قال رجل الأعمال صلاح دياب، مؤسس صحيفة المصري اليوم، معاتبا الرئيس عبدالفتاح السيسي لما حدث ضده من انتهاكات وإهانة له ولأولاده خلال القبض عليه من داخل بيته وتكبيله، "ماذا حدث لتكدير العلاقة بيننا بعد أن كرمتني لثقتك في رجال الأعمال".
أضاف "دياب" في مقال نشرته صحيفة المصري اليوم بعنوان "اختبار": "خرجت من اختبار الأيام المحدودة الذى فاجأنى حامدا وشاكرا.. اختبرت جوانحى فوجدتها ما زالت محافظة على قوتها مؤمنة بما يجب أن يكون فى صالح بلادى، وخبرت قلبى فوجدته ما زال ينبض رغم عمليتين جراحيتين، آخرهما أجراها لى فى أسوان العالم الجراح الإنسان مجدى يعقوب.
وتابع: "فقدت كيلوجرامين من وزنى فى الأيام الأربعة، أقنعت نفسى أن جسمى لم يكن فى حاجة إليها، وأنها ربما كانت نتيجة مفيدة لصحتى. ولا يعنى هذا أننى كنت فى نزهة، ففقدان الحرية، حتى لو كانت لأيام محدودة، يغنى عن الشرح والإسهاب. لكن ما هو الخير الذى خلص لى من هذا الشر؟ وما وجوه النعمة التى لاحت فى عتمة النقمة؟"
وعن لحظة وضع الأصفاد في يده قال: "لقد أحسست لحظة تكبيل يدى بالأصفاد كأنى فقدت كرامتى. وأن ما واجهته في حياتي من أعداء كان أهون كثيراً من هذا القيد يدمى معصمى.
وواصل "دياب": "عانيت فى هذه اللحظة مشاعر هددتنى بالانهيار. وإذا بصوت خفى يناجينى من أعماق نفسى: أيتها النفس الأمارة بالسوء. متى كانت الكرامة البشرية أصفاداً توضع أو أصفاداً تنزع. إنك لأقرب إلى الله وأكرم عنده فى أصفاد المحنة هذه منك فى مظاهر الفخار. وليس فى وسع كائن أن يغض من كرامتك. وإن كان فى وسعه أن يغض من حركة يديك. وقد أسبغ عليك أهلك وناسك عطفا وإشفاقا أكبر مما تستحقه ولم تنله من قبل. لحظتها انشرحت".
وقال: "تذكرت أننى سبق أن واجهت الحبس كثيراً فى زنزانة الفنية العسكرية. عندما كنت طالباً عصياً خارجاً عن النظام فيها. أما مبلغ احترام القوم لشكوى الحبس فما أحب إيذاء القارئ بالخوض فيها".
وأضاف: "لست زعيماً ولن أكون، كما أننى لست محترف سياسة ولن أكون، ولكننى مواطن واجهت الفشل والنجاح خلال مشوارى الذى لم أعرف فيه سوى العمل فى مجالات متعددة ومختلفة، بعضها فشل وخسر ولم يره غيرى، ومشروعات أخرى نجحت ورآها الناس ولم يعرفوا غيرها، بكل ما يثيره ذلك بحكم طبائع البشر، وهو ما جعلنى أؤمن بأن المعاناة فى سبيل المصاعب أمر ضرورى حتى لا يهون النجاح على من حققه".
واستطرد قائلا: "إن أولادى فى حياتهم استمتعوا بكثير من الآمال، ويبدو أنه أصبح عليهم تجربة الآلام. طالت مهادنة الزمان، فلا بد من أمر يقع. لا بد من أمر عنيف يرج البيت رجا ويطفر بأبنائى إلى يقظة الراشدين. لا بد لهذه العيون البريئة أن تذرف الدموع. ولهذه النفوس الوادعة أن تتجرع الألم. أبوهم فى الحبس وكذلك أخوهم الكبير. بنفس التهمة فى مكانين مفترقين. إذن يجب أن يتماسكوا إرضاءً لأبيهم نزيل السجون".
وقال: "توفى فى اليومين الأخيرين خالى عصام التهامى فى منزله، وهيثم دياب الذى فى منزلة ابنى وهو فى الثلاثين من عمره. وقد كنت أرجو أن أزورهما فى بيتيهما فزرتهما فى قبريهما".
وعاد دياب ويؤكد حبه وتقديره للرئيس قائلا: "أما عن الرئيس السيسى. فإننى أقدر هذا الرجل. أحبه مثل ملايين المصريين المخلصين الذين خرجوا يوم أطلق نفير الاستنهاض الذى جعلنا ننتفض جميعا من أجل الوطن، ويوم ذهبنا نعطيه أصواتنا بحب وصدق، ويوم- ومازال- تحمل عبء وأثقال حكمنا. كرمنى الرئيس لثقته فى رجال الأعمال، وثقته فى ما أحمله له من مشاعر. هل حدث ما كدر صفو العلاقة.. كلام صدر منى.. يجوز.. ولكن حسن النية مؤكد. رأى يخالف رأيه.. وارد.. ولكنه لو حدث فى إطار الرأى يضيف ولا ينتقص. قد يخالف فى حدود رؤيتى ولكن لا يختلف، فليس فى مصر رجل وطنى يختلف مع السيسى فى المقاصد. وإذا خالفه فى بعض الوسائل فإن الهدف يظل واحدا يجمع الجميع، وهو مصلحة الوطن".
وأنهى دياب مقاله قائلا: "الآن أختم هذه الكلمات، حائراً كيف أعرب عن شكرى، وكيف أوفى أصدقائى وأهلى الذين أبدوا نحوى من الإشفاق والعطف ما لن أنساه ما دمت حياً".
يذكر أن الأجهزة الامنية ألقت القبض على صلاح دياب ونجله توفيق من داخل فيلته، في منيل شيحة، بتهمة حيازة أسلحة آلية، ثم أفرج عنه بكفالة مالية هو ونجله.
شاهد

