لم يكن مراسل صحيفة "كورييري ديللا سيرا" يعلم وهو يسأل الرئيس مبارك في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس مع رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني عمن سيخلفه في الحكم في مصر أن الرئيس أجاب عن هذا السؤال في الجلسة المغلقة التي عقدت بينه وبين بيرلسكوني حيث قال لرئيس الوزراء الإيطالي: إن مصر تحكمها مؤسسات دستورية وقانون ولدينا أحكام دستورية واضحة ترسخ الاستقرار ولا تزحزحه والحكم بعد ذلك للشعب ومن يختاره من المرشحين للرئاسة.. وكلمة الشعب ستكون الفيصل في عملية الاقتراع علي المرشح للرئاسة.
أما الصحفي الذي سأل الرئيس مبارك فتلقي إجابة مختلفة عن التي قالها الرئيس لبيرلسكوني حيث أجاب الرئيس: "العلم عند الله".. وأضاف: أن سؤالك "دمه خفيف".. ويبدو أن الصحفي لم يقتنع فعاود التساؤل قائلا: من يفضله فخامة الرئيس؟ ورد الرئيس بسرعة: أفضل ما يفضله الله..!!.
كانت مباحثات مغلقة قد جرت أمس بين الرئيس مبارك ورئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني رحب في بدايتها السياسي الإيطالي بالرئيس مبارك وأثني علي حكمته وقيادته وزعامته التي يشهد لها الجميع وقال إن الطريق إلي الشرق الأوسط يمر عبر مبارك.
أفاض بيرلسكوني في الحديث عن دور مصر والرئيس مبارك في كافة المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية حتي التي لا يحضرها الرئيس مبارك مؤكدا أنه كان دائما الغائب الحاضر في أي مؤتمر لا يشهد حضوره.
أشار إلي أن مصر لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية وأن معدل نموها الذي حققته وهو 4.5% هو الأعلي في المنطقة وأنها مرشحة كي تحتل مكانة كبيرة في الأسواق الأوروبية كما أن أمامها فرصا كبيرة لتجذب الاستثمارات إلي أراضيها نتيجة للمناخ الاقتصادي الجيد والشفافية التي تتميز بها. وأضاف أن المؤسسات المالية العالمية تنبأت بأن تشهد مصر نموا قدره 6% هذا العام وهي تعمل باستمرار في برامج تكفل لها الرخاء والتنمية المستدامة.
وأضاف أن كلمة "صنع في إيطاليا" تحظي بسمعة جيدة خصوصا في مجال الاستخدام التكنولوجي لعدد من القطاعات مثل البريد والصحة والطاقة والتعليم والمياه والزراعة والصناعات المتوسطة والصغيرة.
وأشار إلي أن البريد الإيطالي له الريادة في العالم وأوروبا وأنه يقدم كل ما من شأنه المساعدة علي تطوير البريد المصري خصوصا في مجال نقل وتأمين الأموال وإقامة البنوك الصغيرة والتحويلات المالية وتوسيع الشبكة التوزيعية في كافة دول العالم.
وتحدث بيرلسكوني بتوسع وزهو عن بقائه في الحكومة لمدة طويلة.. فمازال أمامه ثلاث سنوات أخري مشيرا إلي أنه يعتبر إنجازا في عمر الحكومات الإيطالية التي لم تكن تستمر سوي أحد عشر شهرا وذلك منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتي وقت قريب قال إنه أصبح يلعب دورا كبيرا في الاتحاد الأوروبي وهو الأكبر سنا بين كافة الزعماء الآخرين كما أنه الأكثر شعبية وأن نجاحه في الانتخابات المحلية فاق نجاح ميركل وساركوزي وساباثيرو مشددا علي أن أوروبا لم تعد تحظي بزعامات تاريخية مثل بلير وشيراك وشلودر.. ونوه إلي دوره الكبير في إنقاذ اليونان بعد أن ترددت ميركل في ذلك وقال إن كل الدول الأوروبية لديها مديونيات كبيرة وتسعي لخفض العمالة والضرائب.
أضاف أن علاقتنا متشعبة مع دول الشرق الأوسط ونحن نسعي للبحث عن أسواق جديدة وعندما تبحث عن الجديد والجيد فإن أنظارك تتجه إلي مصر الدولة المحورية والمركزية في المنطقة.. هناك ستمائة شركة إيطالية تعمل في مصر الآن وهي أكثر بلد يجذب الإيطاليين لقضاء إجازاتهم وقريبا سنتجاوز 2 مليون سائح إيطالي لمصر.
تطرق بيرلسكوني إلي تعثر محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين وقال إنه كان يريد استضافة المفاوضات في صقلية والتكفل بنفقاتها وإقامة مشروع مارشال في الضفة الغربية يشمل مساكن ومستشفيات ومدارس ومطارا مع إلزام شركات السياحة العالمية بإقامة مرافق أساسية في الأراضي الفلسطينية وتشجيع السياحة الدينية إلي هناك.. إلا أن الانقسام بين صفوف الحكومة الإسرائيلية وأيضا بين الفلسطينيين أدي إلي توقف كل شيء.
والتقط الرئيس مبارك طرف الحديث وقال إن عملية السلام متعثرة حاليا.. وان هناك مسئولية تقع علي إسرائيل.. وقد وعدني نتنياهو عند زيارته لي في شرم الشيخ أنه يوافق علي إقامة حدود مؤقتة لدولة فلسطينية فأجبته أن الحدود المؤقتة لن تجدي ولابد من حدود دائمة.. فوافق.. ثم عاد وأخلف وعده.. ومضي في الاستيطان والتهويد والتوسع في ضم ما تبقي مين الأراضي الفلسطينية وبالتالي فهذه تصرفات من لا يريد السلام مؤكدا أنه ليس علينا أن ننتظر 60 عاما أخري حتي يتم حل هذه القضية فساعتها سيكون الإرهاب هو البديل الوحيد ولن يقتصر علي بلد أو منطقة أو إقليم وإنما سينتشر في العالم كله ولن تستطيع أي قوة في العالم أن توقفه.. وهنا سأل رئيس الوزراء الإيطالي الرئيس المصري عن أوضاع الإرهاب في مصر.. وأجاب الرئيس.. إنه ليس مثلما كان في السابق.. إلا أنه مازالت لدينا خلايا نائمة خطيرة.. وعرض مبارك تفاصيل لما جري في قضية خلية حزب الله وما كانت تدبره من خطط لتدمير قناة السويس وتهديد السياحة بحجة دعم المقاومة ومن ثم -والكلام مازال للرئيس مبارك- اضطررنا لمد قانون الطوارئ لعامين وقصره علي الإرهاب والمخدرات.. غير أنني أؤكد لك أن هناك في مصر من لا يريدون لا قانون طوارئ ولا قانون إرهاب.. وأنا لن أسمح للإرهاب أن يهدد بلادي أو يزحزح استقرارها ويعرقل تنميتها ويطيح بأرزاق مواطنيها.
وبمجرد أن تناول الرئيس قضية خلية حزب الله سارع بيرلسكوني إلي سؤاله عن مصير قوات حفظ السلام في المنطقة خاصة وأن له ثلاثة آلاف جندي إيطالي يشاركون في اليونيفيل قائلا: إنهم يبذلون كل جهد لوقف تدفق السلاح الإيراني علي حزب الله.. وأجاب الرئيس إنه هناك ضرورة لوجود قوات اليونيفيل وأنه يأمل أن يقتصر عملها علي المنطقة الموجودة فيها حاليا وألا نضطر لتوسيعها.. وقد تعرض الرئيس للعدد الكبير من الاتفاقيات التي وقعها الوزراء المصريون مع نظرائهم الإيطاليين مؤكدا أنها جميعها لصالح المواطن المصري وتصب مباشرة في توظيفه وصحته وبيئته وأنه لن يوقع أي اتفاقية في ايطاليا أو غيرها ما لم تكن تحمل استفادة مباشرة للمواطن المصري.
وقد أبلغ الرئيس بيرلسكوني أنه خصص قطعة أرض مائة فدان في مدينة العبور لاقامة الجامعة الإيطالية عليها في مصر ورد بيرلسكوني بأنه سيعمل علي أن يبدأ العمل في الجامعة في 2017 ورد الرئيس قائلا : اننا انتهينا من الجامعة اليابانية في عامين ونريد أن تنتهي الجامعة الإيطالية في مدة مماثلة.. ووعد بيرلسكوني بأن يزيد من عدد العمال الذين سيتولون البناء ليعملوا في ثلاث ورديات ووعد بزيادة المخصصات المالية لها في أقرب وقت.