أبدى قضاة اعتراضهم على حكم المحكمة الدستورية العليا، بمنح الأشخاص مزدوجى الجنسية حق خوض الانتخابات البرلمانية، معتبرين أن الحكم تمسك بالنصوص الدستورية ولم يراع المصلحة العليا للبلاد، فضلاً عن أنه فتح الباب على مصرعيه لمزدوجى الجنسية من أى دولة تحمل عداء للوطن، مشددين على ضرورة أن يكون المرشح لديه ولاء للوطن باعتباره عنصرًا مهمًا من عناصر الدولة. وقال المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية وشئون الدولة لمجلسى الشعب والشورى الأسبق، إن حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر اليوم بعدم دستورية المادة 8 من قانون مجلس النواب التى تحرم مزدوجى الجنسية من الترشح للانتخابات البرلمانية، يفتح الباب على مصراعيه أمام ترشح مزدوجى الجنسية حتى ولو كانت دولة تحمل عداء لمصر، محذرًا من أن هذا يشكل خطورة بالغة على مصلحة البلاد العليا. وأضاف، أن "من يترشح لمجلس النواب يجب أن يكون لديه ولاء للوطن، حيث إن عضو مجلس النواب يقوم بسن قوانين، ومن المفترض أن يكون لديه ولاء خالص للدولة"، لأنه "إذا كان هناك قانون من القوانين المعروضة على البرلمان تتفق مع مصلحة الدولة التى ينتمى لها العضو، بمعنى أنه متجانس بجنسيتها، فى هذه الحالة لن يكون لديه الحياد فى البت فى هذه القوانين". واستنكر وزير التنمية المحلية وشئون الدولة لمجلسى الشعب والشورى الأسبق، أن يقوم شخص مزدوج الجنسية بسن قوانين وتشريعات، معولاً على هذا الحكم، قائلاً: كان يجب على المحكمة الدستورية العلياـ أن تتمسك بالنصوص الدستورية فقط، ومن الواجب عليها أن تضع فى الاعتبار المصلحة العليا للبلاد. وأوضح، أن المحكمة الدستورية العليا استندت فى حكمها إلى نص الدستور الذى يشترط فى نصه على أن لا يكون رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء متمتعًا بجنسية من دولة آخري، وهنا يفهم أن المشرع استثنى مجلس النواب من هذا القانون، ولكن القانون يقصد حرمان المرشح مزدوجى الجنسية". وقال عطية، إنه "يجب أن يكون المرشح منفرد الجنسية لأن الجنسية تعنى الولاء"، موضحًا أنه "كان من المتوقع أن تصدر المحكمة الدستورية العليا حكما قضائيًا تؤيد فيه الحكم السابق بعدم جواز ترشح مزدوجى الجنسية لعضوية مجلس النواب أو أى انتخابات آخري، حيث إن هناك حكمًا قضائيًا أرسى مبدأ قانونى أنه لا يجوز لمزدوجى الجنسية أن يترشح فى انتخابات مجلس النواب . وذكر أن "المبدأ القانونى الذى أرسته المحكمة أكد أن الشخص الراغب فى الترشح يجب أن يكون لديه ولاء وطنى ولا يجوز مشاركة دولة أخرى فى أمور خاصة بالبلاد". وأشار إلى أن هناك قواعد عامة بإبطال هؤلاء الأشخاص الذين يحملون أكثر من جنسية "مزدوجى الجنسية" الراغبين فى الترشح فى انتخابات مجلس النواب من الترشح فى البرلمان لانشطار الولاء ما بين الجنسية المصرية والأجنبية. وأضاف عطية، أنه "سبق وتم إرساء مبدأ قانونى بمنع مزدوجى الجنسية من الترشح"، مؤكدًا أنه "كان يجب على المحكمة أن تضع فى اعتبارها المصلحة العليا للبلاد، ويجب أن يعاد النظر فى هذا الحكم الذى يشكل خطورة بالغة على الانتخابات البرلمانية". ووافقه الرأي المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، مبديًا اعتراضه على حكم المحكمة الدستورية العليا بمنح مزدوجى الجنسية من الترشح لانتخابات مجلس النواب، معتبرًا أن "الجنسية عبارة عن علاقة ولاء بين المواطن والدولة". وأشار الجمل، إلى أن "النصوص الدستورية فى الدستور تقوم على المواطنة، وقانون مباشرة الحقوق السياسية يؤكد أن يكون المرشح مصريا منفرد الجنسية، وهذا الذى يربط بينه وبين المجتمع". وأوضح رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن "النص الذى يؤكد أن يكون رئيس الجمهورية مصريا منفردًا، لم يستثن عضو مجلس النواب باعتباره عنصرًا هامًا من عناصر الدولة، حيث إن عضو البرلمان يمارس السلطة التشريعية والرقابة على الحكومة، ومن ثم لا يجوز أن يكون مزدوج الجنسية". وتابع الجمل: "حكم الدستورية نهائى وواجب النفاذ ويجب أن نلتزم به ونحترمه، ولكن أبدى اعتراضى وتحفظى على هذا الحكم مع كامل الاحترام والتقدير للمحكمة"، مستدركًا: "لا أوافق على ما انتهت إليه المحكمة ومن المفترض أن تكون المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار" . وأشار، إلى أنه "كان يجب أن تؤيد المحكمة ما تم إرساؤه بأن يكون المرشح متمتعًا بالجنسية المصرية منفردًا"، لافتًا إلى أن حكم"الدستورية" سيترتب عليه السماح لمزدوجى الجنسية من المصريين المقيمين بالخارج بالترشح لانتخابات مجلس النواب. كانت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار أنور العاصى النائب الأول لرئيس المحكمة، قد أصدرت حكمًا قضائيًا يقضي، بعدم دستورية عبارة المادة 8 من قانون مجلس النواب التى تحرم مزدوجى الجنسية من الترشح للانتخابات البرلمانية، ومنحت المحكمة مزدوجى الجنسية حق خوض الانتخابات، الأمر الذى سيترتب عليه السماح لمزدوجى الجنسية من المصريين المقيمين بالخارج بالترشح لانتخابات مجلس النواب، وهى المرة الأولى منذ صدور أحكام قضائية من المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بمنعهم من الترشح عام 2001، ليصبح بذلك الحكم من حقهم الترشح بعد فترة منع وصلت إلى 14 عامًا. يأتى ذلك فى ضوء الطعن الذى تقدم به عصام الإسلامبولى المحامى، مطالبًا فى طعنه الحكم بعدم دستورية المادة 8 من قانون مجلس النواب لعدم تضمنها استثناء المصريين المقيمين بالخارج من شرط الجنسية المنفردة. ويلزم الحكم الصادر اللجنة العليا للانتخابات بفتح باب الترشح من جديد بالنسبة للفردى والقوائم، خاصة أن المقاعد المخصصة للمصريين بالخارج ضمن القوائم الانتخابية الأربع، حيث إن المحكمة أستندت فى حكمها لما انتهى إليه تقرير هيئة المفوضين، والذى كان قد أوصى بالحكم بعدم دستورية حرمان مزدوجى الجنسية من الترشح لمجلس النواب، حيث أكدت المحكمة أن المادة المطعون عليها أخلّت بمبدأى المساوة وتكافؤ الفرص، حيث إن تقرير "المفوضين" ذكر أن المادة المطعون عليها تتعارض مع ما نص عليه الدستور فى المادة 9 والتى نصت على "أن تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز منه"، والمادة 53 التى تنص على "أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر". وأضاف التقرير، أن المادة المطعون عليها خالفت أيضًا المادة 87 والتى تنص على "أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى فى الاستفتاء"، وكذلك مخالفتها للمادة 88 والتى نصت على "أن تلتزم الدولة برعاية مصالح المصريين المقيمين بالخارج وحمايتهم وكفالة حقوقهم وحرياتهم وتمكينهم من أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع وإسهامهم فى تنمية الوطن وينظم القانون مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات بما يتفق والأوضاع الخاصة بهم دون التقييد فى ذلك بأحكام الاقتراع والفرز وإعلان النتائج المقررة بهذا الدستور، وذلك كله مع توفير الضمانات التى تكفل نزاهة عملية الانتخاب أو الاستفتاء وحيادها". كما تضمن التقرير، مخالفة المادة المطعون بعدم دستوريتها للمادة 92 التى تنص على "أن الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها"، وكذلك المادة 102التى تنص على "أن يشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوا ينتخبون بالاقتراع العام السرى المباشر ويشترط فى المترشح لعضوية المجلس أن يكون مصريا متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية حاصلا على شهادة إتمام التعليم الأساسى على الأقل وألا يقل سنه يوم باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية، ويبين القانون شروط الترشح الأخرى ونظام الانتخاب وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات والتمثيل المتكافئ للناخبين، ويجوز الأخذ بالنظام الانتخابى الفردى أو القائمة أو الجمع بأى نسبة بينهما".