استقبل الرئيس حسني مبارك صباح امس بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة السيدة ميشال اليو ماري نائبة رئيس الوزراء وزيرة الخارجية والشئون الاوروبية الفرنسية‏,‏

 التي تقوم حاليا بجولة في المنطقة لبحث احياء عملية السلام في الشرق الاوسط‏.‏ وقد تصدر موضوع الارهاب جدول اعمال اللقاء الذي استغرق نحو الساعة والنصف تقريبا‏..‏ حيث شددت مصر علي ان حادث كنيسة القديسين الارهابي لم ينل من الوحدة الوطنية للمصريين والنسيج الوطني القوي للشعب المصري‏..‏ واكدت وزيرة الخارجية الفرنسية تفهمها للموقف المصري وايمان باريس بقوة النسيج الوطني المصري‏.‏ وشددت مصر وفرنسا علي اهمية التوصل الي فهم مشترك لمواجهة ظاهرة الارهاب والتوصل الي سبل تعزيز اليات مكافحة الارهاب والارهابيين‏.‏ فيما اكدت الوزيرة الفرنسية ان الحماية من الارهاب هي مسئولية وطنية داخل حدود كل دولة‏,‏ رغم ان الهجمات الارهابية هي نشاط عابر للحدود‏.‏ وقد عبرت ميشال اليو ماري عن اعتزازها بموقف المصريين ازاء حادث كنيسة القديسين‏,‏ ووصفت الاندفاع التلقائي وتمسك المصريين بوحدتهم بانه‏'‏ أمر رائع‏'.‏

وكان ابو الغيط قد ذكر في بداية المؤتمر الصحفي المشترك مع الوزيرة الفرنسية‏,‏ ان الرئيس مبارك استقبل ميشال اليو ماري صباح امس لمدة ساعة ونصف‏,‏ مشيرا الي انه لقي نظيرته الفرنسية في اجتماع اخر صباح امس استمر لمدة ساعة ونصف اتسم بكثير من الصراحة والصداقة الوثيقة بين مصر وفرنسا‏.‏ واشار ابو الغيط الي اللقاء تناول الاوضاع في الشرق الاوسط في اطاره العام وركزنا علي القضية الفلسطينية وسبل ودفع عملية السلام والوضع في لبنان‏,‏ وضرورة التمسك بالشرعية للحكم في لبنان والتنفيذ الكامل لاتفاق الطائف‏..‏كما تم التطرق الي مسألة علاقة ايران بالعالم الغربي والوضع الايراني بصفة عامة والملف النووي الايراني‏.‏

واضاف ابو الغيط‏,‏ ان اللقاء اتسم بالصراحة في ضوء العلاقة المصرية‏-‏ الفرنسية الوثيقة‏..‏ واشار الي ان هناك اجتماعات ستعقد في باريس قريبا وانه سوف يشارك فيها بصفته وزيرا للخارجية المصرية‏.‏ كما تناول اللقاء ايضا موضوع الاتحاد من اجل المتوسط وتفعيل الاجتماعات القطاعية علي المستوي الوزاري‏,‏ واعمال كبار المسئولين والحاجة الي تكثيف حوار الثقافات والحضارات‏.‏

واعلن ابو الغيط انه تم الاتفاق علي تكثيف مصر وفرنسا وبقية الاتحاد الاوروبي لكيفية التوصل الي فهم مشترك لهذه الظاهرة التي يتعرض لها الشرق الاوسط‏,‏ وهي ظاهرة الارهاب الشديد‏,‏ والتي تعاني منها مجتمعات المنطقة وتهدد ايضا الدول الاوروبية‏.‏

ومن جانبها‏..‏ اعربت الوزيرة الفرنسية عن اتفاقها بالكامل مع كل ما طرحه ابو الغيط‏,‏ وقالت‏:'‏ اننا اجرينا تحليلا مشتركا الي حد بعيد حول ظاهرة الارهاب وقد اتفقنا علي ضرورة استمرار الحوار بيننا الي التوصل الي افضل الحلول لمواجهة هذه ا لظاهرة‏'.‏ واكدت علي تميز العلاقات بين مصر وفرنسا التي تمتد الي فترة طويلة من الزمن‏.‏ كما اكدت علي العلاقات القوية التي تربط الرئيسين مبارك وساركوزي‏,‏ وان هذه العلاقات تسمح باقامة مثل هذا الحوار بين البلدين‏,‏ وان نستفيد نحن الفرنسيين من تحليلات المسئولين المصريين‏,‏ فهم افضل من يفهمون دقائق الامور و الاوضاع في المنطقة وكذلك سيكولوجيات الافراد‏,‏ وهذا من التاريخ القديم وحتي الان‏.‏

وقالت ميشال اليو ماري‏:'‏ تناولت مباحثاتي مع الرئيس مبارك التطورات علي الساحة اللبنانية وقد اتفقت وجهات نظر الجانبين علي ضرورة ان تقوم السلطات الدستورية اللبنانية بعملية اعادة البناء واحلال الاستقرار في لبنان‏,‏ وان يسمح اللبنانيون بقيام المحكمة الدولية بدورها من اجل ضمان وحدة واستقرار اللبنانيين‏'.‏ واشارت الي انه تم الاتفاق ايضا خلال المباحثات علي ضرورة استنئاف عملية السلام في الشرق الاوسط والتوصل الي حل نهائي للقضية الفلسطينية‏,‏ وكذلك الدفع بالاقتراح الفرنسي الذي طرحته باريس منذ عدة سنوات لاقامة دولة فلسطينية مع ضمان امن اسرائيل وان تكون القدس عاصمة للدولتين‏.‏ كما اشارت الي ان هذا الاقتراح اصبح امرا ملحا في الوقت الراهن‏.‏

وقالت‏:'‏ للمساعدة علي تحقيق كل هذا‏..‏ سبق وان استضافت فرنسا مؤتمرا للاطراف المانحة للفلسطينيين‏,‏ وسوف تستضيف باريس قريبا اجتماعا لمتابعة هذا المؤتمر ويسعدنا ان تشارك فيه مصر‏'.‏

كما تناولت المباحثات علي حد قول الوزيرة الفرنسية‏,‏ تطورات الاوضاع في ايران‏,‏ مشيرة الي ان باريس تشعر مع اصدقائها بالقلق ازاء هذه التطورات‏.‏

وقد ادانت ميشال ليو ماري عمليات الارهاب بصفة عامة‏,‏ قائلة‏:'‏ صحيح ان دولنا ديمقراطية‏,‏ ولانها ديمقراطية ومتسامحة وتتبني في دساتيرها حرية المعتقدات والممارسة الدينية‏,‏ فانها اصبحت مستهدفة من جانب الارهابيين‏'..‏ واضافت‏:'‏ وبالنسبة لمسئولياتنا الفردية والوطنية في حماية مواطنينا ايا كان دينهم‏,‏ فعلينا ان نعمل معا للتوصل الي سبل تعزيز آليات مكافحة الارهاب والارهابيين‏,‏ وقد تقدمت بهذا الاقتراح في الدوحة امام منتدي المستقبل الذي استضافته العاصمة القطرية مؤخرا‏,‏ واتمني ان تسمح لنا مصر بالاستفادة من خبراتها في مكافحة الارهاب‏,‏ مثل ماذا يمكن ان نفعل ازاء المواقع التي تنادي بالكراهية ضد هذا الدين او ذاك‏'.‏

وردا علي سؤال حول تركيز ابو الغيط علي مفهوم الصراحة في المحادثات وعما اذا كان ذلك يعبر عن خلافات في وجهات النظر بين الجانبين المصري والفرنسي‏..‏ قال احمد ابو الغيط‏..'‏دعني اكن صريحا جدا‏,‏ لقد حدث عمل مخرب ومدمر هو حادث الهجوم علي كنيسة القديسين بالاسكندرية والشعب المصري بمسلميه ومسيحييه استشعروا بان الهدف من هذا الهجوم‏,‏ هو استهداف الوحده الوطنية‏,‏ لكن هناك اخوة واصدقاء في فرنسا تحدثوا من منطلق ان هذا الحادث ارهاب وان هناك حاجة الي ما اسموه‏'‏ بحرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية الاقباط والمسيحيين في الشرق وفي مصر‏'.‏ الا ان ابو الغيط شدد في رده علي هؤلاء‏,‏ علي ان مصر تتيح الحرية الكاملة للعقيدة وممارسة الشعائر‏,‏ وان الدستور المصري واضح للغاية فيما يتعلق بحرية العقيدة وممارسة الشعائر‏..‏ بالاضافة الي توفير الحماية وهي مسئولية الدولة‏..‏واوضح‏,‏ ان لقاءات الامس مع وزيرة الخارجية الفرنسية كانت عبارة عن حديث من القلب مع الاصدقاء الفرنسيين الذين تفهموا علي مدي الاسابيع القليلة الاخيرة عمق الخطر الذي نتعرض له جميعا‏,‏ ومن هنا كانت الاشارة الي الصراحة‏..‏ فقد تحدثنا بوضوح وصراحة واعتقد انهم تفهموا الرؤية المصرية‏.‏

ومن جانبها قالت وزيرة الخارجية الفرنسية‏:'‏ لقد توليت منصبي حديثا كوزيرة خارجية‏,‏ وبالنسبة لي فان الصراحة تعني‏(‏ ودي‏),‏ فالشخص لا يكشف عن افكاره الا لاصدقائه‏,‏ وبحكم ما لدينا من صداقة عميقة مع مصر‏,‏ فنحن حريصون علي الا تشوب تلك العلاقة اية شوائب‏'.‏

واكدت الوزيرة الفرنسية ان ما لفت اتنباهها ووصفته بـ‏'‏ الامر الرائع‏'‏ هو المشاعر و الاندفاع التلقائي وتمسك المصريين بوحدتهم‏..‏ وقالت‏:'‏ فمصر الدولة الديمقراطية ودولة التسامح هي التي تعرضت للهجوم وهذا ما شاهده الجميع‏'..‏ واشارت ميشال اليو ماري‏,‏ الي ان قيم التاريخ هي التي تجمعنا و التي جاءت في نصوصنا وقيمنا السياسية‏,‏ وهي التي تدفعنا للعمل سويا في كل انحاء العالم من اجل مواجهة المتطرفين والارهابيين‏.‏