ستة آلاف وخمسمائة طبيب بيطري فقط هم المسئولون رسميا عن صحة16 مليون وحدة حيوانية بمصر وهم ايضا مسئولون بصورة غير مباشرة عن صحة نحو85 مليون مواطن يتناولون منتجات اللحوم والألبان ومشتقاتها.
هذة الارقام توضح الازمةالحقيقية التي تعيشها هذه المهنة, فبالرغم من الدور الحيوي جدا الذي يقوم به الأطباء البيطريون خاصة مع تفشي الاوبئة و التلوث الغذائي و كثرة الأمراض المشتركة بين الانسان و الحيوان و التي تقدر ب250 مرضا الا أنه يوجد نقص شديد في أعدادهم.
اما الأسباب فهي كثيرة و أهمها توقف تكليف خريجي كليات الطب البيطري منذ16 عاما تخرج خلالها نحو16 ألف طبيب بيطري لم يعين منهم الا قلة تعد علي أصابع اليد و مؤخرا تم التعاقد مع نحو3000 طبيب بعد تفشي أنفلونزا الطيور و الخنازير بمصر هذا التعاقد يعرف بالعقود الخاصة بالمشروعات و التي يتقاضي عنها الطبيب500 جنيه شهريا!
الأزمات لا تواجة المهنة فقط و لكن العاملين فيها يعانون من مشاكل بالجمله سواء كان العمل تابعا للحكومه أو في مشروعات خاصة و زاد همهم خلال الفترة الاخيرة بعد أن دخلت الي مصر شحنات من اللحوم الفاسدة لتشير لهم أصابع الأتهام
لكن هذا الاتهام الذي لا يمكن تعميمه و لكنه لا ينفي خطورة الرشاوي و الفساد في هذا المجال الذي يتعلق بصحة المواطن اولا و اخيرا
الأزمات و المشاكل رصدها عدد من العاملين بجهات بيطرية تابعة لوزارة الزراعه و الذين رفضوا بدءا ليشيروا في البداية الي أن منبع مشاكلهم هو النظرة الهامشيه لهذه المهنه و مايلقاه الطبيب البيطري من سوء معامله بدءا الرواتب المتدنيه التي تبدأ ب180 جنيه فقط ونحن هنا نتحدث عن المعينين رسميا اما العقود فبعضهم يحصل علي60 جنيها فقط شهريا و اي يوم غياب يكون بالخصم اي انه طبيب باليوميه ومن مشاكلهم أيضا عدم توفير اماكن جيده لممارسة الطبيب لعمله ففي الجهات الحكوميه قد تضم الغرفه الواحده30 طبيبا اما الوحدات البيطريه في المحافظات فحدث و لا حرج حتي في الحجر البيطري بالمطار و الذي يضطر فيه الطبيب للمبيت فلا يجد سوي غرفه مهمله ينام فيها علي اريكه و يحضر معه الغطاء.
واشار آخرون الي ان هناك تفرقه في التعامل داخل بعض الجهات حيث تقتصر السفريات المتاحه علي عدد معين فقط من الاشخاص ولا تتداول علي الجميع فرص المشاركه و هذا بالطبع لان هذه السفريات بها مكافآت وبدلات
هذا بالاضافه الي بيزنس اللقاحات التي بالرغم من تصنيعها محليا الا أن هناك من يصر علي الأستيراد من الخارج بالرغم من أن المصل المحلي أفضل من المستورد في علاج المرض لأنه يصنع من الفيروس الموجود في البلد بالفعل فعلي سبيل المثال جرعة المصل المحلي للحمي القلاعيه تكون ب2 جنيه فقط بينما المستورد فهو15 جنيها فلماذا لا يتم دعم اللقاح المحلي؟
هذا بالاضافه الي تضارب المصالح فالطبيب في الوحده البيطريه هو المسئول عن تحصين الحيوانات و في الوقت ذاته يريد أن يأتي له صاحب الحيوان في العيادة الخاصة فيلجأ بعض ضعاف النفوس الي ابطال مفعول المصل و يتركه خارج الثلاجه حتي تقل فاعليته و لا يؤدي الدور المطلوب و هكذا يتحقق هدفه!
احد المستوردين للطيور الحيه ذكر لنا تجربته مع استيراد شحنه من البط المولر مؤكدا أن جميع الاجراءات التي تضعها الجهات المسئوله صحية100% وهدفها هو حماية المواطن و الثروة الحيوانيه ولكنها في الوقت نفسه تفسح مجالا واسع جدا لكل من تسول له نفسه ان يتربح من وراء مهنته و تبدأ الاجراءات بنزول الطيور المستوردة علي مزرعة مرخصة و بها امر تشغيل ساري و هنا يلاحظ أن الجهات الحكوميه متوقفه عن اعطاء تراخيص للمزارع منذ4 سنوات وهذه المزارع تستغل هذه التراخيص ليصبح ايجار العنبر الواحد بها25 الف جنيه في السنه بينما غير المرخص لها يكون ايجار العنبر8000 جنيه
و بالرغم من حصول المزارع المرخصه علي هذا الترخيص من خلال لجنه الا ان الهيئه العامه للخدمات البيطريه ترسل لجنه اخري الي المزرعه لمعاينتها قبل ان تعطي المستورد تصريح الاستيراد و تحدد هذه اللجنه عدد الطيور التي يستطيع المستورد ان يجلبها بناء علي مساحه المزرعه وبالطبع يمكن للمستورد أن يزيد هذا العدد من خلال تعامله مع اللجنه و بعد الحصول علي الموافقه الاستيراديه تبدا الشحنه في اتخاذ اجراءاتها التي لا تخلو ابدا و علي طول الخط من الاكراميات
و من الشروط التي تضعها الهيئه ان يتم وضع الطيور داخل المزرعه لمدة14 يوما كحجر بيطري لها و ان تحصل علي تطعيم انفلونزا الطيور مرتين خلال الـ14 يوما وهذا التطعيم يكلف المستورد علي اقل تقدير30 الف جنيه في حاله استيراده لـ75 الف طائر حيث تكفي الزجاجه الواحده للمصل لتطعيم1000 طائر و يكون سعرها200 جنيه ولكن هذا التطعيم لا يتم و هناك سببان الاول أن المستورد يستطيع ان يحصل علي اوراق التحصين بمبلغ اقل بكثير اذا استعمل ذكاءه و السبب الثاني والاهم ان الطيور لا تظل في الحجرلمدة14 يوما و لكنها تباع خلال24 ساعه!
وعندما سألت المستورد عن المبالغ التي يدفعها لتسهيل مهمه ولماذا يلجأ لها اذا كان مستوفيا لجميع هذه الشروط قال انه لا يهتم بهذه المبالغ لان مكسبه يصل الـ100% وخلال ايام معدودة فقط اما سبب لجوئه للرشوي مبررا فقال: الشريف بيعطلني!
ولكن المرتبات الضعيفة او الجو غير المناسب في العمل ليس مبررا للرشوي او لضعف النفوس هكذا بدأ الدكتور مصطفي عبد العزيز نقيب الاطباء البيطرين حديثه موضحا انه لابد من زيادة المستحقات للطبيب البيطري الذي يقوم بدور هام جدا في الحفاظ علي صحة الانسان في المقام الاول وايضا صحه الحيوان و الحفاظ علي الثروة الحيوانيه و تنميتها بما يتناسب مع الزيادة السكانيه و اثناء هذه المهمه يتعرض الطبيب للكثير من المخاطر التي قد تكلفه وقته و جهده وايضا صحته.
وبالرغم من عدم و جود تعينات حكوميه للأطباء البيطريين الا انهم يحاربون ايضا في ممارستهم للعمل الخاص فعلي سبيل المثال عندما ينشيء الطبيب البيطري عيادته الخاصه بعد حصوله علي تصريح من النقابه فتمر لجان من الادارة العامه للأرشاد بالهيئه العامه للخدمات البيطريه و تصر علي تحرير مخالفات له نظرا لوجود ادويه بيطريه بالعياده و تصر ايضا علي تحويل العيادة الي صيدليه بيطريه نظير ان يدفع الطبيب1000 جنيه للمعاينه و اصبح الامر يمثل ظاهرة خاصة بعد ان تم تحرير400 شكوي في محافظة البحيرة فقط!
فلماذ لا يتركوا الشباب ليستمروا في العمل الحر؟
وفي مجال التحاليل الطبيه ترفض لجان وزارة الصحه ان تصرح للأطباء البيطريين لانشائها بالرغم من ان القانون يكفل لهم ذلك ويضطر الطبيب الي رفع دعوي قضائيه حتي يحصل علي هذا الحق فلماذا هذه المماطله اذا كان الطبيب البيطري سيحصل من وزارة الصحه علي التصريح في النهايه؟
اما عن مشاكل المهنة نفسها فيشير النقيب الي ان تكليف الاطباء كان يضمن الخدمه البيطريه التي تعاني الان نظرا للقلة الشديدة في الاعداد فعدد المعينين في وزارة الزراعه نحو11,500 طبيب و لكن العاملين بالفعل6,500 طبيب و عود السبب في هذا الفرق العددي الي الاطباء الذين يحصلوا علي اجازات للعمل في الخارج او اعمال خاصه والخارجين سنويا علي المعاش.
الدكتور صبري عبد العزيز مدير عام الادارة العامه للأوبئه و امراض الدواجن بالهيئه العامه للخدمات البيطريه يري ان الأجر الذي يحصل عليه الطبيب البيطري يماثل اجر اي موظف حكومي ولكنه لا يتناسب مع الدور الذي يقوم به في حمايه الانسان و تقديم منتج حيواني سليم خالي من الامراض و ذاد العبء عليه بعد ظهور انفلونزا الطيور..
ويواجه الطبيب البيطري داخل المجازر العديد من المشكلات و كما يقال الشيئ بالشيئ يذكر فأن وضع المجازر في مصر كما وصفه نقيب البيطريين مخجل للغايه فلا يوجد سوي مجزرين فقط مستوفيان أقل القليل من الشروط الصحيه اما اذا تحدثنا عن المجازر المتوسطه او الصغيرة الموجوده بالمحافظات و القري فحدث و لا حرج عن كم التلوث وعدم تحقيق الحد الادني من الاشتراطات الصحيه!
واشار بعض الاطباء العاملين بالاداره العامه للمجازر ان اولي الصعوبات التي تواجههم هي عدم توافر الامكانيات داخل الهيئه فلا يوجد سيارات كافيه وكثيرا ما يتهرب السائقون من الخروج مع الحملات التي قد تمتد الي ساعات متأخرة من الليل لانهم لن يحصلوا علي اي اجر اضافي وقد يتعرضون للعنف من جانب المخالفين حيث لا يوجد اي حمايه للطبيب و الحمله كلها التي تضم مفتشين من التموين.
واشار طبيب اخر الي ضرور تغير الاختام التي عرفها الجميع واصبح من السهل تقليدها
وقال: كل جزار الان عنده ختم!!
وداخل المجازر يتعرض الطبيب الي كثير من المشاحنات مع العملاء وهم الجزارون الذين يتدخلون دائما في عمل الطبيب البيطري.