رفض عدد من علماء الأزهر محاولات بعض المواطنين الانتحار بحرق أنفسهم، احتجاجا على فشلهم فى حل بعض المشاكل التى يواجهونها، وهو الأمر الذى تكرر 3 مرات فى أقل من يومين.

وأكد العلماء أن إقدام أى شخص على حرق نفسه أو إلى أى أمر من شأنه أن يؤدى إلى هلاك النفس إنما هو انتحار محرم شرعا يودى بصاحبه فى النار، بل ويقوده إلى الكفر، مضيفين أنه ليس معنى أن يمر الإنسان بضائقة أن يقدم على الانتحار وأضافوا أن التصرف يعتبر يأسًا من رحمة الله لأن الله يبتلى الإنسان وعليه أن يصبر، بينما ذهب البعض إلى أن هناك مخططا صهيونيا يقف خلف ما جرى لإحداث بلبلة فى الشارع المصرى على خلفية أحداث تونس الأخيرة.

الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر، أكد أن مثل هذا التصرف يعد انتحارًا والانتحار هو يأس وهلع وقنوط من رحمة الله، وأنه لا ييأس من رحمة الله إلا القوم "الكافرون"، مضيفا أن الحالة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لا تعطى للإنسان الحق أن يقدم على هذه الفعلة الشنيعة بأى حال من الأحوال، لأن المسلم مطالب بأن يرضى بقضاء الله وقدره.

وأضاف أن الدنيا أحقر على الله من أن يجعلها ثوابا لمطيع أو عقابا لعاص والله تعالى ضمن لكل واحد منا الرزق "وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها"، والله هو الذى شق الفم وخلق المعدة فلو لم يكن قادرًا على إطعامها لفتح لهما المقبرة، وأوضح أنه يجب على كل إنسان أن يبحث عن رزقه فإذا لم يجده فى بلده فليرحل إلى بلد آخر فمن يهاجر فى سبيل الله يجد فى الأرض مغارما كثيرا وسعة.

وأوضح أن المسلم معرض للابتلاءات الخاصة بالجار والزوجة والولد ومن رئيسه فى العمل
وعليه أن يصبر عليها حتى ينجو، و المؤمن دائما مصاب فالله تعالى يبتليه بأنواع شتى من البلايا لينظر أيصبر ويحتسب وله الأجر من الله أم يجزع ويفزع وله العذاب وشدد على أن الذى يقدم على الانتحار يأسًا من رحمة الله وأمره مفوض إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه.

الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، قال إن الإنسان عادة يمر بضوائق فى حياته فالمجرى الطبيعى للأمور أن الحياة لا تسير على نمط واحد ففيها المسرة وفيها المضرة وفيها وقت اليسر والعسر أيضا،
وينبغى عليه دائما أن يتحلى بالصبر تجاه ما يواجه من مشكلات ومن أمور تؤثر على حياته بالسلب.

وأضاف أن لكل مشكلة حلا وينبغى على من لديه القدرة على حل المشكلات أن يقدمها للإنسان، فلا يجوز للشخص أن يقدم على عمل يغضب الله تعالى وهو الانتحار بأى وسيلة فهو محرم شرعا وليس من شأنها أن تحل المشكلة، فهذا التصرف نوع من أنواع الكفر ومحرم تحريما عظيما.

أما الدكتور محمود مهنى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، ونائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلى الأسبق، فأكد أن الحكم الشرعى لما فعله هذا الشخص أنه منتحر وتجرى عليه أحكام المنتحرين الذين يبعثون يوم القيامة قاتلين فمن قتل نفسه بسكين فسيقتل بنفس الأداة
وإذا أحرق نفسه فسيبعث ويحرق نفسه ومن ضرب نفسه بآلة حادة فيأتى بها يوم القيامة ويدخل بها نار جهنم، مضيفا أن بعض العلماء قال يخشى عليه من الكفر فالنبى بين لنا أن الله يعطى الدنيا لمن أحب ومن لا يحب ولا يعطى الدين إلا لمن أحب.

وأضاف أن هذا الإنسان معترض على الله عز وجل فى حالة فقره هذه ويتأسى بآخرين لا يؤمنون بالله ربا ولا بالإسلام دينا ولا بمحمد نبيا ورسولا فتلك عادة يفعلها الفاسقون فكيف يفعلها رجل ينتسب إلى الإسلام، لافتا إلى أن هذا الإنسان معترض على الله وعلى حكم رسول الله، وأنه مدفوع من آخرين ليحدث بلبلة فى مصر وهذا من المخطط الصهيونى الذى يريد أن يطيح بالأمة العربية والإسلامية وهذا تحقيق لقول بوش سأقودكم فى حملة صليبية من نوع جديد وهى إحداث القلائل لكى تضيع البلاد العربية.

الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة، قال إنه لا شك أن الإنسان أمام ضغوط الحياة يمكن أن يصاب باليأس والإحباط لكن لا يمكن على الإطلاق أن نقبل مهما بلغ اليأس والإحباط بأى حال من الأحوال أن يعتدى الإنسان على نفسه بالقتل أو الإحراق وهذا التصرف انتحار قطعًا يأثم فاعله إثما عظيمًا، لقول الرسول "مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو فى نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً "، مؤكدا أن الانتحار بكل أشكاله وأنواعه حرام، والاعتراض إنما يكون بالشكل القانونى ويدرك كل إنسان أن المقدر سيكون أنه سيأتى يوم آخرة يعوض الله فيه العباد المظلومين وينتقم من الظالمين.