانة بعض من تم القبض عليهم، إلا أن طريقة الإعلان والتباهى بها، بدأت تقلق الكثير من المستثمرين، بحسب ما ذكره رجل أعمال عضو فى اتحاد الصناعات.
«الأيدى المرتعشة بات لفظا ينطبق على رجال الأعمال وليس الحكومة فى الوقت الحالى، فلا أحد يملك شجاعة اتخاذ قرار بالاستثمار فى الوقت الحالى»، أضاف عضو اتحاد الصناعات، مشيرا إلى أن هذا كان تعليق أحد شركائه الإيطاليين على وضع المستثمرين فى مصر خلال الفترة الأخيرة.
وقالت الشرطة إن دياب متورط فى قضايا فساد، وجرى تصويره وابنه مقيدان بـ«الكلبشات»، وتسريب الصور إلى وسائل الإعلام، الامر الذى آثار موجة واسعة من الانقادات خصوصا فى مجتمع الاعمال.
ويبدو أن الصور أثارت الغضب بين رجال الأعمال، الأمر الذى دفع اتحاد الصناعات إلى إصدار بيان طالب فيه وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية المعنية بـ«الحفاظ على الواجهة الحضارية لمصر»، وأضاف البيان أن «ما تم من إجراءات القبض على رجل الأعمال صلاح دياب إلى جانب ما نشر من صور للحظة القبض عليه، تعكس صورة سلبية تؤثر بالقطع على مناخ الاستثمار، كما تسئ إلى كل مواطن مصرى ويفتح باب للأقاويل وللمشككين».
علاء عز، أمين عام اتحاد الغرف التجارية، قال فى تصريحات مقتضبة على هامش انعقاد ملتقى مصر الدولى للخدمات اللوجيستى، إن «قرارات التحفظ أو القبض على رجال الأعمال فى الوقت الحالى غير مستحبة».
كما رفض وليد هلال، رئيس جمعية الصناع المصريين، التعليق أيضا على الخبر، شأنه شأن عدد كبير من رجال الأعمال الذين حاولت (الشروق) الاتصال بهم.
مصدر مسئول بجمعية رجال الأعمال المصرية الكويتية، قال إن عددا من أعضاء الجمعية يراقبون ما تقوم به الدولة أخيرا من إجراءات قضائية تجاه رجال الأعمال، قبل اتخاذ قرارات بضخ استثمارات جديدة، «ينتظرون أحكام القضاء ويترقبون أداء الحكومة خوفا من تكرار سيناريوهات الإدانة التى تعرض لها المستثمرين العرب بعد ثورة 25 يناير».
ويضيف «الحكومة تصفى حساباتها مع بعض المستثمرين فى محاولة منها لإرضاء الشعب وإخفاء ثغرات النظام الحاكم السابق ولكن هذا ليس حلا.. رجال الاعمال يحتاجون إلى مناخ أعمال مستقر وآمن يشجعهم على ضخ أموالهم.. كيف تسعى الحكومة إلى تشجيع الاستثمار وجذب رجال الأعمال وهى تفتح ملفات موجودة منذ 2011 الآن».
لكن جمال بيومى مساعد وزير الخارجية السابق، رفض التهويل من آثار هذه الإجراءات على الرغم من اتفاقه مع وجود أضرار، قائلا «الاستثمارات جاية جاية ومش هتتأثر»، موضحا أن هناك العديد من الدول تعرضت لحوادث أسوأ بكثير ولم يتوقف فيها الانتاج أو الاستثمارات، «نوعية المستثمر نفسه قد تتغير وفقا للظروف المختلفة».
وتعرض مجموعة من رجال الأعمال الذين يتمتعون بثقل كبير فى السوق المصرى إلى اتهامات بالفساد منهم محمد فريد خميس، والذى تم اتهام شركته النساجون الشرقيون بممارسة الاحتكار، والقضية لاتزال أمام النيابة العامة.
بينما تم اتهام صفوان ثابت، رئيس مجلس إدارة شركة جهينة، بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين، وتم التحفظ على أمواله، ما عدا شركة جهينة وهو الامر الذى ينفيه ثابت بشدة.
كما تم القبض أخيرا على رجل الأعمال حسن مالك، المعروف بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، وهو صاحب شركات استقبال للآثاث وسرار للملابس وغيرها، على خلفية اتهامه بتمويل العمليات الإرهابية للجماعة، وضرب الاقتصاد.