تشهد الأسواق المصرية رواجًا ملحوظا لأنواع عديدة من المبيدات الخطيرة المحظور تداولها، ورغم أنها غير مسجّلة إلا أن عليها إقبالا واسعا من المزارعين، وأخطرها مبيد ميثايل البرومايد، المحظور دوليا من المفوضية الأوروبية، باعتباره من أكثر المبيدات التي تسبب الإصابة بالأمراض السرطانية، حيث إنه يحتوى على مواد شديدة السمية للتربة والنبات، والذي يدخل البلاد بطرق غير مشروعة، حيث يتم تهريبه إلى داخل البلاد عبر الحدود الشرقية.

وأوضحت مصادر مطلعة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن هذا المبيد تحتكر إنتاجه شركة إسرائيلية ويصل إجمالي ما يتحمله الفلاح لشراء هذا المبيد المحظور إلى أكثر من 800 مليون جنيه سنويا، منبهة إلي أن الأرقام التي تتداولها وزارة الزراعة حول حجم تجارة المبيدات غير صحيحة، وتفتقد البيانات السليمة وغياب القدرة علي مواجهة الرأي العام حول حجم تلك التجارة.

كما تشهد الأسواق المحلية انتشارا واسعا وإقبالاً كبيرًا من قبل المزارعين علي شراء العديد من المبيدات التي قررت وكالة حماية البيئة الأمريكية وقف استخداماتها وحظر تداولها في أسواقها مثل الكاربوفوران، والألديكارب، والميثاميدوفوس، والتي قررت الوكالة إلغائها عام2009، بالإضافة إلي مبيد الميثوميل والذي حظر تداوله عام 2010.

ومن المركبات التي تشهد إقبالاً أيضًا من المستهلكين للمبيدات الباراثيون الميثيل، والتي ألغي استخدامه والاتجار فيه، تلك المركبات تم حظر تداولها نتيجة لسميتها الشديدة علي الصحة العامة للمواطنين وهو ما يؤكد علي إهمال حكومي في الرقابة علي الأسواق وترك المواطن فريسة سهلة لجشع التجار والمهربين.

وفي سياق متصل حذرت المصادر من استخدام مبيد "الكاسكيد"، مرجعة ذلك لخطورته علي التربة بالإضافة إلي صدور توصيات من وكالة حماية البيئة الأمريكية بوقف استخدامه بعد رفض الشركات المنتجة لإجراء أية دراسات أو أبحاث عليه بهدف التأكد من سلامته وخلوها من أية أضرار بيئية أو صحية.

ومن جهته أكد الدكتور محمد فتحي سالم أستاذ الهندسة الوراثية بجامعة المنوفية، إن معدل متبقيات مبيد الكاسكيد في التفاح مرتفعة، مرجعًا ذلك إلي أن فترة الأمان لذلك المركب تصل إلي 80 يوم بينما حددت وزارة الزراعة فترة أمان 30 يوم وهو ما يمثل خطورة كبيرة علي صحة المستهلك.

وأشار إلي أن مبيد الكاسكيد يسمح باستخدامه في رش التفاح إلا أنه لابد من قصره علي المحاصيل التي لا تؤكل كما هو الحال بالنسبة للقطن، مرجعًا حالة العشوائية التي يشهدها إلي سيطرة مافيا من رجال الأعمال علي لجان المبيدات.

وكشف عن تقدمه بمقترح للجنة المبيدات بأن يتم عمل توأمة مع لجان المبيدات التابعة للاتحاد الأوروبي والاستعانة ببعض أفرادها بما يساهم في تحسين صورة مصر في الأسواق الدولية من خلال فرض سياسات حازمة حول تسجيل وتداول المبيدات، إلا أن تلك المقترحات قوبلت بالرفض من قبل اللجنة.

ومن جهته قال الدكتور سميح عبد القادر منصور أستاذ علم المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومي للبحوث، إن وزارة الزراعة شكلت لجان عديدة من قبل لوضع آليات وتصورات حول السيطرة علي تسجيل وتداول المبيدات في السوق المصرية إلا أن كافة التقارير التي انتهت إليها تلك اللجان أضاعتها الوزارة، لافتًا إلي أن الوزارة خاطبتهم مؤخرًا لتسليم تقاريرهم مرة أخري بعد أن أدي الإهمال لضياعها.

ونوه إلي أن المبيدات بعد تصنيعها بعامين تبدأ بعض الجهات في إجراء الأبحاث والدراسات حول خطورة تلك المركبات علي الصحة العامة وهو ما يتبعه إلغاء تسجيل المركّب بعد مرور قرابة العامين، مؤكدًا علي ضرورة أن تراعي الحكومة أن مصر من الدول النامية والتي يفتقد فيها المزارع لثقافة استخدام الأدوات الوقائية من سمية المبيدات واستيراد مركبات ذات درجة سمية منخفضة.