علي الرغم من أن شعار القمة الرابعة عشرة للاتحاد الافريقي جاء تحت عنوان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في افريقيا: تحديات وآفاق التنمية فإن أوضاع النزاعات والأزمات في دول القارة هيمنت علي مناقشات القمة
المناقشات التي شهدتها جلسات القمة, فضلا عن مناقشة موضوع تحويل المفوضية إلي سلطة الاتحاد, وهو الموضوع المطروح علي كل القمم الأخيرة, والذي تدفع به ليبيا الرئاسة السابقة للاتحاد الافريقي, وتعارضه معظم الدول الأعضاء في الاتحاد, كشف عن هوة عميقة تفصل بين واقع مرير تعانيه دول القارة وبين طموحات براقة لم تقرها القمة الأخيرة, فكانت النتيجة أحالتها للقمة القادمة في شهر يوليــو في العاصـــمة الأوغندية كمبالا.
وفيما يتعلق بحالة السلم والأمن في افريقيا, قدم رئيس مجلس السلم والأمن تقريرا للقمة استعرض فيه وضع السلم والأمن في افريقيا خلال العام المنصرم, خاصة في دارفور التي وصفها بأنها بمثابة تجسيد لأزمة أكثر شمولا تعصف بالسودان في مجموعه, وترتبط بعدم المساواة التي لا تزال تميز العلاقات بين وسط السودان وأطرافه, ويترتب علي ذلك استحالة التوصل إلي تسوية دائمة لأزمة دارفور إلا في اطار تسوية أزمة السودان علي أساس التحول الديمقراطي للبلاد المنصوص عليه في اتفاق السلام الشامل الموقع في يناير عام2005, كذلك قدمت لجنة الاتحاد الافريقي, رفيعة المستوي حول دارفور والتي مكثت في السودان أكثر من أربعين يوما, عددا من التوصيات تؤكد جميعها أن أزمة دارفور تتطلب تسوية سياسية وعملية تفاوضية تتناول جميع مسائل السلم والعدالة والمصالحة, وأن مفاوضات دارفور ينبغي أن تكون شاملة, أو بمشاركة جميع الأطراف المتحاربة المسلحة, وكذلك جميع أصحاب المصلحة الآخرين.
من جهة ثانية استعرضت القمة التطورات في إفريقيا الوسطي, وكوت ديفوار, والنيجر وليبيريا, وغينيا, وغينيا بيساو, وموريتانيا, وجزر القمر ومدغشقر, والصحراء الغربية ـ حيث أشار التقرير إلي عدم تسجيل أي تقدم في محاولة الخروج من المأزق الذي آلت إليه هذه الأخيرة.
ويكشف التقرير عن تدهور الوضع الإنساني في الصومال, برغم إعلان الرئيس شريف أحمد استعداد حكومته للحوار مع عناصر المعارضة المسلحة والعناصر المتشددة من المتمردين الذين يلتزمون بشجب العنف ووضع حد له, فعلي الرغم من هذا الانفتاح ظلت جماعتا الشباب وحزب الإسلام في عنادهما واستمرتا في ارتكاب أعمال العنف ضد حكومة الصومال وشعبها, وكذلك ضد بعثة الاتحاد الافريقي, منوها إلي القرار الذي اعتمده مجلس الأمن بفرض عقوبات علي اريتريا لقيامها من بين أمور أخري بتزويد الجماعات المسلحة المتورطة في تقويض السلام والمصالحة في الصومال وفي الاقليم بالدعم السياسي والمالي واللوجيستي استجابة للنداء الذي وجهه مجلس السلم والأمن في مايو الماضي لاتخاذ التدابير الفورية ضد اريتريا, وفي هذا الصدد لا تزال عملية السلام بين اريتريا واثيوبيا في الطريق المسدود. في الوقت ذاته, شهد اجتماع المجلس التنفيذي لوزراء خارجية الاتحاد الافريفي خلافا شديدا حول تحويل المفوضية إلي سلطة, وعدد الحقائب التي يجب أن تشملها سلطة الاتحاد مما تسبب في عدم اعتماد تقرير المجلس الوزاري الذي تم رفعه إلي القمة في سابقة ربما هي الأولي من نوعها, حيث استكمل المجلس التنفيذي اجتماعاته بعد اختتام أعمال القمة.
مصادر دبلوماسية مشاركة في الاجتماعات كشفت عن أن موسي كوسي وزير الخارجية الليبي الذي ترأس بلاده الاتحاد رفض فتح الجلسة المخصصة لاعتماد التقرير, واضطر المجلس إلي تكليف أقدم سفير برئاسة الجلسة التي استمرت حتي فجر اليوم الأول المقرر لبدء فعاليـــات القمـــة, وان المشاركين انتظروا مجئ كوسي من الساعة السابعة مساء وحتي الساعات الأولي من الفجر, الأمر الذي تم معه رفع الجلسة دون إقرار أي توصية, وأشارت المصادر إلي أن الموقف الليبي كان يصر علي وجود حقيبة للخارجية وأخري للأمن, بينما معظم الدول الافريقية ترفض هذا الطرح وبعضها يتعرض للضغوط.
وقالت المصادر انه بعد أن تم الاتفاق علي رفع النصين المختلف عليهما للقمة, فوجئ الوزراء برفض المفوضية طبع النصين بسبب وجود مشكلة, بينما اتهم البعض المفوضية بالتواطؤ, لكنها أي المفوضية قالت ان هناك من يضغط عليها في هذا الشأن في اشارة إلي ليبيا. يبقي أن نقول ان المشاركة المصرية في القمة الافريقية تصدت بكل حزم لمحاولة تغيير الموقف الافريقي من إصلاح مجلس الأمن, حيث أكد أحمد أبوالغيط وزير الخارجية رئيس وفد مصر للقمة التمسك بالحفاظ علي تفاهم ايزلويني وعدم تغيير المواقف الافريقية لأن تغييرها قبل بدء المفاوضات واتضاح نوايا الأطراف الأخري قد يلحق بالغ الضرر بالموقف الافريقي وتم الأخذ بالرؤية المصرية.
وحول مخاوف البعض من تولي مالاوي رئاسة الاتحاد الافريقي للدورة القادمة, قال وزير الخارجية ان مالاوي دولة افريقية من الجنوب, لكن العمل في الاطار الافريقي تجمعه الإرادة الجماعية للدول ولا تستطيع الرئاسة أن تفرض علي أحد أي رؤية, أخذا في الاعتبار بأن مالاوي في اطار إدارتها لهذا الموضوع كانت صادقة ومحايدة ولم تحاول التأثير علي أي من الأطراف التي تحدثت في هذا الموضوع, وفي خضم هذه القضايا هل وجدت القمة الـ14 الوقت الكافي لمناقشة موضوعها الرئيسي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المراقبون أكدوا أن هذا الشعار حظي بالاهتمام الكبير خاصة من وزراء الاتصالات في الدول الافريقية والذين مثلوا بلادهم تاركين السياسية لأهلها, لذلك أقرت القمة العديد من القرارات التي تؤكد أهمية استخدام الطاقات الكامنة التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاستثمار بشكل متزايد ومستمر في القضاء علي الفقر وتحسين الصحة العامة والتعليم وزيادة الانتاج الزراعي.