منذ ظهوره للنور، خلق حالة من الجدل بين الأوساط السياسية.. كثيرون تفاجأوا بفوزه بعدد كبير من المقاعد في انتخابات مجلس الشعب 2012. تحالف مع الإخوان عندما سيطروا على الحكم. ابتعد عنهم عندما انحرفوا عن جادة الصواب. انضم لصفوف باقي الأحزاب في الثورة على تنظيم الإخوان. أيد ثورة 30 يونيو والرئيس عبد الفتاح السيسي لحكم البلاد.. ورغم كل هذا وذاك لا تزال الأحزاب المدنية متوجسة منه "خيفة"، بدعوى أنه "حزب ديني"، وهو ما يراه "النور" مخالفًا للحقيقة، ويؤكد مرارًا وتكرارًا أنه حزب سياسي، وأن هجوم الأحزاب المدنية، إنما لتخوفهم من تحقيق الأغلبية في البرلمان المقبل.

وما بين كونه حزب ديني، أو حزب سياسي، يعيش "النور" السلفي (تائهًا) سعيدًا بإشادة السيسي بقياداته في عديد المناسبات (كان آخرها في حوار مع شبكة سكاي نيوز عندما أشار إلى أنه حزب سياسي ذو مرجعية دينية)، ممتعضًا من طريقة تعامل الأحزاب المدنية معه، وتحاشيها التعامل معه.

الدكتور أحمد دراج، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، يرى أن "حديث الرئيس السيسي عن الحزب بطريقة إيجابية، يجب أن ينهي اللغط حول هوية الحزب"، لكن "دراج" يتوقع ألا تستجيب الأحزاب لذلك، مشيرًا إلى أنها ستستخدم نفس التعبيرات لإدانة "النور"، بالرغم من أن ممارسة السياسية وسيلة إيجابية للتغيير.

"دراج" يرفض أي محاولات لإقصاء "النور"، حتى وإن كانت مرجعيته دينية، أو يرفع بعض الشعارات الدينية، موضحًا أن "وجود النور في الحياة السياسية يؤدي إلى تطهير النظرة وممارسة الشخصيات التي تتخذ من الدين أيديولوجية بما يطور من أدائها للسياسي".

وأوضح القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، أن "الموضوعية تقتضي القول بأن (النور) له مواقف ايجابية تحسب له، كما أن له مواقف سلبية تحسب ضده، والأحزاب نفسها ترتكب أخطاءً كبيرةً لا تقل فظاعة عما يرتكبه النور، وتريد فقط محاسبة الحزب السلفي، والمسألة متساوية إذا تم قياس الأخطاء".

شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، يؤكد أن "رفض الحزب التحالف مع (النور) لتخوفه من أن يكون توجهه في البرلمان أكثر تطرفًا"، مشيرًا إلى أنه "لم يقتنع كلية بكون النور، حزب سياسي يتمتع بممارسة الحياة المدنية".

وطالب "وجيه"، حزب النور بأن يثبت أنه حزب مدني، ليزيل الفجوة بينه والأحزاب المدنية المتواجدة على الساحة السياسية.

وحدد "وجيه"، عدة اشتراطات، التي يجب على "النور" اتباعها للانضمام إلى زمرة الأحزاب المدنية، منها: توحيد خطاب الحزب بين قياداته وكوادره، حيث نجد خطاب قيادات الحزب متوازنة، بينما تستخدم كوادر الحزب خطابًا أكثر تطرفًا".

وأضاف القيادي بالمصريين الأحرار "يجب عدم استخدام الحزب وسائل دينية في الدعاية الانتخابية، بالإضافة إلى الابتعاد عن التمييز في صفوفه، بأن تكون جميع فئات المجتمع ممثلة في الحزب وخاصة المرأة بشكل يحقق التنوع، وألا يقتصر في قادته علي مجموعة معينة تنتمي للتيار الإسلامي".

ماهر فرغلي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، يشدد على ضرورة تواجد الحزب في المشهد السياسي "فلا يمكن أن تعادي الدولة الجميع".

"فرغلي" يرى أن "النور" حزب منظم، وهو أكبر الأحزاب على الساحة في الوقت الحالي، ولا يمكن تجاهله، في ظل العمل الحزبي المهترئ في مصر حاليًا.