لجنة الخمسين تركت أمر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى يد المشرع، وهو ما يعنى أن الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور هو من سيحدد أيهما يجرى أولًا، وذلك طبقًا لصلاحيات السلطة التشريعية التى يملكها، ورغم تحديد خارطة الطريق إجراء انتخابات البرلمانية أولا ثم الانتخابات الرئاسية، إلا أن عدم تحديد اللجنة يعنى عدم الاتفاق على شىء محدد.

«الدستور الأصلي»، استطلعت رأى عدد من خبراء السياسة والقيادات الحزبية، حول أيهما أفضل إجراؤه أولًا الانتخابات الرئاسية أم البرلمانية، حيث اختلفوا فى ما بينهم، فمنهم من طالب بإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا باعتبار وجود رئيس جمهورية مدنى منتخب يسكت جميع الألسنة التى تقول إن ما حدث هو انقلاب عسكرى، ومنهم من قال إن الحديث عن هذا الأمر صار متأخرًا، وإنه لا بد من الالتزام بخارطة الطريق كما هى، ومنهم من قال إنه يريد الانتخابات البرلمانية أولا بشكل صريح.

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، قال إنه كان يفضل أن تحسم اللجنة كل الأمور سواء النظام الانتخابى فى الانتخابات البرلمانية أو أيهما يجرى أولًا سواء الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية.

وبخصوص أى من الانتخابات تسبق الأخرى أوضح نافعة لـ«الدستور الأصلي»، أنه بحكم الدستور ونص المادة 230 «تجرى انتخابات رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقًا لما ينظمه القانون على أن تجرى الانتخابات الأولى منها خلال مدة لا تقل عن 30 يومًا ولا تتجاوز 90 يومًا من تاريخ العمل بالدستور»، مضيفًا أظن بعد هذه الصياغة النهائية للمادة فلم يعد الرئيس ملزمًا، بالإعلان الدستورى، بل بعد إقرار الدستور أمامه إمكانية للاختيار، وهذا واردًا وليس ملزمًا.

نافعة أشار إلى أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولا أفضل، باعتبار ذلك يقصر من عمر الفترة الانتقالية بوجود رئيس منتخب بشكل ديمقراطى، ويضع حدًا حول ما يثار تجاه ما حدث فى 30 يونيو و3 يوليو باعتبار أنه انقلاب عسكرى، مضيفًا «بل سيخرس كل الألسنة فى الداخل والخارج»، لافتًا إلى أن الأهم هو إقرار الدستور فى الاستفتاء الشعبى.

أحمد خيرى القيادى بحزب المصريين الأحرار، قال إن حزبه يرى أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا، مضيفًا أن الحزب أرسل خلال الفترة الماضية مع جبهة الإنقاذ خطابًا طالب فيه الرئيس بتعديل خارطة الطريق وإجراء الانتخابات الرئاسية أولًا أو على الأقل إجراء الانتخابات الرئاسية مع الانتخابات البرلمانية فى يوم واحد كما يحدث فى الانتخابات الأمريكية.

خيرى أضاف أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولا يعنى انتهاء المرحلة الانتقالية بشكل كبير، خصوصًا أن جوهرها هو إيجاد سلطة تنفيذية، وبعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة ستكون السلطة التنفيذية قد تشكلت، ولا يتبقى سوى انتخاب البرلمان لاستكمال تشكيل باقى سلطات الجمهورية، مضيفًا أن الأزمة الحالية هى عدم وجود مركز واضح للسلطة فى الجمهورية حتى يمكن محاسبتها.

وفى تصريح مقتضب قال محمد سامى رئيس حزب الكرامة وعضو لجنة الخمسين فى أثناء حضوره اجتماع اللجنة إنه مع إجراء الانتخابات الرئاسية أولًا لإنهاء المرحلة الانتقالية.

مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور وحيد عبد المجيد، قال إن «طرح هذا السؤال لا يصح الآن، لأن الوقت تأخر على طرحه»، مضيفًا كان ممكنًا طرحه منذ 3 أشهر، عندما تم تشكيل لجنة الخمسين، «وقلنا إن هناك ضرورة لتعديل خارطة الطريق، ويعلن عن ذلك لتكون الناس مستعدة لهذا التغيير، ويكون فرصة لإجراء الانتخابات الرئاسية مبكرًا».

عبد المجيد أوضح أن خريطة الانتخابات غير واضحة، ولم يستعد لها أحد، مشيرًا إلى أن أى تعديل سيحدث ارتباكًا، وقال «وبالتالى نغلق هذا الموضوع ونمضى فى المسار كما هو مما يعنى إجراء الانتخابات البرلمانية أولًا».

عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى قال إنه يرى أن تجرى الانتخابات البرلمانية أولا حتى لا يكون هناك تأثير من الرئيس فى اختيار البرلمان المقبل، قائلًا «لو عملنا الانتخابات الرئاسية وجالنا رئيس والتف حوله مجموعة قوية ستؤثر بشكل أو بآخر على اختيار البرلمان المقبل، وهذا ما لا نريده، لكن إجراء الانتخابات البرلمانية أولًا سيمنع هذا».

وحول ما إذا أثرت الأغلبية البرلمانية على اختيار الرئيس، خصوصًا بعد أن تشكل حكومة، فقال شكر إن هذا ليس فيه مانع، فطالما كانوا أغلبية فمن حقهم تشكيل الحكومة، وترشيح شخص عنهم لرئاسة الجمهورية، خصوصًا أنه لن يستطيع أحد التأثير على الانتخابات الرئاسية وسط إشراف دولى ومحلى من 68 منظمة حقوقية على الانتخابات و40 ألف مراقب.

المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكى المصرى، قال «أنا شخصيًّا مع الالتزام بخارطة الطريق كما طرحت لأن الوضع فى مصر مرتبك، ولا يحتمل مزيدًا من الفرقة والاختلافات، والحل هو أن نلتزم بما أقرته وهو إجراء الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية عقب إقرار الدستور». وجهة نظر أخرى تبناها الدكتور محمود العلايلى عضو الهيئة العليا لحزب المصريين الأحرار قائلا إن التعديل فى خارطة الطريق هدفه الإسراع فى وجود رئيس منتخب لإدارة البلاد بدلا من الرئيس المؤقت، وهذا منطقى فى حين أن الإبقاء على خارطة الطريق كما هى يعطى مصداقية لها ولشرعية 30 يونيو متابعًا أن الواقع الحقيقى وما سيحدث سيتضح بشكل كبير بعد الاستفتاء على الدستور، وعلى أساس ذلك سيتحدد أى وجهتى النظر سيتم الأخذ بها.